خبر الجيش الابيض ضد ايران: « صفقة السلاح السعودية – الفصل الثاني 2010 »

الساعة 06:14 م|21 نوفمبر 2010

بقلم: يفتح شبير

 (المضمون: اضافة الى تعزيز قدرة الردع للسعودية ضد تهديدات خارجية، تشير صفقة السلاح ايضا الى صراعات قوى داخلية. قد تكون هذه طريقة الملك عبدالله لتعزيز جناحه في الاسرة المالكة، في الصراعات المستقبلية على الحكم ضد أجنحة اخرى في الاسرة المالكة  - المصدر).

"منذ  أكثر من شهرين على نشر أمر وجود صفقة سلاح كبرى بين الولايات المتحدة والسعودية، أصدرت الادارة، مؤخرا، البيان الرسمي عن الصفقة الى الكونغرس. لا يوجد في البيان مفاجآت كبرى وذلك لان اساس الخطة سبق أن نشر. وقد تضمنت هذه طائرات قتالية من طراز F-15SA، مروحيات هجومية ثقيلة من طراز AH64D "اباتشي"، مروحيات هجومية خفيفة من طراز AH-6i، مروحيات تجوال خفيفة من طراز 530MD ومروحيات نقل من طراز UH-60 . ولكن مراجعة تفاصيل البيان تظهر عدة نقاط مثيرة للاهتمام.

تفاصيل الصفقة

طائرات قتالية

الصفقة تؤكد بيع 84 طائرة قتالية متعددة الاستخدامات من طراز F-15SA. يدور الحديث عن طراز جديد مخصص للسعودية، يشكل تحسينا لطراز الـ F-15S الذي يوجد منذ الان في حيازتها. اضافة الى ذلك، سيتم تحسين كل الـ 70 طائرة من طراز F-15S لديها الى مستوى F-15SA . وسيزود النموذج الجديد برادار محسن من طراز AN/APG(V) 63 - والذي هو رادار متطور من نوع AESA** وبمحركات محسنة.

الصفقة تتضمن ايضا جملة واسعة من أنواع السلاح المتطور، بما في ذلك وسائل التوجيه/تحديد اهداف حديثة، وسائل تجوال – تصوير، صواريخ جو – جو وقنابل موجهة.

مع استكمال الصفقة (على فرض أن تتم بكاملها) سيكون في يد سلاح الجو السعودي 154 طائرة هجومية متطورة للغاية من طراز F-15SA ، اضافة الى نحو 80 طائرة "تفوق جوي" من طراز F-15/D، اشتريت في بداية الثمانينيات – وبالاجمال 234 طائرة.

بحوزة السعوديين توجد اليوم منظومة طائرات من انتاج بريطانيا: 72 طائرة Typhoon  (يجري استيعابها هذه الايام)، ونحو مائة طائرة قتالية من طرازات مختلفة لـ "التورنادو" (التي اشتريت هي الاخرى في الثمانينيات. بعضها يجتاز اليوم تحسينات وتمديدات للعمر). الصفقة الجديدة ستضيف لسلاح الجو السعودي نحو 170 طائرة اخرى.

مروحيات

صفقة المروحيات رفعت الى الكونغرس كثلاث صفقات منفصلة. وكشف البيان عن تفاصيل انواع المروحيات (ليس كل التفاصيل كانت معروفة من البيانات السابقة). المفاجأة الكبرى الكامنة في البيان اياه هي ان الصفقة الكبرى بينهما ليست مخصصة لسلاح الجو او الجيش بل الى الحرس الوطني.

وحسب البيان، سيحصل الحرس الوطني على 36 مروحية من طراز AH64D أباتشي، وان كان فقط 20 منها ستكون مزودة برادار الـ Longbow. كما سيحصل الحرس على 36 مروحية هجومية خفيفة من طرازAH6i و 12 مروحية دورية خفيفة من طرازMD-53F (سواء المروحية الهجومية أم المروحية الدورية هما طرازين مختلفين من ذات المروحية) و 72 مروحية نقل متوسطة من طراز UH-60M - الطراز الاكثر حداثة لـ Black Hawk القديمة.

في بيان منفصل جاء عن بيع 24 طائرة  AH64D للقوات البرية السعودية (10 منها فقط مزودة برادار Longbow)، وفي بيان ثالث – عن بيع 10 مروحيات اخرى من هذا الطراز للحرس الملكي السعودي (منها 7 مزودة برادار Longbow).

