خبر حذارِ: الكشف يثير الملل.. معاريف

الساعة 11:32 ص|03 ديسمبر 2010

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: يتحدث الكاتب عن أن الوثائق التي كشف عنها "ويكيليكس" لا تكشف للقاريء الذكي عن الكثير لكن أثرها انها ستُقرب اليوم الذي يتحدث فيه أصحاب المناصب الرفيعة الى محاضر الجلسات على نحو يختلف عن حديثهم اليها اليوم - المصدر).

هذا الاسبوع، كما في كل اسبوع تقريبا، أجرى مسؤول رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي ارشادا للصحفيين. حضر في الغرفة كل اعضاء خلية المراسلين العسكريين، ومندوبو متحدث الجيش الاسرائيلي والرقابة. أُعدت الامور في حرص فلم يوجد هنا ظل تسريب. عُرّف الحديث بأنه "خلفية عميقة"، أي لا للاقتباس ولا للنسبة. من شبه المؤكد أن هذا الحظر سيتم المحافظة عليه لكن ليس من المؤكد أن تخسروا كثيرا من هذا. اذا استثنينا موضوعا واحدا أو اثنين، فان أكثر الكلام كان مشابها لما يقوله مندوبو الجيش الاسرائيلي في الجهات الرسمية ايضا – ولا سيما لجنة الخارجية والأمن التي تعمل مثل حفل صحفيين لكبار المسؤولين. وصف رئيس "أمان" التارك عمله عاموس يادلين في المدة الاخيرة في اللجنة مخطط الحرب القادمة، وتقدم المشروع الذري الايراني وسائر الامور في جدول العمل. يصعب أن نفترض أن يادلين قال هناك في مستوى الادراكات شيئا يختلف عما يقوله في ارشاد مغلق، أو في لقاء مع مندوب امريكي رفيع المستوى أو حتى في جلسة هيئة القيادة العامة. فهو لم يدخل في أي من هذه الاماكن في التفصيلات السرية التي تتحدث كيف تم احراز المعلومات التي أفضت الى التقدير. إن أكثر الادراكات بالمناسبة يستطيع أن يصوغها كل مواطن معني عنده الوقت والعلم والقدرة على دخول الانترنت.

وينطبع في النفس ايضا أن هذا مضمون أكثر الامور التي تم نشرها من جبل معلومات "ويكيليكس". تصف الوثائق محادثات وأفكارا واقتباسات يمكن الوصول الى أكثرها في وسائل الاعلام المفتوحة لدولة غربية، ولا تفاجيء أي قاريء منطقي. وهذا شأن العلاقات بين قادة اسرائيل في 2007، وعلاقة الجمهور الاسرائيلي باهود اولمرت، وأفكار رئيس الموساد المتعلقة باسقاط النظام الايراني، أو قلق الاسرائيليين لسير طهران نحو القنبلة – اذا أردنا أن نذكر فقط عددا من الموضوعات القريبة منا. وهذا شأن الاشياء التي يفترض أن تسبب حرجا عاما بل احتكاكا مثل إلحاح نظم حكم عربية ما على الامريكيين أن يهاجموا ايران. لم نكن نحتاج الى برادلي ماننغ، المُسرّب الامريكي الأعظم، لنعلم أن السعودية تفضل أن يختفي نظام آيات الله من العالم.

فماذا يوجد هنا اذا؟ يوجد في الأساس كشوف عن الاسلوب وبهجة السر. مثل السباب الذي يلذ الأذن لبوتين أو ميركل أو ساركوزي والذي لا يُلزم سوى من وقع عليه، والأهمية التي يعطيها ختم "سري للغاية" حتى لوثيقة عادية. والقراءة تضيء بضوء سخيف شيئا ما ايضا الضرر العظيم الذي حذرت منه السلطات الامريكية عشية نشر الوثائق: لانه يصعب أن نفكر من سيُعرض للخطر نتيجة كشف يقول إن بوتين يُسمى "ذَكَر ألفا". إن بقاء الموظف الخلاق في موسكو سيقصر شيئا ما في الحد الاقصى.

وهذا كما يبدو هو الذي سيتغير في أعقاب الكشف وهو أن الناس سيبدأون الحذر فيما يقولون ويكتبون. إن البرقية القادمة التي ستصف حديثا مع رئيس الموساد أو محلل رفيع المستوى ستصاغ بحيث لا تورط كاتبها حتى لو تم الكشف عنها. إن روح ماننغ ستحلق في غرف المباحثات وقُرب ألواح طباعة الحاسوب، وتقضي على الجميع بالحذر الشديد.

يتم جزء كبير من عملنا بأحاديث ليست للاقتباس. تأمل أن يكون الشخص الذي يجلس قبالتك أكثر انفتاحا وأن يُزيل خطوط دفاعه ويُمكّنك من النظر الى كلامه بجدية أكبر. وهكذا تكون أكثر التزاما أن تتذكر الوضعية التي يتحدث عنها لكنك تأمل على الأقل أن تأخذها نقيّة. تُقرب تسريبات "ويكيليكس" أكثر اليوم الذي لا يتحدث فيه الناس الى محاضر الجلسات بنفس الكلمات التي يتحدثون بها اليها بالضبط. من السخيف الثورة على روح الزمن الكاشفة، ومن السخيف الاشتياق الى ايام كان المرء يستطيع التعبير فيها بحرية وأن يعتقد في أحسن الحالات أن يُنشر كلامه بعد أن يموت بكثير. يجوز أن نقول إن ضوء الشمس ربما يُعقم لكنه في الأساس ينشيء مللا ذا لون واحد أساسه الرغبة في عدم التورط.