خبر مثل ولد في حانوت ألعاب -هآرتس

الساعة 09:08 ص|29 نوفمبر 2010

 

مثل ولد في حانوت ألعاب -هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: بعض الاستنتاجات الأولية عن نشر الوثائق السرية لوزارة الخارجية الامريكية - المصدر).

ما يشعر به ولد في حانوت ألعاب. من المؤكد أن هذا هو الرد السائد لأناس الاستخبارات والباحثين من الجامعات والصحفيين ومجرد الفضوليين إزاء تسونامي الوثائق الذي حرره أمس موقع "ويكيليكس" اعتمادا على التسريبات السرية لوزارة الخارجية الامريكية. الدبلوماسية، كالتجسس، مبنية على الاخفاء وعلى الاتفاقات الصامتة وفي حالات كثيرة ايضا على الأكاذيب. رُفع الستار الآن. لا شك في أنه حدث ضرر عظيم بأمن الولايات المتحدة وحرج ضخم لعلاقاتها بحليفاتها. وفي مقابلة ذلك توجد قيمة لا يُستهان بها للمعلومات التي تزودنا بها الوثائق، والتي ستُمكّن فيما بعد من تكوين صورة أصدق عن الأحداث في قضايا حاسمة.

        إن ضغط الزمن أمس قد سمح بنظرة خاطفة فقط تكاد تكون عرضية الى شيء قليل ضئيل من جبال الوثائق. وبطبيعة الأمر، ينحصر الاهتمام الاسرائيلي أكثر بالقضايا المتعلقة بالشرق الاوسط. اليكم عددا من الاستنتاجات الأولية:

•       الاهتمام الامريكي بايران عظيم. إن الذين يتهمون الولايات المتحدة بعدم الاكتراث بالخطر الذري من طهران لا يعلمون ما الذي يتحدثون عنه. فقد استعملت واشنطن ضغوطا عظيمة واغراءات وتهديدات لتحريك عقوبات على طهران ولجمع معلومات عن نواياها في مقابلة ذلك. وأدركت دول اخرى من فرنسا حتى اذربيجان الخطر. يُسمي مستشار خاص للرئيس نيقولا ساركوزي سلوك ايران "انعطافة"، في حديث الى مبعوث امريكي الى باريس. ويزيد المستضيف قائلا انه يعمل في طهران "نظام فاشي".

أما جارات ايران فتستعمل ضغطا متواصلا على الامريكيين لمهاجمة المنشآت الذرية. بيّن عبد الله ملك السعودية قبل سنتين ونصف، انه يُحتاج الى عملية حاسمة سريعة. "إقصفوا ايران، وإلا فستضطرون الى تعلم العيش مع قنبلتها"، يُحذر مسؤول اردني رفيع المستوى الامريكيين. منذ سنين تشكو اسرائيل معيارا مزدوجا، واحدا باللسان وآخر بالقلب تستعمله الدول العربية المعتدلة. فثمة إلحاح سري على الاسرائيليين أن يضربوا ايران واصابعها حماس وحزب الله ثم تأتي بعد ذلك تنديدات علنية بأعمالها. والآن تُعرض الامور علنا. "انهم يكذبون علينا ونحن نكذب عليهم"، يصف رئيس حكومة قطر علاقاته بالايرانيين. يبدو أن هذا صحيح في كل مكان وأكثر من ذلك في الشرق الاوسط.

•       تضغط اسرائيل ايضا على الامريكيين، لكن تظهر هنا في هذه الاثناء مفاجآت أقل. فكما تبين في الماضي في وسائل الاعلام، اسرائيل أكثر تشاؤما من الامريكيين فيما يتعلق بالجدول الزمني الايراني للقنبلة. فقد أوضح وزير الدفاع اهود باراك في حزيران 2009 للامريكيين أنه بقيت نافذة أزمان ذات "ستة اشهر الى ثمانية عشر شهرا" لهجوم فعال. بعد ذلك، يقول باراك "قد يكون الضرر البيئي في ايران غير مقبول". تُبلغ سفارة الولايات المتحدة في تل ابيب ان الجيش الاسرائيلي أكثر ميلا من الماضي للهجوم الاسرائيلي أو الامريكي. ان صفقة للتزويد بـ "قنابل مخترقة للملاجيء" يُتفق عليها في هدوء كي لا يتم اتهام الولايات المتحدة بالمساعدة على الاستعدادات الاسرائيلية.

•       الامريكيون أنصار مشهورون للتكنولوجيا وبقدر لا يقل عن ذلك للحلول التكنولوجية التي تضمن أكبر قدر من حضور المعلومات. لكن قضية "ويكيليكس" تدل مرة اخرى على ان الاستخبارات والدبلوماسية ليسا أمازون أو يو تيوب. عندما يُقال "كل المعلومات في مكان واحد"، يجب أن يؤخذ في الحسبان انه سيأتي في نهاية الامر شخص ما خائب الأمل فيجمعها كلها لينشر كل شيء للجميع.

•       في مستوى أكثر عموما، بدا العالم أمس أكثر انكشافا وربما يصبح بالتدريج ايضا أقل فهما لسكانه. انهار نظام التغطية المعقد الذي تستعمله الحكومات. سيضطر من يشتغلون بالنشاط السري الى أن يأخذوا في الحسبان في المستقبل ان كل شيء قابل للتسريب: الاتفاقات السرية واللقاءات التي لم تتم، والكلام القذر في الصباح التالي.

والآن بقي أن نأسف فقط لان تلك الوسائل الضخمة التي حررها هنا من يعرضون انفسهم بأنهم محاربون في جبهة حرية التعبير والمعلومات، لا تُستعمل على دول أقل ديمقراطية كايران وسوريا. كان من المثير أن نعلم، بنفس القدر وربما أكثر، ما الذي يحدث الآن ايضا في الغرف المغلقة لوزارات الخارجية – والجهات الاستخبارية على التحقيق ايضا – في طهران ودمشق.