خبر بين غالنت وبار ليف .. هآرتس

الساعة 11:29 ص|26 نوفمبر 2010

بقلم: آري شبيط

(المضمون: قضايا الفساد في الجيش والشرطة وإن لم تكن متشابهة من جميع الجوانب فانها تدل على فساد النظام وأجهزة السلطة - المصدر).

يوجد عدة خطوط تشابه بين قضية هيئة الاركان العامة وقضية المقر العام للشرطة. فيوئاف غالنت واوري بار ليف ايضا قائدان ناجحان من الجنوب، هددا قائديهما الأعليين. وغالنت وبار ليف ايضا ضابطان قويا الحضور ونشيطان، وذوا رأي مستقل ونهج متميز. وغالنت وبار ليف ايضا ذوا صلات وصداقات ومُحبان للحياة الممتعة. انفجر الى جانب كل واحد منهما لغم جانبي قوي جدا في اللحظة الحاسمة من حياتهما المهنية.

لكن التشابه بين القضية التي تهز جيش الدفاع الاسرائيلي وبين القضية التي تعصف بشرطة اسرائيل تشابه وهمي. كان اللغم الجانبي الذي ترصد غالنت لغما باطلا. فان المقرب من رئيس هيئة الاركان افترى فرية على قائد منطقة الجنوب وعلى وزير الدفاع كي لا يحل قائد منطقة الجنوب محل رئيس الاركان. في مقابلة ذلك، اللغم الجانبي الذي انفجر قرب بار ليف لغم لم تتضح نوعيته. لكن من الواضح أن ليس مقرب القائد العام للشرطة هو الذي افترى فرية على من كان قائد الجنوب في الشرطة.

لم يبحث مقربو القائد العام للشرطة عن مواد تأثيمية لزميلهم في الشرطة ووزير الأمن الداخلي. في حين أن القضية الشرطية قضية محدودة، القضية العسكرية هي قضية في الجهاز.

إن قضية بار ليف هي قضية جنسية. وهي تثير البحث عن الخبايا والغرائز والنفاق الذي تثيره القضايا الجنسية. لا يهم الجمهور أن يكون بار ليف انشأ علاقات جنسية عاصفة بامرأة أو اثنتين أو عشر. في مقابلة ذلك اذا كان بار ليف قد فرض نفسه على النساء فيجب أن يجري الحكم عليه. فلا يجوز على أي وجه من الوجوه لرجل أن يمس بحرية امرأة.

مهما يكن الأمر، ليس للقضية بُعد عام ذو أهمية حقيقية. والانشغال بها مصاب بالخلط المعروف بين البورنوغرافيا والنفاق. كل ما يمكن ان نقوله الآن بتأكيد، أن الذي أشعل القضية ليس القائد العام للشرطة دودي كوهين. ولما كان الامر كذلك فليست القضية قضية منظمة بل قضية شخص. وسواء أكان المُفترون على بار ليف محقين أم لا، فليس عندهم شيء أو نصف شيء مع الوضع التنظيمي والقيمي للشرطة.

إن قضية غالنت هي قضية عصيان. يصعب في عصر اعلام اصفر – احمر جدا تفسير أهمية ذلك للجمهور. ليس فيها جنس، وليس فيها علاقة ثلاثية، وليس فيها تقبيل وضم على الاعشاب الخضراء. كل ما فيها محاولة ضباط من الجيش التمرد على الديمقراطية الاسرائيلية وفرض سلطتهم عليها. وكل ما فيها شهادة على أنه قد سيطر على الجيش الاسرائيلي معايير مركز حزب فاسد. إن القضية التي كان غالنت ضحيتها برهان على أنه قد حدث في السنين الاخيرة شيء سيء جدا لهذه المنظمة العسكرية وقادتها وقيمها.

لهذا تحتاج قضية بار ليف الى حسم جنائي سريع قاطع، أما قضية غالنت فتحتاج الى تحقيق عميق شامل.

ستُنسى قضية بار ليف سريعا، أما قضية غالنت فستكون ذات صدى زمنا طويلا. فالقضية العسكرية بخلاف القضية الشرطية ذات آثار وجودية.

تتمّاس قضية اللواء وقضية النقيب في شأن جوهري واحد فقط. فكلتاهما تدل على أن التنافس في المناصب الرسمية قد أصبح عنفا. وكلتاهما تدل على أننا نُسارع الى الخوزقة. وكلتاهما تدل على أننا نحصر عنايتنا في كل ما هو تحت الحزام. لا يدور النقاش حول قدرات شخص، وتجربته ومدى ملاءمته. يدور النقاش على بيته وجيبه وسريره. ومن نتيجة ذلك أن الاسود أصبح ابيض، وأصبح الابيض أسود. وأصبح السمين غثّا، والغث سمينا. ينهار مقياس القيم، والساحة العامة مسمومة. عندما تصبح النميمة هي الصحافة الجديدة وعندما يصبح البحث عن الخفايا هو السياسة الجديدة فلا يوجد احتمال لوجود العظمة.

أما زال أحد يأمل أن يكون لنا في المستقبل رئيس حكومة مثل تشرتشل أو دافيد بن غوريون؟ أما زال أحد يأمل أن يكون لنا قادة عسكريون مثل يغئال الون أو اسحق رابين؟ لا أمل. إن النار السيئة التي تُحرق كل صنوبرة وأرزة لن تترك لنا سوى الرماد.