خبر الولايات المتحدة واسرائيل: أصداقة حقيقية أم إرغام؟ .. اسرائيل اليوم

الساعة 06:11 م|21 نوفمبر 2010

بقلم: ايزي لبلار

(المضمون: إن طلب اوباما الى اسرائيل تجميدا آخر للبناء في المستوطنات يشهد بأنه عازم على الكسب في الساحة الدولية على حساب اسرائيل ذات الموقف الضعيف - المصدر).

شحذت زيارتي الاخيرة للولايات المتحدة وكندا عندي خيبة الأمل من سياسة اوباما نحو اسرائيل، ولا سيما على خلفية الفرق بين توجهه وتوجه ستيفن هاربر، رئيس حكومة كندا، نحونا. عبّر عن توجهه في المدة الاخيرة في خطبة منقطعة النظير خطبها في اوتوا. تخلى هاربر عن السلامة السياسية التقليدية وأوضح أن كندا تحت قيادته لن "تتظاهر" بأنها غير منحازة في شأن اسرائيل، حتى لو اضطر ذلك الدولة الى مواجهة آثار سلبية في الامم المتحدة ومنظمات دولية اخرى بسبب تأييدها.

قال هاربر إن مطاردة اليهود اصبحت ظاهرة عالمية تجعل العقائد المعادية للسامية اليهود هدفا في اطارها في "وطنهم" وتستغل استغلالا سيئا، وعلى نحو يثير الغضب "لغة حقوق الانسان من اجل ذلك". وأضاف "انني ما دمت رئيس حكومة، سواء كان ذلك في الامم المتحدة أم في كل حلقة اخرى، فستأخذ كندا بموقف وتتحمل النتائج. لا لأن هذا هو الفعل الصحيح فقط بل لان التاريخ يُعلمنا أن عقيدة الجمهور المعادي لاسرائيل وسائر من يهددون وجود الشعب اليهودي تهديد لنا جميعا".

"عوقبت" كندا حقا لتأييدها اسرائيل بأن هُزمت هزيمة مُذلة على يد البرتغال، وهي دولة على شفا الافلاس، في محاولة احراز مكان في مجلس الأمن. فقد صوتت جميع الاعضاء في منظمة الدول الاسلامية ترفض انتخاب كندا للمجلس.

كان الذي جعل هزيمة كندا أكثر فضوحا الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في القضية. بحسب قول ريتشارد غرينفل، وهو متحدث سابق في وفد الولايات المتحدة الى الامم المتحدة، "يقول عاملون في وزارة الخارجية ان سفيرة الولايات المتحدة، سوزان رايس، وجهت دبلوماسيين امريكيين الى عدم التدخل في المنافسة".

يشهد هذا على مبلغ تدهور ادارة اوباما في محاولاتها "المقاربة" ومصالحة الدول الاسلامية ودول العالم الثالث العاصية.

برغم تصريحات مكررة ووعود في شأن "الصداقة التي لا يمكن تحطيمها" بين اسرائيل والولايات المتحدة، ما يزال اوباما يوجه ضرباته الى اسرائيل. لم نتناول بقدر كاف ما قاله في زيارته الى اندونيسيا، وهي الدولة الاسلامية الكبرى في العالم. فقد وصفها اوباما بأنها نموذج التسامح الذي يستحق التقليد.

قياسا بالمعايير العربية، قد يمكن ان نقول ان اندونيسيا الاسلامية متسامحة نسبيا. لكن الرئيس تجاهل استطلاعات الرأي العام الأخيرة التي عبّر فيها 25 في المائة من سكان الدولة عن ثقة بأسامة بن لادن. والى ذلك، تجاهل اوباما حقيقة انه أُغلق بين 2004 – 2007 مئة وعشر كنائس مسيحية في أعقاب ضغط السلطة المحلية، وأنه في كانون الثاني من هذا العام أحرق ألف من المسلمين كنيستين في سومطرة حتى الأساس.

مما لا داعي لذكره ان اندونيسيا لا تعترف باسرائيل، وهي تمنع الطائرات الاسرائيلية دخول مجالها الجوي وترفض اصدار تأشيرات دخول لمواطنين اسرائيليين. ومن المغضب على نحو خاص ان اوباما قد اختار من هذه الدولة خاصة أن يندد باسرائيل لبناء بيوت في الضواحي التي يسكنها اليهود فقط في عاصمتها القدس.

تشير جميع الاشارات الى أن ادارة اوباما عازمة على كسب مال سياسي من وضع اسرائيل القابل للمس الآن في الساحة الدولية. برغم عدم وجود رد ايجابي من قبل الفلسطينيين والعالم العربي على تجميد البناء في المستوطنات، تريد الولايات المتحدة أن تفرض على حكومة نتنياهو تجديد التجميد الذي سيشتمل على مناطق ستبقى داخل اسرائيل في كل تسوية بلا شك.

يُخيل الينا في ظاهر الامر ان الولايات المتحدة تعرض على اسرائيل حوافز لاقناعها بالموافقة على مطالبها.

لكن في واقع الامر، يفهم كل شخص يعرف قراءة ما بين السطور ان الامريكيين لا يعرضون أي شيء جديد. ان اوباما قد عرض على نتنياهو في واقع الامر إنذارا بأن هدد بالتخلي عن اسرائيل اذا لم تخضع هذه لمطالبه.

إن قضية التجميد الآخر للأسف الشديد تقنعنا بأن رئيس الولايات المتحدة براك اوباما ليس صديقا حقيقيا لاسرائيل، ويبدو انه يمهد الطريق لفرض تسوية قد تكون ذات آثار مدمرة في الأمد البعيد على أمن دولتنا.