خبر المصالحة الفلسطينية: بين عقدة الأمن وعقدة السياسة..فراس أبو هلال

الساعة 07:40 م|20 نوفمبر 2010

المصالحة الفلسطينية: بين عقدة الأمن وعقدة السياسة..فراس أبو هلال

لم يجانب الصواب عزام الأحمد كما يحصل عادة عندما قال في تصريح صحافي بأن اللقاءات التي عقدت في دمشق من أجل التوصل إلى اتفاق للمصالحة الفلسطينية، كانت مضيعة للوقت، وأنها لم تخرج بأي اتفاق بين وفد فتح الذي يرأسه، وبين وفد حركة حماس برئاسة موسى أبو مرزوق.

ولكننا وإن كنا نتفق مع رئيس وفد فتح في النتيجة التي توصل إليها، فإننا تختلف معه في توصيف الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة، إذ أن الحديث عن عدم جاهزية حماس للحوار، وعن الفيتو الإيراني الذي يمنع حماس من التوصل إلى اتفاق مع حركة فتح، لا يعدو كونه جزءا من المناكفات المستمرة بين الحركتين، ونوعا من الاتهامات الجاهزة التي لا تنطلي على أي متابع لتفاصيل الوضع الفلسطيني الشائك منذ الانتخابات البرلمانية التي عقدت في العام 2006 وحتى الآن.

الأنباء تتحدث عن اتفاق الطرفين على خمسة ملفات تتعلق بالانتخابات المحلية والبرلمانية، وانتخابات منظمة التحرير، والقيادة المؤقتة المقرر تشكيلها إلى حين إصلاح منظمة التحرير، فيما توقف الحوار عند ما سمي في الإعلام بـ'عقدة الأمن'، التي تتضمن إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتشكيل لجنة أمنية عليا للإشراف على عمل هذه الأجهزة.

ومع تأجيل الجلسة القادمة من الحوار إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك، ظهر ما يشبه الإجماع على أن المفاوضات بين الطرفين وصلت إلى طريق مسدود، على الأقل في المرحلة الحالية، وهي نتيجة يبدو أنها حتمية، لأسباب تتعلق بطريقة إدارة الحوار من قبل حركة فتح، التي تراجعت عن التفاهمات التي تم الوصول إليها في اللقاء الذي عقد في الرابع والعشرين من أيلول/سبتمبر الماضي.

فقد اتفق الطرفان في لقاء ايلول/سبتمبر على إعادة بناء الأجهزة الأمنية وفق مبدأ الشراكة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو الاتفاق الذي تراجع عنه وفد فتح، وفق مصادر إعلامية، بحجة أن الشراكة في الأمن مرفوضة، وبالتالي فإن إعادة بناء الأجهزة، حسب فتح، يجب أن يقتصر على قطاع غزة دون الضفة الغربية، مع التأكيد على عدم أحقية حركة حماس بالشراكة في هذه الأجهزة، باعتبار أن وحدة الأمن مقدسة، وضرورية لبناء الدولة. الطريقة التي تتعامل بها فتح مع الحوار، تدل على أنها لم تدرك بعد أن المعادلة السياسية والأمنية قد تغيرت على أرض الواقع، وهي المعادلة التي لا تتيح لها الحوار بعقلية فرض الشروط على الطرف الآخر، في الوقت الذي تعاني فيه الحركة من أزمة داخلية وصراعات مستمرة، وبعد استفحال الفشل السياسي الذي يعانيه مسار التسوية الذي تقوده فتح والرئيس عباس.

وبعيدا عن طريقة فتح أو حماس في إدارة الحوار، فإن النقطة المهمة التي لم يتطرق إليها المتحاورون من الطرفين، هي البرنامج السياسي للمشروع الوطني الفلسطيني في المرحلة القادمة، فعندما يتم التركيز على الانتخابات والشراكة في المناصب الحكومية والأجهزة الأمنية، ويهمل البرنامج السياسي، فهذا يعني أن أي اتفاق يخرج عنه الحوار بين الطرفين على هذا الأساس سيحمل بذور فشله، وسيقود الشعب الفلسطيني إلى إحباط جديد، بعد أن يصطدم الاتفاق، إن تم، بالخلافات السياسية الكبيرة في برنامجي الطرفين.

'إن المشكلة الرئيسية في الأجهزة الأمنية تكمن في عقيدتها العسكرية، وليس في مشاركة حماس أو عدم مشاركتها فيها، لأن هذه المشاركة من دون الاتفاق على البرنامج السياسي، ستجعل الأجهزة الأمنية خاضعة لولاءات مختلفة، ولعقائد عسكرية متناقضة، وهي وصفة محكمة لحرب أهلية بين الفصيلين الكبيرين، لا قدر الله.

لقد استمر الحوار الفلسطيني لسنوات طويلة وفق بوصلة خاطئة، وهذه البوصلة لن تقود الحوار في أحسن حالاته إلا إلى اتفاق جديد، سرعان ما سينفجر عند أول خلاف سياسي بين الطرفين، وهو انفجار إن حصل، فإن نتائجه ستكون كارثية على الشعب الفلسطيني، وهو ما يعني أن على الذين يحاولون حل 'عقدة الأمن' أن يحلوا 'عقدة السياسة' قبل التفكير بأي عقدة أخرى.

- كاتب فلسطيني-عن القدس العربي