خبر سلام لزملائي الصحفيين .. هآرتس

الساعة 06:19 م|21 نوفمبر 2010

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: يدعو الكاتب الصحفيين الاسرائيليين الذين سيجتمعون في مؤتمرهم السنوي في ايلات الى القيام بمهامهم وعملهم الحقيقي وهو الكشف عن الحقيقة كاملة للقُراء حتى لو أغضبتهم دون ممالأة للجمهور والسلطة - المصدر).

سنجتمع هذا الاسبوع في ايلات في مؤتمرنا السنوي؛ هلّم نستغله لمحاسبة النفس. يوجد الكثير من الاسباب للفخر بما نكتب، ونذيع، ونكشف ونعبّر عنه. ليس في كل مكان توجد صحيفة فوارة كهذه، وحرة كهذه وبقدر أقل. بيد أن حريتنا هذه على خطر كبير أيها الرفاق، ونحن لا نستغله كما ينبغي ايضا.

تشتعل نار خطرة حولنا ما زالت لم تبلغنا لكنها في الطريق ونحن في استنامة عنها. الغول تسعى نحونا ولا أحد يوقفها.

ما زالوا لا يغتالون الصحفيين عندنا، لكن أصبح يوجد من يحرضون على ذلك تعريضا؛ وما زالوا لا يغلقون الأفواه عندنا، لكن يوجد من يدعون الى ذلك علنا. بل من مزيد الدهشة انه يوجد بيننا نحن الصحفيين من يدعون الى تضييق خطواتنا ومنعنا إسماع كل نغمة حتى الدسائسية وحتى نغمة الأقلية. لا يفهم كثير من زملائنا عملهم، ويخلطون بين العلاقات العامة والصحافة، وبين الدعاية والحقيقة، وبين الشعور الوطني الحقيقي الذي يعني القيام بعملنا، وبين الشعور الوطني المزيف، الذي يعني القيام في خدمة الدعاية. البيت يحترق، أيها الاصدقاء، وثمة من يصب الزيت على الشعلة من الداخل. ومن الخارج تجتاز قوانين خطرة، توجَّه في هذه الاثناء الى الروابط، والى العرب والى الأقليات الاخرى، لكنها ستنتهي الى المس بنا ايضا، بروح الديمقراطية المشهورة، التي لا يفهمها إلا القليلون.

لا تكاد توجد رقابة في اسرائيل، ولا تكاد توجد ضغوط على الحكومة والجيش وجماعات قوة اخرى لا نستطيع الوقوف في وجهها. المشكلة أن كثيرين منا يحنون رؤوسهم في خضوع ويأخذون بالرقابة الذاتية وهي اسوأ كثيرا من الرقابة الحكومية. جنّد كثيرون جدا انفسهم راغبين في خدمة الدعاية الاسرائيلية – لا الصحافة المجندة بل الصحافة التي تُجنّد نفسها. ولا يوجد في ظاهر الامر ايضا عقيدة سائدة، فأعمدة الآراء مليئة بتعدد واسع لكن يوجد خط واحد يسيطر علينا ألا وهو الحاجة الى إعجاب قُرائنا، لا إغضابهم بغير حاجة، ولا أن نقول لهم ما لا يريدون معرفته، وأن نثيرهم ونُرفه عنهم قدر المستطاع كي نبيع.

أسقطنا رؤساء ووزراء ورؤساء حكومات بتحقيقاتنا الصحفية وتقاريرنا الاخبارية، ومع ذلك كله فان الشيء الأندر عندنا هو الشجاعة. ألا يريد الجمهور أن يعرف بالاحتلال؟ لن نُحدثه في ذلك. ألا يريد الجمهور ان يعرف الحقيقة عن "الرصاص المصبوب"؟ لن نشوش على راحته. لا توجد أية حاجة الى متحدث الجيش الاسرائيلي فهو موجود بيننا. كذلك الأشباح التي تعلو الآن بسبب الهجوم الفظيع على غزة، وحفنة التحقيقات الصحفية والقضايا المتأخرة، هي في أكثرها ليست ثمرة كشفنا الصحفي. غفونا وضُللنا في "الرصاص المصبوب". دعا فريق منا للخروج اليها وبعد ذلك طمسوا على عمد على ما حدث فيها.

أغلقت الحكومة غزة أمامنا منذ تشرين الثاني 2006، ومن الامور الفاضحة جدا أن لا أحد يثور. يصعب أن نصدق أن صحفية اسرائيلية شجاعة واحدة هي عميره هاس قد نجحت في أن تكون هناك كي تكتب التقارير الصحفية من غير أن تتصل بقوات الجيش الاسرائيلي، في الوقت الذي تخلت فيه الصحافة عن عملها. كذلك عُرّف نشطاء القافلة البحرية التركية في الصحف بأنهم "ارهابيون" من غير أن ينطبق عليهم هذا التعريف. لماذا؟ لانه هكذا سمّتهم حكومتنا، وهذا ما يريده قُراؤنا وهكذا يمكن تسويغ قتل تسعة منهم.

إن الصحافة التي تمتاز في مجالات كثيرة، خانت عملها في استطلاع الاحتلال: انها كبرى المتعاونات عندنا. فهي تساعد الاسرائيليين على المشي مع والشعور دون. لولا حملة سلب الشرعية التي جرت على الفلسطينيين في الصحف، لشعر الاسرائيليون برضى أقل عن انفسهم، وربما أُثيرت شكوك اخلاقية أكثر تتعلق بما نفعله. إن أكثر الصحف تخون بتجاهلها وبدعايتها عملها وتُمكّن من الاستمرار على وجود الواقع القاسي هذا غير بعيد عن بيوتنا، وتُبعده عن وعينا سنوات ضوئية. يحسن أن نتحدث في هذا في ايلات، بين الاستقبال والخطبة الفصيحة. ويحسن أن نسأل أنفسنا هناك هل نُبلغ الحقيقة، والحقيقة فقط، وكل الحقيقة في الأساس؟.