خبر « جوّال ».. أرباح خيالية وخدمات سيئة!!

الساعة 12:03 م|02 ديسمبر 2010

"جوّال".. أرباح خيالية وخدمات سيئة!!

فلسطين اليوم: غزة - "الاستقلال"

تعتبر شركة "جوال" واحدة من أكثر المؤسسات الفلسطينية الخاصة التي تعرضت في الآونة الأخيرة لانتقادات لاذعة من مختلف شرائح المجتمع ومؤسساته ولاسيما الحقوقية منها؛ بسبب سوء الخدمة التي تقدمها لمشتركيها، والتي ألقت الشركة بالمسئولية عنها على شماعة الحصار والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، قاطعة على نفسها الوعود بالعمل الجادّ لإيجاد حلول وبدائل للأزمة المتفاقمة.. غير أن "جوال" فاجأتنا مؤخراً بطرح (بطاقات شرائح) جديدة بمقدمات تحمل المقدمة (6، 5) في الأسواق، الأمر الذي يطرح عديدا من التساؤلات حول السبب الحقيقي وراء سوء جودة الخدمة التي تقدمها هذه الشركة للجمهور.

"الاستقلال" بدورها وضعت شركة "جوال" تحت المجهر، وأجرت عديدا من اللقاءات الصحافية مع المواطنين والمتخصصين في مجالات الاتصالات والمؤسسات الحقوقية، واستمعت لمبررات الشركة، واطّلعت على دور وزارة الاتصالات من تلك الشكاوى.

سئمنا شماعة الكهرباء

يقول الإعلامي علاء النملة: "للأسف انتقلنا من أزمة: (نأسف! لا يمكن الوصول) إلى (الشبكة مشغولة) وانقطاع الاتصال أكثر من مرة خلال المكالمة الواحدة، الأمر الذي يزيد من تكلفة المكالمة التي تثقل جيوب المواطنين"، متسائلاً: "أليس من المفترض أن تتحمل الشركة تكاليف فصل الاتصال خلال المحادثة الواحدة لأكثر من مرة..؟".

ويتابع حديثه: "سئمنا من الشعارات والرسائل القصيرة التي تُعلق مشكلة الضغط الموجود في شبكة جوال على شماعة الاحتلال والحصار وانقطاع الكهرباء، في الوقت الذي نرى فيه كثيرا من الشركات والمؤسسات الكبيرة تستخدم المولدات الكهربائية في غزة للمحافظة على استمرار تقديم خدماتها إلى جمهورها دون انقطاع"، عازياً السبب الحقيقي وراء تفاقم الأزمة إلى عدم وجود شركات اتصالات أخرى منافسة لـ"جوال" أسوة بالضفة الغربية ودول الجوار.

البحث عن بديل

أما الموظف عبد الكريم حجازي فعبر عن استغرابه الشديد لقيام شركة جوال بإصدار وطرح شرائح جديدة في الأسواق في ظل أزمة الضغط على الشبكة دون العمل على تطويرها وزيادة سعتها!!.

ويقول حجازي: "نحن في غزة ندفع لشركة جوال أضعاف سعر المكالمة المحلية والدولية بالمقارنة مع دول الجوار، وفي المقابل لا نحظى بذات الخدمة التي يحصلون عليها"، متسائلاً: "هل المطلوب من المواطن الغزي أن يقبل بما تقدمه له شركة جوال، في ظل عدم وجود بديل آخر؟!". لافتاً إلى أن الشركة أجبرته على دفع قيمة فاتورته التي لم يستفد منها بشيء خلال فترة العدوان الصهيوني على غزة أواخر عام (2008)، حيث توقفت الشركة عن العمل.

فيما رأى زميله (أبو جمال) أن ما تقوم به شركة جوال من حملات دعائية عبر (SMS) "نوع من الابتزاز لجيوب المواطنين والتفنن في خداعهم"، مؤكداً أن كثيرا من المواطنين الذين فازوا في الحملات التي أعلنت عنها جوال لم يحصلوا على جوائزهم منذ خمس سنوات مضت بحجة إغلاق المعابر.

أزمة مفتعلة

وللوقوف على نظرة المتخصصين إزاء سوء خدمات شركة جوال، أكد الخبير في مجال الاتصالات م. رامي مقداد -مدير شركة "فيوجن"- أن مشكلة شركة جوال يمكن حصرها في شقين: الأول، متعلق في المجال الفني، حيث أن السعة المحددة في الكنترول أقل من عدد الشرائح الموزعة على المواطنين والتي تؤدي إلى المشغولية الدائمة، والشق الثاني: سببه غياب الرقابة في توزيع وتخطيط خلايا الشبكة المنتشرة بصورة عشوائية وغير مدروسة"، مستبعدا تماما أن يكون انقطاع الكهرباء السبب الرئيس في الضغط على شبكة جوال، كون الأزمة موجودة قبل مشكلة الكهرباء.

