خبر أيأتي من الشرق؟ .. معاريف

الساعة 11:34 ص|03 ديسمبر 2010

بقلم: أمير بوحبوط

(المضمون: بعد بضعة اشهر سيُنزل محاربو حرس الحدود الاسرائيليون العلم ويُخلون المواقع على طول الحدود مع الاردن لجنود الجيش الاسرائيلي. هذا الامر يثير احتجاجا في المجالس الاقليمية لكنهم في الجيش على قناعة بأن الحديث عن اجراء ناجع - المصدر).

تجتذب الحدود بين اسرائيل ومصر الآن أكثر الانتباه بسبب الاعلان ببدء العمل في بناء جدار، يرمي في الأساس الى صد ظاهرة المتسللين. ينتهي في الخلفية بناء جدار الفصل وتنشأ حلقة أمنية حول يهودا والسامرة. جعلت هذه الحقائق جهاز الأمن يستعد لظواهر مصاحبة تنبع من الاجراءات.

"ستؤثر النتيجة المباشرة للاجراءين في حدود اسرائيل مع الاردن"، يُقدر عنصر أمني رفيع المستوى. "إن ضغط التهريبات، والمتسللين ومحاولات تنفيذ عمليات سينتقل الى حدود الاردن، ولا سيما الى جزئها الجنوبي الذي تُمكّن التضاريس فيه من وصول مريح. باختصار هذه قنبلة موقوتة متكتكة".

إن منطقة البحر الميت قرب الحدود الاردنية تشغل ضباطا كبارا في قيادة المركز. فهؤلاء يصرفون انتباها كبيرا الى حركة الفلسطينيين الذين يستطيعون اليوم الوصول بلا عائق تقريبا الى شواطيء البحر الميت. تُجري قوات الجيش الاسرائيلي في هذه المنطقة دوريات دائمة وتبذل قدر استطاعتها في جهود تقنية جديدة لاحباط كل محاولة ارهابية في هذه الحدود السلمية. وقد أثار إبداع قيادة المركز فكرة اخرى وهي شراء قطع بحرية خاصة تبحر في البحر الميت وتصيد كل من يحاول تنفيذ تهريبات من الجانب الاردني، لكن الامر لم ينضج ليصبح تنفيذا.

إن جولة على طول الحدود الاردنية تكشف عن غبار، وذباب مضايق وأراض مفتوحة بلا جدار توشك أن تصبح الازمة القادمة لدولة اسرائيل. والسؤال الجديد هو من سيعالج الازمة المتوقعة أقوات حرس الحدود أم محاربو الجيش الاسرائيلي.

المزايا والنقائص

في منتصف سنة 2011 سيُنزل محاربو حرس الحدود العلم عن الصاري ويُخلون المواقع على طول الحدود الاردنية لجنود احتياط. تحتج جهات رفيعة المستوى في المجالس الاقليمية على الاجراء بزعم أن السلطة والمعلومات التي جمعتها قوات حرس الحدود تفوق كثيرا جدا تلك التي في أيدي قوات الاحتياط أو كتائب نظامية من قيادة الجبهة الداخلية. ويزعم ضباط في قيادة الجبهة الداخلية في مقابلة ذلك أن التكاليف الاقتصادية لحرس الحدود على الحدود مع الاردن عالية لا تناسب فيها، ومن اجل زيادة الجدوى في الجانبين العملياتي والاقتصادي سيتم نقل القوات الى مناطق احتكاك في يهودا والسامرة وتأتي مكانها قوات نظامية واحتياطية. أكد ضابط رفيع المستوى يعمل في منطقة الحدود أن "الحديث عن حدود سلمية تمر منها مخدرات شديدة كالهوروين والكوكايين. لست أرى الجيش يحارب هذا".

