خبر هل من جديد في الموقف من الدولة ذات الحدود المؤقتة؟- هاني المصري

الساعة 07:04 ص|30 نوفمبر 2010

 هل من جديد في الموقف الفلسطيني من خيار الدولة ذات الحدود المؤقتة؟

 هل من جديد في الموقف الفلسطيني من خيار الدولة ذات الحدود المؤقتة؟

يطرح هذا السؤال نفسه بعد خطاب الرئيس أبو مازن في المجلس الثوري لحركة فتح حيث قال بالحرف الواحد: عيونهم على الدولة ذات الحدود المؤقتة، وقد طرحها بعض المسؤولين الإسرائيليين الكبار، لكن هي مرفوضة من حيث المبدأ، لماذا ؟ لأن الدولة ذات الحدود المؤقتة لو قبلنا بها ليومين فستكون هي الدولة ذات الحدود الدائمة ودون القدس، وهذا مرفوض، ولكن إذا كانت في إطار معروف النهاية فمن الممكن التفكير فيه، أما غير هذا فلن نقبل به إطلاقاً.

هذا الكلام يحتوي أمراً جديداً، فهو يمثل إذا تم اعتماده رسمياً، وإذا لم يكن زلة لسان أو مناورة انتقالاً من الرفض المطلق لخيار الدولة ذات الحدود المؤقتة إلى القبول المشروط بها. لكن من السابق لأوانه اعتبار ما ورد في خطاب الرئيس موقفاً جديداً؛ لأن بيان المجلس الثوري لحركة فتح أكد دعم الموقف الذي عبر عنه أبو مازن برفض الدولة ذات الحدود المؤقتة، وصرح نبيل شعث بأن ما نقل عن موافقة الرئيس على الدولة ذات الحدود المؤقتة غير صحيح وغير دقيق.

أما عندما سئل نمر حماد، مستشار الرئيس، في مقابلة مع قناة الجزيرة حول تفسير ما جاء في حديث الرئيس فقال إن خيار الدولة ذات الحدود المؤقتة إذا جاء ضمن اتفاق إطار يحدد مراحل الحل يمكن قبوله على أن يتم رسم الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية خلال سنوات قليلة.

إذا كان ما تحدث حوله حماد يمثل الموقف الرسمي فإنه يعكس تغييراً في الموقف.

لقد أعرب الرئيس أبو مازن ومعه القيادة الفلسطينية عن رفض مطلق وحتى الأسنان لخيار الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة منذ طرحها كخيار في خارطة الطريق، وانتقدت القيادة الفلسطينية وثيقة أحمد يوسف التي تحدثت أو يمكن أن تؤدي إلى قبول دولة ذات حدود مؤقتة في إطار الحل الذي تطرحه حماس لإقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967 مقابل هدنة طويلة الأمد.

المفارقة أن حماس انتقدت بشدة على لسان أكثر من قيادي فيها ما أسمته الموقف التنازلي الجديد بخصوص الدولة ذات الحدود المؤقتة. فما هو مقبول من طرف مرفوض من الطرف الآخر والعكس صحيح.

إن الذي يعطي لهذا الأمر أهميةً خاصةً جداً، هو أن الهوة الشاسعة جداً بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي لا تسمح بالاتفاق على حل نهائي عادل أو متوازن في المدى المنظور، لا في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية ولا مع التي بعدها، إلا إذا كان حلاً تصفوياً للقضية الفلسطينية يحقق الأهداف والشروط الإسرائيلية. فإذا كان مجرد الاتفاق على تجميد الاستيطان بشكل جزئي ومؤقت باستثناء القدس يستغرق كل هذا الوقت وتطالب إسرائيل بالحصول على ثمن غال جداً مقابله، فبماذا ستطالب مقابل رسم الحدود أو الانسحاب من القدس أو حل مشكلة اللاجئين أو إزالة المستوطنات أو جزء منها، لذا فإن المطروح فعلياً حلاً تصفوياً، وأقصى ما يمكن تحقيقه في ظل موازين القوى الراهنة والمعطيات المحلية والعربية والإقليمية والدولية هو حل انتقالي جديد مع تصور متكامل للحل غامض حتى توافق عليه إسرائيل بحيث يفسره كل طرف كما يحلو له، وطبعاً الطرف الأقوى على الأرض هو الأقدر على فرض التطبيق المناسب له.

إن موافقة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على إطار للحل يحدد السقف النهائي والمراحل المختلفة التي تشمل دولة ذات حدود مؤقتة دون موافقة إسرائيل أمر صعب جداً و لكنه ليس مستحيلاً إذا كان يمكن أن يوفر الغطاء الفلسطيني والعربي لمثل هذا الحل.

