خبر المدير في واقع الأمر.. معاريف

الساعة 06:12 م|21 نوفمبر 2010

 

بقلم: ياعيل باز ملماد

(المضمون: ليس حزب "اسرائيل بيتنا" مع رئيسه ليبرمان هو مشكلة بنيامين نتنياهو لكنه حزب شاس الذي يُصرّف أمور الدولة على هواه - المصدر).

"لا تعلمين كم أصبحنا بغيضين الى الجميع"، قالت لي صديقة تعيش منذ سنين كثيرة في الولايات المتحدة، لكنها ما زالت تشعر بأنها جزء منا. "لا ينجح كبار الساسة والصحفيين في فهم ماذا نريد، ولماذا لا ننجح في اغلاق هذا الصراع بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، والذي له حل واضح، ولاول مرة يوجد شريك في الجانب الثاني للتوصل الى اتفاق كهذا"، بيّنت في تأثر شديد المزاج الامريكي. "لم تعد توجد ببساطة قوة من اجلنا"، لخصت ببساطة مؤلمة.

وبصفتها عاشت 12 سنة في نيويورك، لم تعد تنجح في الفهم حقا. لقد نسيت شيئا ما حقيقة انه لا يهم ما يحدث، فسيكون الحاخام  عوفاديا يوسيف دائما وأتباعه الكثيرون في الكنيست وفي الحكومة هم الذين يحسمون في الحقيقة ما يحدث هنا. فاسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم الغربي التي تحسم فيها مجالس كبار التوراة على اختلافها مصيرها، ويكون الحسم دائما في مقابلة الكثير جدا من الشواقل.

يُرى افيغدور ليبرمان و"اسرائيل بيتنا" في ظاهر الامر مشكلة رئيس الحكومة المشتعلة. لكن شاس مرة اخرى هي المشكلة في واقع الامر. مرة اخرى الرجل ابن التسعين الذي يتلو في كل خروج سبت موعظة جماعية مصحوبة بالشتائم واللعنات، تقع في كل مرة على رأس شخص آخر. نميل احيانا الى أن ننسى هذا. نحاول أن نعرض لانفسنا صورة وردية، تُبيّن ان الامور المصيرية هنا تجري بحسب تصور عام منطقي، يرى مصالح دولة اسرائيل الحيوية. وإلا فسنضيق نحن ايضا ذرعا بكل شيء ويستبد اليأس بكامل قوته.

يوجد لهذا حل من جهة انتخابية. فمؤمنو شاس ومصوتوها، وفريق منهم غير صهيوني والفريق الأكبر لا يتحمل عبء الأمن ولا عبء الضرائب، هم أقلية بين سائر المصوتين. يبلغون نحوا من 15 في المائة بتقدير إطرائي. ليس هذا قليلا لكنه ليس فظيعا ايضا. إن حقيقة انهم يكادون يقعدون في كل حكومات اسرائيل تتعلق بكونهم مرنين من جهة عقائدية. عندما يتعلق الامر بهم تكون المسألة مسألة ثمن. كل ما يريدونه هو الحفاظ على المصالح الموهومة لناخبيهم بحيث لا يضطرون الى الخدمة في الجيش أو الخروج للعمل والعياذ بالله. ليبقوا فقراء. ولا يُلزموا بدراسة المواد الجوهرية بحيث يظلون في الجيل التالي ايضا فقراء بلا قدرة على الكسب.

يمكن ترتيب هذا بالمال. الكثير من المال في الحقيقة لكنه المال فقط مع كل ذلك. لهذا من المريح لرؤساء الحكومات إدخالهم في الائتلاف. في النهاية، عندما نبلغ مرحلة الدرج، نبدأ عد المال وينتظم كل شيء آنذاك. يفضل أن يكونوا شركاء أكثر من حزب عقائدي لا يعرض مطالب جوهرية كي يرجع عنها مقابل بضع مئات اخرى من ملايين الشواقل. بيد أننا في الطريق ندفع ثمنا عاليا يكاد يكون غير ممكن.

يسيطر علينا حاخام واحد، وحزب ليست له أي صلة بالقيم الاساسية لليبرالية والانسانية يُدبّر امورنا في مجالات جوهرية للحياة كتلك التي تعالجها وزارة الداخلية، ويصبح الابتزاز أمرا رتيبا. وهذا ما سيكون هذه المرة ايضا. لن تشوش شاس على رئيس الحكومة في أن يمضي الى ثلاثة اشهر تجميد اخرى وفي مقابلة ذلك ستكبر مخصصات الرجال المتدينين والمؤسسات الدينية لشاس أكثر فأكثر.

سيأتي هذا الكبر على حساب مؤسسات ثقافية، والدراسات العليا، والأزواج الشابة ممن يعملون للكسب. أي جميع المقاييس التي تجعل اسرائيل دولة حديثة متقدمة. وسيظل العالم ينظر مستشرفا الى دولة يُدبّرها رجال الدين، والى ديمقراطية لا تفصل بين الدين والسياسة والحكم، وسيظل يُبغض هذه الدولة وسلوكها. ومع الاحترام كله، إن من يبقينا هنا هم الامريكيون لا حكماء التوراة من شاس.

في عالم مثالي، لن يوجد كما يبدو في الزمن القريب، كان يجب على نتنياهو الآن أن ينشيء لنفسه ائتلافا يشارك فيه الليكود وكديما وحزب العمل و"اسرائيل بيتنا"، حتى لو حاول هذا الأخير تعويق كل احتمال للتسوية. لن ينجح مع علاقات القوى هذه في التعويق، ومن جهة ثانية سيكون تعبيرا مناسبا عن آراء كثيرين من الجمهور الاسرائيلي يستحقون هذا التعبير. يجب أن يكون الشعار: كديما في الائتلاف بدل شاس. لا بدل "اسرائيل بيتنا".