يرى الضابط ان النقائص تزيد على المزايا. ويفخر الضابط بمشروع أساسي "دائم"، يُجند لصفوفه مواطنين من المنطقة تجري عليهم اعدادات ويلبسون ملابس حرس الحدود ويتلقون سلطة اعتقال وتفتيش ويساعدون في الأمن الجاري في منطقة المستوطنات. "سيتلاشى هذا عندما نغادر"، يقول. "لا يستطيع قائد لواء ميداني في الجيش الاسرائيلي تحريك اجراء كهذا". تزعم جهات في جهاز الأمن أن استعمال شبكة العملاء في منطقة الحدود سيذهب سُدى. "لا يجمع الجيش معلومات استخبارية جنائية وعيونه في المجال الجنائي هي الاستخبارات التي يستعملها حرس الحدود في الميدان. وفي صراحة سيُمحى عشرات العملاء. لا يمكن نقلهم الى الجيش ويوجد عند شرطة المنطقة الجنوبية سلم أفضليات مختلف. قبل شهر فقط داهمت قوات حرس الحدود قبيلة موزعة مسؤولة عن التهريبات وصادرت 14 سيارة فخمة. لا سلطة للجيش الاسرائيلي أن يفعل هذا عندما لا نكون هنا، ولن تفعل الشرطة الزرقاء هذا بسبب تخصيص موارد مختلف".

كان رد متحدث الجيش الاسرائيلي: "تم في السنة الأخيرة في الجيش الاسرائيلي عمل مقر عمل فحص عن الرد العملياتي في مواجهة التهديدات والتحديات العملياتية في منطقة الجنوب، مع الفحص الموازي عن التحديات في جبهات اخرى، بازاء مجمل الموارد التي يملكها الجيش. مع الانتهاء من ذلك أبلغ الجيش الشرطة وحرس الحدود اغلاق حرس الحدود في العربة، وأن تحل محله قوات من الجيش الاسرائيلي ملائمة للمهام الميدانية. سيفضي هذا الاجراء الى تحسين الفاعلية العملياتية بل الى زيادة الجدوى الاقتصادية".

تحت السطح

الرائد عوديد أفلالو (33 سنة)، قائد سرية "ك.و" التي تعمل على طول الحدود مع الاردن. تُقاس منطقته من بلدة عيدان في العربة الى مفترق حتروريم. وهو محور طوله 63 كم. تبدو الحدود هادئة لا مثيل لها، كما تتوقعون من حدود سلمية لكنه يجري تحت السطح نشاط كما يقول أفلالو. "نسيطر على خط دوريات مكشوفة وخفيّة، ومواقع مراقبة في نشاط عال ومنخفض"، يُبيّن قائد السرية، الذي يوجَّه بزمزمة البيفر الذي يُبلغه نتائج نشاط مُحاربيه.

تتلوى المنطقة حتى منطقة الفنادق في البحر الميت وبرك تبخير مصانع البحر الميت. "في رأس سلم أولويات قوات حرس الحدود على الحدود منع الارهاب. تقع تحت مسؤوليتي ثلاث بلدات – عين تيمر، ونفيه زوهر ونئوت هكيكار. في مصانع البحر الميت ثلاثة آلاف عامل. وينام في معدل يومي في الفنادق 13 ألف شخص، بحيث أن الأسرة مشغولة على الدوام. واذا لم يكن هذا كافيا فانه يقع تحت مسؤوليتنا ايضا موقع متساده".

بحسب قول الرائد أفلالو يتم التعرف على كل حركة يُشتبه فيها في منطقة برك التبخير بوسائل تقنية متقدمة تُمكّن من التعقب وارسال خلية للتثبيط الى المكان. "لا يوجد هنا هدوء من جهتنا"، يُبيّن الرائد أفلالو. "توجد تحذيرات جديدة من نوايا، ويوجد استعداد عملياتي عالٍ. نحن نطارد المجال الجنائي وكأن الحديث عن شبح لانه لا نعلم متى يقرر مهرب مخدرات أن يهرب معه وسائل قتالية أو مخربا".

يشير ضابط استخبارات حرس الحدود في الفرقة الى الجدار الخلفي في مكتب قائد السرية. أُلصقت وراء ستار صور رؤوس عائلات الجريمة في المنطقة الذين يسكنون في الشتات البدوي. وقع في السنين الأخيرة اربع عمليات اعتقال على حدود اسرائيل مع الاردن، وفيها ايضا قارب اجتاز من الاردن الى اسرائيل وعليه وسائل قتالية خُصصت بحسب التقديرات للمنظمات الارهابية. "يوجد غير قليل من نقاط الضعف في المنطقة بسبب المناطق الشاسعة"، يُبيّن أفلالو. "وقعت ثلاث محاولات تهريب في السنة الاخيرة من الاردن الى يهودا والسامرة. في احدى الحوادث ضُبط مهربون من بيت لحم مع 50 كغم من الهيروين، وهذه كمية ضخمة. وأُحبطت محاولتان أخريان".

