خبر درس 29 تشرين الثاني.. اسرائيل اليوم

الساعة 11:32 ص|03 ديسمبر 2010

بقلم: ليئور ألفاروفتش

(المضمون: هذا اليوم 29 تشرين الثاني، يوم التقسيم، يمكن للفلسطينيين بالتأكيد أن يستغلوه في صالح التفكير بمستوى التفكر السياسي المخلول الذي عانوا منه، حينما بدلا من أن يساوموا فضلوا التمترس عند مطالبهم والقتال (والخسارة). نمط التفكير هذا لا يزال يميز القيادة الفلسطينية حتى عصرنا هذا - المصدر).

29 تشرين الثاني هو يوم جدير بالاشارة لانه يُعبر عن نجاح الفكرة الصهيونية. في هذا اليوم الخطة الصهيونية الاساسية – تلقي ميثاق من أمم العالم لغرض اقامة دولة يهودية، خطة صيغت في الكونغرس الصهيوني الاول في بازل – أصبحت واقعا. ولكن أكثر من أي شيء آخر يُعبر هذا اليوم عن واقع تاريخي تشوش جدا في العقود الماضية، وجدير أن نعطي في ذلك في هذا اليوم بالذات الرأي.

الأمر الاول هو مجرد القرار الذي قضى بتقسيم بلاد اسرائيل الانتدابية الى دولتين، واحدة يهودية والثانية عربية. بمعنى أن يوم انتهاء الانتداب البريطاني الذي تقرر بموعد 14 أيار 1948، يفترض أن يكون يوم الاستقلال المشترك للدولتين الجديدتين، اليهودية، والى جانبها العربية. بيد أنه في الوقت الذي خرج فيه اليهود للاحتفال في الشوارع، شرعت الجيوش العربية، تساندها العصابات المحلية برقصة الخرائب. الهجوم الاول وقع منذ صباح يوم القرار، مع قتل خمسة مسافري باص يهودي كان يسافر قرب قرية سركين. وبهذا أُعطيت  الاشارة لبداية المرحلة الاولى، مثلما يُسمي ذلك المؤرخ بني موريس، في الحرب الأهلية في بلاد اسرائيل – فلسطين، الحرب التي استمرت حتى منتصف 1949، حين وقعت اسرائيل على اتفاقات الهدنة مع مصر، لبنان، الاردن وسوريا.

الهجوم العربي المبادر اليه ليس فقط لم يحقق أهدافه، أي تصفية الحاضرة اليهودية في البلاد، بل انتهى بتغيير جغرافي – سياسي واسع. وتضمن هذا التغيير تعديلات حدودية وانتقال مئات آلاف الاشخاص في كل أرجاء الشرق الاوسط. عرب من اسرائيل فروا الى البلدان العربية المجاورة، ويهود من البلدان العربية هاجروا الى الدولة اليهودية. في نهاية المطاف، في اعادة صياغة لقصيدة الحاخام شلومو ابن غبيرون، بدلا من أن يكون 14 أيار يوم الورود، جعله العرب، بسخافتهم، يوم مصيبتهم، أو كما يسمونه هم "النكبة".

ولكن فضلا عن الآثار الجغرافية – السياسية لقرار الامم المتحدة، فان هذا هو اليوم الذي يُعبر عن براغماتية الفكرة الصهيونية. ففي نهاية المطاف كان يدور الحديث عن تقسيم البلاد. ذات البلاد التي لا يزال تقسيمها ذا صلة حتى في عصرنا هذا. غير أنه في تلك الايام كان واضح المقابل لدفع ثمن التقسيم: اقامة دولة يهودية سيادية في الطرف الغربي من بلاد اسرائيل؛ مقابل، في نظرة له الى الوراء، بالتأكيد برر ثمن التنازل عن فكرة البلاد الكاملة والموعودة.

من المجدي، اذا، اعطاء الرأي بالدرسين اللذين يُفهمان من الاحتفال بـ 29 تشرين الثاني، لنا ولجيراننا. الاول هو بالنسبة للمسؤولية التاريخية للفلسطينيين عن مصيرهم. هذا اليوم يمكنهم بالتأكيد أن يستغلوه في صالح التفكير بمستوى التفكر السياسي المخلول الذي عانوا منه، حينما بدلا من أن يساوموا فضلوا التمترس عند مطالبهم والقتال (والخسارة). نمط التفكير هذا لا يزال يميز القيادة الفلسطينية حتى عصرنا هذا.

الامر الآخر يرتبط بالفكرة التي تقبع في أساس قرار قيادة الحاضرة في البلاد بتأييد قرار التقسيم. فقرار الامم المتحدة شق الطريق لتجسيد الفكرة الصهيونية، والتي انطوت على التطلع لاقامة الدولة اليهودية. ولكن هذا التجسيد ما كان ليتحقق دون خط تفكير براغماتي، واقعي وواعٍ قادته قيادة الحاضرة.

لا يعني الأمر أن قيادة الحاضرة تخلت عن الملكية التاريخية لاقاليم البلاد إياها، بل فضلت أن تكتفي بنصف الكأس الملأى على الكاملة غير المتحققة، وهي حاجة لا تزال سارية المفعول في عصرنا هذا.