فإذا كان توقيع الحكومة الإسرائيلية برئاسة إسحق رابين على اتفاق أوسلو لم يؤد إلى التزام الحكومات الإسرائيلية التي أعقبتها بالالتزامات الإسرائيلية الواردة فيه خصوصاً بالنسبة لإعادة الانتشار الثالث الذي كان من المفترض أن تطبق وتشمل معظم مساحة الضفة الغربية؛ ما أدى إلى انهيار اتفاق أوسلو عملياً بالنسبة لإسرائيل دون إلغائه رسمياً، فكيف سنضمن تنفيذ أي اتفاق جديد توقعه أية حكومة إسرائيلية، أما الاتفاق الذي لا توقعه إسرائيل وتضمنه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي فقط فمن المعروف سلفاً أن إسرائيل لن تطبقه.

إن إسرائيل على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية، أبلغت السلطة الفلسطينية علناً وسراً أن أقصى ما يمكن أن تحصل عليه في هذه المرحلة هو دولة ذات حدود مؤقتة تستثني القدس واللاجئين ومعظم المستوطنات والحدود الدائمة تحت عنوان تأجيلها للتفاوض في وقت لاحق بعد فترة انتقالية طويلة جداً تتأكد فيها إسرائيل من إقامة ترتيبات أمنية تحول دون تحول الدولة الفلسطينية العتيدة إلى خطر يهدد إسرائيل. وإن عليها أن تقبل بذلك وإذا رفضت فيمكن أن تخسر كل شيء.

على الفلسطينيين جميعاً، وعلى قيادتهم تحديداً، أن تحسم أمرها وتقرر:

إما أن تقبل بخيار الدولة ذات الحدود المؤقتة قبولاً مفتوحاً دون شروط لأن الانتقال من الرفض المطلق إلى القبول المشروط سيؤدي إلى القبول المفتوح، وإلى استئناف المفاوضات وفقاً لما هو مطروح. هذا مع العلم أن أفضل ما يمكن أن يؤدي إليه السير في طريق المفاوضات مجدداً عودة السلطة إلى ما كانت عليه قبل 2892000، أكثر أو أقل. وبهذا تقدم السلطة على مغامرة غير محسوبة تظهر من خلال دفع ثمن لبضاعة اشترتها سابقاً مرة أخرى.

أو أن ترفض السلطة بالمطلق هذا الخيار، وما يفرضه ذلك من ضرورة رفض لاستئناف المفاوضات دون وقف شامل للاستيطان وتحديد مرجعية وواضحة وملزمة للمفاوضات تستند إلى القانون الدولي و قرارات الأمم المتحدة، وتسعى لتوفير ضمانات حقيقية وآلية وملزمة وبسقف زمني سريع للتطبيق.

إن لكل طريق نختاره سياسته وأدواته ومراحله وأثمانه.

الطريق الأول، طريق أوسلو والحل الانتقالي جرب وأوصلنا إلى ما نحن فيه.... إلى الكارثة.

الطريق الثاني هو طريق تعزيز الصمود واستعادة الوحدة الوطنية وتنظيم مقاومة شاملة مثمرة وبناء المؤسسات الضرورية لتحقيق الأهداف الوطنية، واستعادة البعد العربي والدولي للقضية الفلسطينية. فأيهما نختار ؟؟؟

إن عدم الاختيار واتباع سياسة انتظارية على أمل أن تتغير الحكومة الإسرائيلية الحالية وتحل محلها حكومة سلام لن يجدي لأن إسرائيل تتجه نحو المزيد من التطرف والعدوان والعنصرية، ما يجعل موقف اللاموقف لا يمنع قيام الدولة ذات الحدود المؤقتة باتفاق أو دون اتفاق وإنما يمهد الطريق لها وان بشكل غير مقصود.

إن إسرائيل تقوم بتنفيذ حلها على الأرض دون انتظار نتيجة المفاوضات وتستخدم المفاوضات بالحد الأدنى للتغطية على ما تقوم به من فرض حقائق احتلالية على الأرض، وبالحد الأقصى تطمح للحصول على الشرعية الفلسطينية من خلال موافقة القيادة الفلسطينية على الحل المفروض سلفاً. وهذا يجعل كل ما نقوم به دون المبادرة لشق طريق إستراتيجي جديد من بناء للمؤسسات وغيره، وما قد نقوم به من إعلان جديد للدولة سينتهي إلى دولة الأمر الواقع، دولة البقايا!!!.