خبر أين السادات عندما نحتاج اليه؟ -هآرتس

الساعة 11:27 ص|22 نوفمبر 2010

أين السادات عندما نحتاج اليه؟ -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: القيادة العربية تحجم الآن عما فعله السادات في 1977 إذ زار القدس والتزم للاسرائيليين عدم نشوب حروب بعد. لو فعل الزعماء العرب فعله اليوم لقرُب السلام - المصدر).

"ريح عظيمة هبت فجأة/ وقُرعت أجراس السلام بقوة. الرئيس السادات/ هبط في اسرائيل/ هل وقع هذا أم حلمنا حلما؟". كُتبت هذه الكلمات المتأثرة في الثاني والعشرين من تشرين الثاني 1977، بيدي موشيه ديان الخشنتين. غداة زيارة الرئيس المصري للقدس ترك هذه المقطوعة من خمسة الأبيات لمستشاره القريب، اليكيم روبنشتاين. يروي من أصبح بعد ذلك قاضيا في المحكمة العليا، في كتابه "طرق السلام" (1992)، والذي حظي بأن عاش غير قليل من الأحداث المؤثرة، عن اللحظة التي فُتح فيها باب طائرة أنور السادات في مطار بن غوريون، "سيُذكر ذلك في قلبي الى الأبد بتأثر لا شبيه له".

        بعد أن سبى السادات قلوب الاسرائيليين بخطابه عن "لن تكون حرب بعد" في الكنيست وبزيارته لـ "يد واسم"، بثلاث وثلاثين سنة، عادوا للانطواء على انفسهم وراء أسوار الكراهية والآراء المسبقة. في مقالة تُنشر في كتاب جديد يُبلغ الدكتور نتع أورن، والدكتور عيران هلبرن والبروفيسور دانيال بار-طال عن بحث أجروه يقول ان نحوا من 80 في المائة من الاسرائيليين – اليهود يعتقدون أن العرب مُحتالون، وأنهم لا يولون حياة الانسان قيمة كبيرة ويفرضون على اسرائيل حروبا برغم رغبتها في السلام ("عقبات السلام في الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني"، المحرر: يعقوب بار – سيمان – طوف، اصدار معهد القدس لبحوث اسرائيل).

        بعد عشر سنين من نشوب انتفاضة الاقصى واثارة زعم "لا شريك" من قبل اهود باراك، يؤمن 44 في المائة من الاسرائيليين – اليهود ان أكثر الفلسطينيين يريدون السلام (في مقابلة 64 في المائة في 1999). ليس الصدود عن "التنازلات للعرب" من نصيب حفنة من "الهُوج"، شهوتهم لقبور الآباء تصيبهم بالجنون. عادت اسرائيل لتصبح شعبا كبيرا من المواطنين الذين يرون السلام شركا خطرا يُلقيه العرب وشركاؤهم من "اليسار" عند أقدام الساسة الضعاف. ويعتقد 71 في المائة منهم ان هدف العرب القضاء على اسرائيل. لا يوجد في الواقع ولا في الأفق، زعيم اسرائيلي يستطيع أن يفرض على هذا الجمهور الكبير "نقل اراض الى العرب".

        اعتاد السادات ان يقول إن "ثلثي الصراع العربي – الاسرائيلي عامل نفسي". اجل إن زيارة واحدة من الزعيم العربي لعاصمة اسرائيل أزاحت جانبا ثلاثين سنة عداء، والخوف والشك. بعد اربع سنين من قتل آلاف من أبناء الاسرائيليين أو جرحهم في حرب قاسية مع مصر، مسحوا دمعة لرؤيتهم رئيس مصر يصافح رئيس حكومتهم. وبعد نصف سنة من الانقلاب السياسي الذي جاء بالليكود لتولي السلطة، حدث انقلاب ايضا في صورة تصور الجمهور الاسرائيلي للعدو العربي ومشاعره نحوه. أيدت الاكثرية الكبرى من الاسرائيليين وفيها أكثر اعضاء الليكود اخلاء المستوطنات في اقليم يميت، والعودة الى الحدود الدولية في الجبهة الجنوبية بل الاعتراف بحقوق الفلسطينيين الشرعية.

        في تموز من السنة الماضية نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالة كتبها ولي عهد البحرين، عنوانها "على العرب محادثة الاسرائيليين". وجّه الشيخ سلمان بن حامد آل خليفة انتقادا الى القيادة العربية التي لا تعرف أن تثبت للاسرائيليين مزايا مبادرة السلام العربية من آذار 2002. "يمكن أن نغفر لاسرائيلي يظن أن كل صوت مسلم يقطر كراهية"، كتب آل خليفة، وختم بقوله: "للتوصل للسلام يجب علينا أن نفعل أكثر، والآن".

        بقيت دعوة الأمير البحريني صوتا في الصحراء العربية (فهو نفسه رفض اقتراح الموقِّع أعلاه منح مقابلة صحفية لصحيفة "هآرتس"،"). تصر القيادة العربية على النظر الى الحوار مع المجتمع الاسرائيلي على انه جزء من "التطبيع" – و "ثمرة السلام" التي سيحظى الاسرائيليون بتذوقها فقط بعد ان يلتزموا الانسحاب من جميع الاراضي. يدحض روبنشتاين زعم أن السادات جاء الى القدس في تشرين الثاني 1977 بعد أن وُعِد فقط باستعادة سيناء كلها. أدرك السادات ان الاسرائيليين الذين علمتهم الحروب لا يكتفون بالسلام. انهم يريدون صنع الحب معهم.

        ماذا كان يحدث لو وضع الرئيس حسني مبارك، وعبد الله ملك الاردن وعبد الله ملك السعودية مع محمود عباس طاقة ورد في "يد واسم" ووعدوا من فوق منبر الكنيست قائلين "لا حرب بعد"؟ هذا أسهل كثيرا مما يُطلب الى اسرائيل فعله أي أن تجلي عشرات الآلاف من الناس عن المستوطنات وأن تُقسِّم القدس.