خبر أفْضال انتخابات.. هآرتس

الساعة 11:16 ص|26 نوفمبر 2010

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: من المهم جدا للحزب الحاكم في مصر أن يُقيد المعارضة المصرية قُبيل الانتخابات الرئاسية في 2011. وانتخابات مجلس الشعب في يوم الاحد فرصة ممتازة لفعل ذلك - المصدر).

لم تنجح اللغة الدبلوماسية المُنقّاة وتبادل الاطراء بين القاهرة وواشنطن الاسبوع الماضي في إخفاء الغضب المتبادل. فقد طلبت الولايات المتحدة الى مصر أن تسمح لمراقبين اجانب بأن يحضروا انتخابات مجلس الشعب التي ستُجرى يوم الاحد القريب، أما مصر فترى هذا الطلب تدخلا في شؤونها الداخلية. "يبدو أن الولايات المتحدة تُصر على عدم احترام خصوصية المجتمع المصري، وتصدر عنها تصريحات تضر بقوميتها"، هاجمت وزارة الخارجية المصرية.

سارعت سفيرة الولايات المتحدة في القاهرة، مارغريت سكوبي، الى تسكين النفوس. "ليس هذا تدخلا في شؤون مصر الداخلية"، قالت، "لا نريد سوى تشجيع صديقة قريبة جدا منا". وقالت إن الانتخابات مهمة جدا للشعب المصري، الذي من المؤكد انه يريد أن يشارك أكبر عدد ممكن منه في الجهاز السياسي المصري. وأن تُمثل حكومته عناصر المجتمع. اذا لم يكن هذا تدخلا فمن المثير أن نعلم كيف يبدو التدخل. ولا يقل عن ذلك إثارة للاهتمام أن نعلم هل تريد واشنطن أن تكون حركة الاخوان المسلمين التي هي خارج القانون في مصر جزءا من "الجهاز السياسي".

تعلم واشنطن لماذا تحتاج معارك الانتخابات في مصر الى رقابة خارجية، كما تعلم الادارة المصرية بالضبط لماذا يكون المراقبون الاجانب وباء سيئا. فتزوير النتائج، وشراء الاصوات، واعتقال أناس المعارضة (ولا سيما المنافسون المستقلون الذين يقف من ورائهم الاخوان المسلمون)، وتهديد المعارضين بل المس الجسمي بهم ظواهر رتيبة في معارك انتخابية سبقت.

عرض موقع "إيلاف" الذي نجح مراسله في القاهرة، صبري حسنين، في اجراء مقابلات صحفية مع نساء مصريات أساس كسبهن قائم على "زعرنة الانتخابات" مثلا مثيرا عن سلوك معركة الانتخابات. فهؤلاء النساء مستعدات "لاحداث مشكلات" لمنافسي زبائنهن – مثل أن يختلقن تحرشا جنسيا أو اغتصابا أو استعمال السلاح البارد عليهم والمس بأبناء عائلاتهم – لكنهن مستعدات ايضا لتنظيم احتفالات نصر أو مجامع تأييد.

لكل "خدمة" كهذه ثمن، وعلى حسب بحث قام به رفعت عبد الحميد، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الداخلية المصرية، تحدد سعر الانتخابات القريبة. على سبيل المثال، ستجبي النساء نحوا من 47 ألف جنيه مصري اذا نجحن في التسبب بخسارة مرشح، وسيكلف تفجير اجتماع انتخابات لمرشح 10 آلاف جنيه مصري، والتهديدات الهاتفية 1000 جنيه مصري، والهجوم بالسكين 4.000 جنيه مصري، وضربات تُسبب الموت 15.000 جنيه مصري، بل إهانة المرشح الخصم بنشيد شعبي ممكن مقابل 500 جنيه مصري للساعة.

لا يكتفي هؤلاء النساء اللاتي يعمل بعضهن في اعمال عادية كالحلاقة أو بيع الخضراوات في الأسواق، بايام الانتخابات لكسب شيء ما جانبي. فهن يُقدّمن في الايام العادية ايضا خدماتهن، التي تشتمل على جباية ديون ومس بأزواج يرفضون دفع نفقات أو تزوجوا بنساء أخريات مخالفين رغبات نسائهم. بل إنهن احيانا يساعدن "أناس أجلاء" على الانتقام من مخالفين للقانون مسوا بهم وعجزت السلطات عن المساعدة. "نحن نعمل لمنع الظلم"، قالت احدى من أُجري معهن لقاء صحفي؛ "نحن نقوم بالفضل"، وللفضل ثمن.

اذا كانت زعرنة النساء على المرشحين ظاهرة ضئيلة لا تكاد تُرى فان نشاطات السلطة لتحديد عدد المرشحين من المعارضة أمر منتشر جدا.

قررت وزارة الداخلية مثلا أن تبدأ دعاية الانتخابات في 14 تشرين الثاني فقط، قبل يومين من عيد الاضحى الذي استمر اربعة ايام، وهو أمر ضاءل جدا امكانية دعاية فعالة. ولما كان لم يُكتب في ورقة تعليمات المرشح في صراحة أي الوثائق يجب أن يعرضها على لجنة التسجيل، فان المسجلين يستطيعون التنكيل بمرشح كما شاءوا. على حسب قرار اللجنة العليا للانتخابات، يجوز لمرشح أن يُنفق حتى 200 ألف جنيه مصري على دعاية انتخابات، لكن السلطة تستطيع في واقع الأمر أن تختار أي المرشحين تفحص عنهم، وأن تغض النظر بذلك عن مخالفات مرشحين من الحزب الحاكم وأن تحقق وتقدم لوائح اتهام على معارضيها.

ثمة سبل اخرى للسيطرة على الانتخابات مثل تهديد جمعيات حقوق الانسان – التي تنوي مراقبة الانتخابات – بأن تُسلب رخصتها؛ وحظر بث مباشر لمقابلات صحفية في الشارع إلا بعد أن تحصل محطات التلفاز على إذن خاص من اتحاد المذياع والتلفاز الحكومي. وأُغلقت محطات تلفاز دينية قبل عدة اسابيع، وتحدث صحفيون عن انهم يتلقون مكالمات هاتفية مجهولة تُحذرهم من "الأخذ بموقف".

ليس مجلس الشعب المصري حلبة منافسة سياسية حقّة، ولن تُغير الانتخابات في الاسبوع القادم ايضا تركيبته جوهريا. سيظل الحزب الديمقراطي الوطني، أي الحزب الحاكم، يحوز الأكثرية فيه، بل ليس واضحا هل ينجح الاخوان المسلمون الذين سيمثلهم مرشحون مستقلون في تسجيل انجاز أهم مما أحرزوا في 2005، حينما حصلوا على 88 مقعدا من 454 من مقاعد مجلس الشعب.

برغم هذا، من المهم للحزب الحاكم هذه المرة خاصة أن يعرض نصرا كاسحا، كي يُثبط المعارضة التي تُعِّد نفسها للمنافسة المهمة حقا ألا وهي انتخابات الرئاسة التي ستجري السنة المقبلة. ما زال الرئيس حسني مبارك لم يقرر هل ينافس في هذه الانتخابات أم يعتزل. وما يزال ابنه جمال مبارك لم يوضح ما هي خططه اذا اعتزل الرئيس. سيُريد الحزب الحاكم، الذي يسيطر على اجهزة الدولة اذا أن يضمن استمرار سيطرته في كل واحد من السيناريوهات.