خبر صفقة رزمة لا يمكن رفضها..هآرتس

الساعة 02:25 م|16 نوفمبر 2010

بقلم: عاموس هرئيل

كانت صفقة طائرات الـ اف 35 التي وقعتها الولايات المتحدة واسرائيل في الشهر الماضي مختلفا فيها في جهاز الامن والمستوى السياسي. لم تدُر الحيرة في أساسها حول نوع الطائرة الشبح بل حول السعر قياسا بالقدرة. كان جنرالات ووزراء اعتقدوا انه عندما يكون الحديث عن كلفة أكثر من 130 مليون دولار للطائرة (حتى لو أخذنا في الحساب ان الصفقة الاولى تشتمل على عناصر أساسية تزيد سعر الطائرة الواحدة)، فانه توجد طرق أفضل لاستغلال المساعدة الخارجية الامريكية. لكن بحسب رأي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تقترح الولايات المتحدة الآن، في سخاء منها، مضاعفة عدد الطائرات التي ستحصل عليها اسرائيل من غير اقتطاع من مبلغ المساعدة الخارجية في المستقبل. هذه هدية واسعة النطاق، تكاد تجعل النقاش في الاضطرار الى الـ اف 35 لا حاجة اليه. وعلى حسب التقارير الصحفية، ستكون هناك ايضا مواد مهمة اخرى في قائمة الهدايا.

        هوجم رئيس الولايات المتحدة براك اوباما في الحقيقة أكثر من مرة في اسرائيل، بكلام شديد، بسبب ما وصف بأنه ميل الى العرب، لكنه بقي في واقع الامر ملتزما أمنها على نحو لا يقل عن سلفه جورج بوش. اشتملت رزمته الأمنية حتى الآن على فتح مخازن طواريء جيش الولايات المتحدة (المفتوحة عند الحاجة لاستعمال الجيش الاسرائيلي ايضا) في اسرائيل، ومنح 205 ملايين دولار للتسلح بنظم "القبة الحديدية" وزيادة كبيرة لسعة تدريبات الحماية من الصواريخ المشتركة بين الدولتين. يجب الى الآن أن نرى ماذا سيتحقق من التفاصيل التي بلغت وسائل الاعلام في اليومين الأخيرين، لكن الحديث على الورق على الأقل عن قائمة هِبات مذهلة.

        "عرض الامريكيون اقتراحا ممتازا. سيكون خطأ كبيرا ألا نستجيب له"، قال أمس عنصر أمني رفيع المستوى لصحيفة "هآرتس". وزعم أن "رئيس الحكومة أحرز هنا انجازا ممتازا. اذا لم نطبق الاتفاق فسيقع ضرر أمني".

        إن قائمة التفضلات والهدايا الامنية التي أصبحت الادارة الامريكية مستعدة لأن تزود بها اسرائيل الان، مقابل ثلاثة اشهر من تجميد البناء في المستوطنات، تثير الشك في أن رب البيت قد جُن جنونه. إن تمديدا آخر للتجميد، بخلاف تصريحاته الحازمة في الماضي، مقرون في الحقيقة بعدم ارتياح سياسي وعقائدي لنتنياهو، لكن الاقتراح المقابل لاوباما مُغرٍ جدا. إن زيادة 20 طائرة اف 35 على الرزمة التي بُحثت بين الجانبين قبل شهرين تُرجح كفة الميزان ترجيحا واضحا. وهذا اقتراح لا يمكن أن ترفضه اسرائيل.

        في السنتين اللتين مرتا منذ فوز اوباما في الانتخابات، لم يُصوَّر – على الأقل في مجال العلاقات الخارجية التي أجراها – على انه مفاوض متشدد على نحو خاص. ومع ذلك كله، يبدو هذه المرة ان الادارة تخرج عن طورها، برغم انهم في واشنطن يعلمون ان التجميد خطوة رمزية جدا وجد المستوطنون طرائق فعالة للالتفاف عليها. وهذا بطبيعة الامر يثير الشك في انه قد طُرحت اسئلة أوسع كثيرا من عدة وحدات سكن في السامرة أو في غوش عصيون؛ أي لا الاستعداد الاسرائيلي فقط لتقديم جوهري للتفاوض مع السلطة الفلسطينية، بل صفقة ما تتعلق بالقضية الايرانية. أربما يريد اوباما، وهذا تخمين فقط، أن يقيد اسرائيل في التزام ألا تعمل وحدها في مواجهة المنشآت الذرية، مقابل تعزيز كبير في المستقبل لسلاح الجو؟.

        منذ بدأ مشروع الاستيطان، جرى جدل بين مؤيديه ومعارضيه في سؤال هل يُسهم الاستيطان أم يُضر بأمن الدولة. وهذه المرة، وأكثر مما كان الامر في نقاط حسم في الماضي، يبدو ان الامريكيين يريدون شحذ الخلاف. ما الذي تحتاجه اسرائيل أكثر في حيّها العنيف، يسأل اوباما في الحقيقة: هل الى كرفانات اخرى على التلال أم الى مضاعفة عدد الطائرات الحربية المتقدمة التي تملكها؟.