وقال مقداد: "من غير المعقول أن يحاول المواطن الاتصال عشرات المرات مدفوعة الأجر لإجراء مكالمة تلفونية"، مؤكداً أن جودة الخدمة الموجودة في "جوال" لا تتوافق ومقاييس الاتحاد الدولي للاتصالات.

وأوضح مقداد أن تعليق سوء خدمة جوال على انقطاع الكهرباء أمر غير مبرر، حيث أنه يدخل إلى الشركة عبر المعابر يوميا كثير من المعدات، وهي ملزمة بتقديم أفضل الخدمات لجمهورها في ظل أسوأ الظروف، مؤكداً إلى أن ضخّ شرائح جديدة إلى السوق في ظل الأزمة سيزيد من عدد مرات الفصل.

ويرى الخبير في مجال الاتصالات ضرورة أن ينخفض سعر مكالمة جوال بالمقارنة مع دول الجوار، لافتاً إلى ما تحققه الشركة من أرباح خيالية تقدر بعشرات ملايين الدولارات شهرياً.

أسعارنا طبيعية

وللاطلاع على مبررات الشركة حول شكاوى المواطنين ورأي المتخصصين، قال أ. رامي الأغا -مدير دائرة التسويق والعلاقات العامة في شركة "جوال" بغزة-: "مشكلة فصل الاتصال مرتبطة بصورة أساسية أولاً بتوفير خدمة الكهرباء التي تغذي الأبراج ومحطات التقوية، وثانياً بسياسة سلطة الاحتلال التي تمنع إعطاء أي ترددات جديدة للشركة؛ مما يؤدي إلى سوء جودة الاتصال"، مشيراً إلى أن الشركة استطاعت خلال هذا العام إدخال نحو (110) مولد كهربائي لزوم تشغيل محطات التقوية في حال انقطاع التيار الكهربائي للتخفيف من الأزمة.

وعن مدى تأثير إصدار شرائح جديدة على شبكة "جوال"، بين الأغا أن الشركة تمكنت في العام الماضي والحالي من إدخال عشرين محطة عوضاً عن تلك التي تم تدميرها في الحرب الصهيونية على القطاع وبعض المعدات، الأمر الذي مكنها من إعادة بيع شرائحها بكميات محدودة، موضحاً أن انقطاع التيار الكهربائي حال دون تأمين جودة الاتصال، وبذلك إيقاف بيع الشرائح بكميات تجارية لدى معارض الشركة والموزعين لضمان الحد الأدنى من جودة الاتصال للمشتركين، معتبرا أن جودة الاتصال الخلوي في فلسطين تقع ضمن المعايير الدولية، رغم جميع الصعوبات والمعوقات.

مراقبة مستمرة

ومن جهته، أكد مدير مكتب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة غزة م. جلال إسماعيل، على جهود وزارته الحثيثة لمتابعة ومراقبة شركة جوال عبر الزيارات الميدانية المكثفة للوقوف على شكاوى المواطنين ومتابعتها ومناقشتها مع الفنيين لمعرفة سبب سوء جودة الخدمة ومعالجتها مع الشركة إن أمكن، لافتاً إلى أن وزارته طلبت من "جوال" وقف تفعيل الشرائح التي طرحتها سابقاً والتي تم بيعها في الأسواق، حيث أن الشبكة لا تتحمل هذا الكمّ من الشرائح، ولا توجد مولدات تضمن تشغيل محطات التقوية.

ووجه مدير مكتب م. إسماعيل دعوة إلى الشركة الوطنية للعمل في قطاع غزة، لافتاً إلى حصولها على ترخيص من عهد الحكومة العاشرة يسمح لها بالعمل، غير أن الأوضاع السياسية والممارسات الصهيونية تقف حجر عثرة أمام دخولها إلى غزة.

"لكل حادث حديث"

ومن جانبه أكد خليل أبو شمالة -مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان- تصميم مؤسسته على مواصلة الدفاع عن حقوق ومصالح المواطنين أمام أي جهة كانت، مبيناً استعدادها التام لاستقبال شكاوى المواطنين المشتركين في خدمة جوال، ومتابعتها مع الجهات المتخصصة بالشركة.

وحول مدى عزم مؤسسة الضمير على متابعة شكاوى المواطنين إزاء شركة جوال قضائياً، قال أبو شمالة: "سنتابع شكاوى المواطنين مع الشركة، ولكل حادث حديث"، مشيراً إلى أن مؤسسة الضمير بصدد مراجعة "جوال" لسؤالها عن أسباب تراجع مستوى خدماتها.