يُجلّون في المنطقة المستوى العملياتي لقوات الأمن الاردنية، التي توجد على صلة دائمة بوحدة الربط مع الاجانب في الجيش الاسرائيلي. كل سؤال عن واقعة شاذة في المنطقة تجيب عنه سريعا القوات في الجانب الاردني. "هذه حدود نشيطة من الجانب الجنائي لكننا لا نستطيع المخاطرة"، يُبيّن ضابط الاستخبارات، "نحن مشغولون طول الوقت بالتفكير من أين ستأتي المفاجأة. تقرر تعزيز القوات حول الفنادق في البحر الميت ولهذا أُقيم هناك برج مراقبة متقدم على نحو دائم. وقدرة المحاربين على جمع وحشد معلومات عن المنطقة مع معرفة الارض على مرور الزمن زيادة على ذلك".

إن الخوف الرئيس عند جهاز الأمن في اسرائيل هو من قارب مطاطي ذي محرك، يدخل البحر الميت من قبل الاردن ويستطيع في غضون عشرين دقيقة أن يصل الجانب الاسرائيلي وينفذ عملية. "نُقدّر أن الاردنيين يحبطون الكثير من المحاولات"، يُبين أفلالو ويؤكد أن تفوق حرس الحدود في المنطقة هو سلطة العمل الشرطي الى جانب القدرات القتالية. يفخر قادة السرية أنهم مدربون لكل مهمة عسكرية وفي ضمن ذلك "طنجرة الضغط" التي تُمكّن من مواجهة امكانية أن يتحصن مخرب غدا في احدى البلدات ويضطرون الى اجراء تفاوض معه بل الى اختراق مبنى لتحرير رهائن.

"لنا قدرات عسكرية كما لكل محارب في الجيش الاسرائيلي، لكن ميزتي أنني لا استطيع تنفيذ اعتقال على الحدود فقط بل أن أجمع معلومات استخبارية في المنطقة كلها واوقف كل مشتبه فيه وإن لم يقترب من الحدود ايضا".

بحر هيروين

ينون نهري، ابن الـ 33، هو قائد سرية "ل.د" المسؤولة عن منطقة الحدود من القرية الزراعية عيدان، مرورا بعين حصبة وعين ياهف وشرقي الشارع 90. المنطقة التي تقع تحت مسؤوليته تشمل 70 كم من محور معوج. في شهر آب من هذا العام اجتاز مهرب اردني الحدود ووصل الى فندق رامون. استجدى المهرب للحصول على الماء وشرب سريعا ثلاث زجاجات. أبلغ عمال المكان الذين لاحظوا الشخص الغريب الشرطة عن ذلك ووصل الى المكان قصاصو أثر ومحاربون من حرس الحدود. بيّن التحقيق انه اجتاز الحدود تاركا وراءه أكياسا فيها هيروين وزنها 15.8 كغم بقيمة ملايين الشواقل. كان يفترض بحسب الخطة أن يلقاه تاجر مخدرات من الشتات البدوي لكن نقطة اللقاء تغيرت وكُشف المهرب في اللحظة التي زاد فيها عطشه.

يثير محور التهريب، الذي يبدأ في لبنان مرورا بالاردن ثم الى اسرائيل، القلق عند القادة في الميدان خاصة وفي جهاز الامن عامة. "نحن دولة مرور. حدود مخدرات شديدة تأتي من لبنان. يمزجون في اسرائيل المخدر ويتم تصديره الى دول اخرى"، يُبين الرائد نهري. "لا يعلم أحد منا متى يقرر حزب الله أو منظمات جهاد عالمي لزوم محور تهريب المخدرات ومحاولة دفع عمليات الى الأمام. ومن اجل هذا نحن هنا ذوي سلطة مزدوجة للعمل الشرطي والحربي الذي يجمع معلومات عن كل ما يحدث في المنطقة لا في الحدود فقط بل في الشارع ايضا. إن شاحنة توقف على جانب الشارع وتثير الشك يفحصها محاربون في دورية يستطيعون اجراء تفتيش ايضا. هكذا نجحنا في ملاحظة تهريب الحشيش قبل عدة اشهر".