        ملاحظات اخرى

1.    الصفقة هي جزء من سياسة أمريكية شاملة، جذورها تمتد الى عهد ادارة بوش، لتعزيز دول الخليج كقوة تقف في وجه القوة المتزايدة لايران. كل البيانات الرسمية التي رافقت البيان شددت على الحاجة الى تعزيز قوة العربية السعودية في ضوء التهديدات التي تواجهها، ولم يتردد الناطقون الامريكيون ايضا من ذكر ايران كتهديد (وان سارعوا الى الاشارة الى أن ايران ليست التهديد الوحيد). بالتوازي شددت البيانات على حقيقة أن المنظومات المباعة تشبه او تماثل منظومات السلاح التي لدى الولايات المتحدة، جزء من دول الخليج الاخرى، وقوات التحالف الاخرى، وعليه فان الصفقة ستساهم في قدرة التعاون بين القوات، وضمنا – رؤيا القوة العسكرية الموحدة والمنسقة قدر الامكان.

2.    هدف الصفقة ضد ايران ينعكس ايضا في تصريحات الناطقين الامريكيين (والذي جاء تعبيره ايضا في البيان الرسمي للكونغرس) في أنهم لا يتوقعون معارضة للصفقة. بمعنى – لا يتوقعون معارضة من جانب اسرائيل للصفقة (مثلما عارضت صفقات السلاح للسعودية في الماضي) لانهم يعتقدون بان اسرائيل ايضا ترى بانسجام الحاجة الى تعزيز القوات التي تقف حيال ايران.

3.    تركيبة الصفقة – التي معظمها ان لم تكن كلها منظومات سلاح هجومية – تدل على تطلع لتعزيز قدرة الردع لدى السعودية وليس قدرتها على الدفاع عن نفسها. وعلى نحو خاص، يبرز جدا غياب شراء منظومات دفاع جوي ودفاع ضد الصواريخ، في خلاف حاد مع طبيعة مشتريات دول الخليج المجاورة للسعودية – الكويت واتحاد الامارات. في الصفقة لا يوجد ايضا عنصر بحري، ولكن يبدو ان صفقة كبيرة لشراء السفن توجد في مراحل مفاوضات أولية.

4.    البيان للكونغرس – لا يعني صفقة موقعة. الان سيدخل الطرفان في مفاوضات مفصلة، وستمر عدة سنوات قبل أن توقع الصفقات. تحقيقها سيستغرق سنوات عديدة (على حد قول الناطقين الامريكيين بين 15 و 20 سنة). فضلا عن ذلك لا يوجد ضمانة في أن تتحقق الصفقات بشكل عام او ان تتحقق بكاملها.

5.    نقطة مهمة على نحو خاص هي توزيع السلاح بين الاذرع المختلفة للقوات المسلحة السعودية. وجهة الاغلبية الحاسمة من المروحيات للحرس الثوري هي مفاجئة. حتى الان لم يكن معروفا بان هذه الهيئة تستخدم قوات جوية معينة (وان كان يمكن أن نتوقع ذلك من هيئة مدربة حسب عقيدة القتال الامريكية). الحرس الوطني السعودي هو هيئة منفصلة عن الجيش ويقوم على اساس تجنيد ابناء القبائل الموالي للاسرة المالكة. واحيانا يسمى "الجيش الابيض" بناء على الجلابيب البيضاء لابناء تلك القبائل. وظائفه تتضمن ضمن امور اخرى حراسة الاسرة المالكة من تهديدات داخلية وحماية منشآت النفط وغيرها من المنشآت الاستراتيجية. في السنوات الاخيرة يمر الحرس الوطني في عملية توسيع، على اساس صفقات مشتريات واسعة لسيارات مدرعة خفيفة، صواريخ مضادة للدبابات ومدفعية متحركة. ولكن المشتريات الجوية تقزم كل الصفقات السابقة، وسترفع هذه الهيئة الى مكانة متساوية بل وربما أعلى من مكانة الجيش النظامي.

هيئة اضافية ستتلقى المروحيات هي الحرس الرسمي والذي هو لواء هدفه الرسمي هو حماية الاسرة المالكة. وقد ضم الى الجيش النظامي منذ الستينيات، ولكنه يحافظ على خصوصيته. ومع ذلك فان هذه الوحدة ايضا لم تستخدم ابدا مروحيات قتالية وليس واضحا ما هي العلاقة بين هذه المروحيات وبين هدفها الرسمي.

يمكن التقدير بانه اضافة الى تعزيز قدرة الردع للسعودية ضد تهديدات خارجية تشير صفقة السلاح ايضا الى صراعات قوى داخلية، الحرس الوطني قريب من قلب الملك عبدالله، الذي شغل منصب قائده على مدى قرابة 30 سنة. من غير المستبعد أنه يرى في تعزيز هذا الجهاز – طريقة لتعزيز جناحه في الاسرة المالكة، في الصراعات المستقبلية على الحكم ضد أجنحة اخرى في الاسرة المالكة.


** AESA- Active Electronically Scanned Phased Array