خبر كتب هاني المصري..لا تقبلها يا أبو مازن

الساعة 08:21 ص|23 نوفمبر 2010

كتب هاني المصري..لا تقبلها يا أبو مازن

 

الموقف الفلسطيني سيكون في وضع حرج جداً إذا تبلورت الصفقة الأميركية – الإسرائيلية وإذا تمت كتابتها ووافقت عليها الحكومة الإسرائيلية.

فإذا رفض الرئيس أبو مازن المشاركة في المفاوضات على أساس تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر مع استثناء القدس وبحيث يكون التجميد للمرة الأخيرة مقابل مكاسب استراتيجية إسرائيلية أمنية وسياسية وعسكرية لا تطال الوضع الراهن وشروط استئناف المفاوضات فقط، وإنما تمتد لتشمل كل أو معظم قضايا الوضع النهائي، فإن الإدارة الأميركية ستحمل الجانب الفلسطيني المسؤولية عن انهيار المفاوضات وعملية السلام وستقوم بممارسة عقوبات ربما تصل إلى المقاطعة، وستترك يد إسرائيل طليقة لتفعل ما تشاء ضد الفلسطينيين.

وإذا وافق الرئيس أبو مازن على المشاركة في المفاوضات سيقدم على مغامرة غير محسوبة العواقب، أشبه ما تكون بانتحار سياسي، لأن التفاوض سيفقد معناه بعد ان تحصل اسرائيل على كل هذه المكاسب مقابل تجميد جزئي ومؤقت للاستيطان وفي هذه الحالة سيهبط سقف الموقف الفلسطيني إلى الهاوية. فالتفاوض في ظل الاستيطان في القدس وبدون مرجعية ومع التزام أميركي بالموقف الإسرائيلي يعني عملياً إسقاط القدس واللاجئين والكتل الاستيطانية ومبدأ الانسحاب الى حدود 67 . وهذا يجعل الحل الإسرائيلي الحل الوحيد المطروح وأن على الفلسطينيين قبوله أو قبوله. إن التفاوض في ظل موقف أميركي يوافق على أن إسرائيل دولة يهودية وعلى أخذ الحقائق التي أقامتها إسرائيل منذ احتلال عام 1967 وحتى الآن بالحسبان، وعلى ضرورة بقاء سيطرة إسرائيل على الحدود مع الأردن وعلى الأغوار حتى بعد قيام دولة فلسطينية، وعلى إقامة ترتيبات أمنية تحفظ أمن ودور وسلام إسرائيل بالمستقبل إضافة طبعاً إلى الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي على العرب مجتمعين، ليس تفاوضا وإنما فرض شروط وأهداف وإملاءات إسرائيل على الفلسطينيين.

إن أوباما سيدفع ثمناً باهظاً للوفاء بوعده للتوصل إلى سلام خلال عام، حتى لو وصل إلى حد تبني وجهة النظر الإسرائيلية بالحل.

كما أن التفاوض بعد إقرار الضمانات الأميركية لاسرائيل يجعل المفاوض الفلسطيني في وضع سيئ جدا وخطر جدا لأنه لن يفاوض بعد الان إسرائيل فقط وإنما إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأميركية، وهو يعرف أن إسرائيل حصلت على كل ذلك مقابل تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر، فعلى ماذا ستحصل مقابل توقيع معاهدة سلام أو اتفاقية إطار؟

إن عدم معقولية الصفقة دفعت حتى دان كيرتزر السفير الأميركي السابق بإسرائيل إلى القول إن الإدارة الأميركية ستندم على تقديم هذه الرشوة لإسرائيل، إسرائيل ستندم عليها كذلك.

إن المطلوب من القيادة الفلسطينية أن تعمل بسرعة لمنع إتمام الصفقة التي سيدمر ابرامها أية إمكانية للتوصل إلى سلام أو حل متوازن للصراع. بدلاً من ذلك اثر الموقف الفلسطيني حتى الآن عدم اتخاذ موقف من الصفقة على أساس أنها لم تقدم رسمياً للقيادة الفلسطينية ولم تقر من الحكومة الإسرائيلية ولكنه عبر عن رفضه لربط الشق الأمني بتجميد الاستيطان، على أساس أن لا دخل للفلسطينيين بالموضوع، مثلما لا دخل لهم بتعريف إسرائيل لنفسها. كيف ذلك لا أدري . فإسرائيل دولة يهودية يعني إسقاط حق العودة والرواية التاريخية الفلسطينية وحرمان فلسطينيي 1948 من حقوقهم ومكافأة إسرائيل على تطرفها وتعنتها بهذا السخاء كيف لا يعني الفلسطينيين رغم أنه يفتح شهية إسرائيل على المزيد من العدوان والاستيطان والعنصرية وتقطيع الأوصال.

كما تضمن الموقف الفلسطيني مطالبة بأن يشمل تجميد الاستيطان القدس وإن عدم تحقيق ذلك لن يمكن الفلسطينيين من المشاركة بالمفاوضات، وأن المفاوضات ستستمر في كل يوم يستمر فيه التجميد، وستتوقف إذا استمر الاستيطان.

تراهن القيادة الفلسطينية على رفض الحكومة الإسرائيلية للصفقة لأن هناك أصواتاً وازنة في الحكومة تدعو لرفضها لأن المكاسب المطروحة بها هي استحقاق إسرائيلي على الولايات المتحدة الأميركية يفرضه التحالف الاستراتيجي والعلاقة العضوية التي تربط بينهما، وهي الثمن الذي أخذته وستأخذه إسرائيل كتحصيل حاصل وبدون مقابل مقابل دورها الوظيفي الذي يساعد على استمرار النفوذ والمطامع الأميركية في المنطقة.

كما تراهن القيادة الفلسطينية على أن تكون الصفقة أقل سوءا مما جاء في التسريبات الإسرائيلية حولها، وعلى أن يشمل التجميد القدس. وأن تكون المفاوضات القادمة مخصصة للأمن وترسيم الحدود.

وتعرف القيادة الفلسطينية أن الاتفاق على ترسيم الحدود خلال ثلاثة أشهر صعب جداً، إن لم يكن مستحيلا في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، ما سيحمل إسرائيل المسؤولية في اليوم الواحد والتسعين مع عدم نجاح المفاوضات. قال نتنياهو إن فترة التجميد لن تكرس للتفاوض حول قضية الحدود ولكن لنقاش مجمل القضايا الأساسية ما يعني أنها غير قابلة للاتفاق حولها. وما لم يقله نتنياهو صراحة قاله عوزي أراد مستشاره للأمن القومي حين قال إن التوصل لحل نهائي مع أبو مازن غير ممكن وبالتالي فإن اتفاقاً جزئياً أفضل من لا شيء.

إن ثمن المشاركة في المفاوضات في ظل الصفقة الأميركية – الإسرائيلية كبير جداً، وأكبر من ان يستطيع اي مفاوض مخلص لقضيته وشعبه قبوله. وإذا وافق المفاوض الفلسطيني في ظل هذه الشروط على استئناف المفاوضات يتجاوز الخطوط الحمراء، وبعدها لن يستطيع أن يرفض ما يعرض عليه، وإذا رفض سيتحمل المسؤولية عن انهيار المفاوضات، ولكن سيكون عندها في موقف أصعب وأسوأ من موقفه الحالي، سواء فلسطينيا، لأن الضعف والانقسام الفلسطيني سيتعمق إذا استؤنفت المفاوضات في ظل الشروط الأميركية والإسرائيلية، أو عربياً لأن العرب لن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين وهم جاهزون لإعطاء الفلسطينيين عبر لجنة المتابعة الغطاء الذي يحتاجونه لاستئناف المفاوضات وفقاً لأية شروط ما داموا لا يملكون الإرادة لفتح طريق بدائل وخيارات أخرى، أو دولياً لأن العالم لا يستطيع أن يفعل للفلسطينيين شيئاً إذا اختاروا أن يضعوا أنفسهم تحت رحمة الاحتلال وفريسة للمفاوض الأميركي والإسرائيلي، وإذ استمروا بالسير وراء طريق المفاوضات المباشرة العبثية بعد أن صار واضحاً أن السير فيه لا يؤدي إلا إلى تصفية القضية الوطنية من جميع جوانبها.