خبر نتنياهو والرزمة الامريكية: متملصة مقابل متملص..يديعوت

الساعة 02:22 م|16 نوفمبر 2010

بقلم: ناحوم ب رنياع

ظاهرا، رب البيت جن جنونه. رزمة الامتيازات التي تعرضها ادارة اوباما على اسرائيل تبدو أكثر جودة من أن تكون حقيقية. يوجد فيها 20 طائرة اف 35 ايضا (المتملصة) بقيمة 3 مليار دولار ستزود بالمجان، وكذا تشديد العقوبات ضد ايران، وأيضا وعد باستخدام الفيتو على كل قرار مناهض لاسرائيل في مجلس الامن، وكذلك وعد بالحفاظ على الغموض النووي لاسرائيل. وأيضا التسليم ببناء اسرائيلي في شرقي القدس والتعهد بعدم الطلب من اسرائيل بتجميد اضافي. كل هذا مقابل خطوة لا يؤبه لها: تجميد البناء في الضفة لثلاثة اشهر.

        يخيل أنه لم يسبق أبدا أن عرض على اسرائيل كل هذا القدر الكبير مقابل هذا القدر الطفيف جدا. سطحيا، هذه ليست صفقة تنزيلات: هذه صفقة تصفية.

        يروى أنه عندما جمعت في "كرايزر – فرايزر" في حيفا السيارات الاولى من انتاج اسرائيل قرر المصنع منح سيارة لرئيس الوزراء دافيد بن غوريون. فولا، زوجة بن غوريون، ارادت أن تعرف كم ستكلفها السيارة. "ليرة واحدة" اجاب المالكون. "بهذا الثمن اريد اثنتين"، قالت فولا.

        لقد كانت تعرف ان هذا ليس الثمن الحقيقي، فلا توجد سيارة بليرة، مثلما كل وزير في الحكومة يعرف بان ثلاثة اشهر تجميد ليست الثمن الحقيقي. صحيح ان ادارة اوباما اتخذت عدة خطوات مغلوطة في معالجتها للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، ولكن في البيت الابيض لا يجلس إمعات. ليس لهذه الدرجة. إما أن تكون الوعود التي قطعوها لنتنياهو تساوي اقل من العناوين الرئيس الضخمة التي نشرت في الصحف أمس أو أن المقابل الذي سيكون نتنياهو مطالبا باعطائه اكثر اهمية بكثير من الانطباع الناشيء.

        الخياران مشوقان. الاول يرسم نتنياهو كمن فهم – وان كان متأخرا – بان رئيس وزراء اسرائيل لا يمكنه أن يقول لا للرئيس الامريكي، ليس عندما يكون على احدى كفتي الميزان المستوطنات وعلى الاخرى المسيرة السلمية. تبقى مسألة التسويق – ونتنياهو جيد جدا في التسويق.

        الحقيقة هي أن قسما كبيرا مما وعد به نتنياهو في اطار الصفقة يجري اليوم على نحو اعتيادي، انطلاقا من الولاء للتقاليد. التصويتات في الامم المتحدة مثلا. اسرائيل لا تكسب الكثير عندما تصبح تقاليد محترمة بندا في اتفاق. فالتقاليد يصعب خرقها. اما البند في الاتفاق فيمكن. دوما يمكن للادارة أن تدعي بان اسرائيل هي التي خرقت الاتفاق أولا.

        الخيار الثاني، هو أن نتنياهو اقنع الادارة في أنه في غضون ثلاثة اشهر التجميد سيوافق على انسحاب اسرائيلي الى خطوط 1967 (تبادل الاراضي في الهوامش سيسمح بضم قسم من الكتل الاستيطانية الى الدولة). اذا كان هذا هو التعهد، فان نتنياهو يكون بالفعل قد اجتاز الروبيكون، من ناحية ايديولوجية ومن ناحية سياسية على حد سواء. لا توجد لمثل هذه الرؤيا في مثل هذه اللحظة اغلبية في حكومته أو اغلبية في الائتلاف. وهي تستوجب تغييرا دراماتيكيا في الخريطة السياسية. انسحاب لكتلة واحدة حتى ثلاث كتل من الائتلاف، انضمام كديما الى الحكومة وربما ايضا انشقاق في الليكود.

        في مثل هذه المفترقات يعول السياسيون الاسرائيليون على الفلسطينيين: في النهاية ابو مازن سيقول لا، يقولون، فيعفي نتنياهو من قرون المعضلة؛ أو يفر الى قطر. الذنب للفشل سيقع عليه، ونحن ايضا سنحصل على الامتيازات ونبني في المستوطنات على حد سواء.

        الاعتماد على الرفض الفلسطيني ينطوي على مخاطرة. أولا، نحن لا نعرف ماذا وعد الامريكيون باعطائه للفلسطينيين مقابل موافقتهم على العودة الى المحادثات. ثانيا، ابو مازن يمكن أن يفاجيء. في احاديث خاصة يعترف أنه اخطأ حين امتنع عن اعطاء جواب على الاقتراحات التي طرحها اولمرت. اذا كان على اقتراحات مشابهة سيوقع نتنياهو، فانه كفيل بان يرد بالايجاب.

        السؤال الحقيقي الذي يوجد هنا قيد الحسم ليس التجميد. فتجميد لثلاثة اشهر لا يرفع ولا ينزل. وليس كذلك ايضا صفقة مستقبلية عن طائرات، ستكون او لا تكون. السؤال هو هل نتنياهو وائتلافه مع بيني بيغن، مع بوغي يعلون، مع روبي ريفلين، مع يشاي وليبرمان، مستعدان للتوقيع على اتفاق يعيد اسرائيل، عمليا، الى خطوط 67. هل هما مستعدان لعمل ذلك حتى قبل ان تبحث مسألة حق العودة ومسألة اللاجئين.

        اذا كان كذلك، فيمكن لنا ان نرفع لهما القبعة. فهم اناس شجعان، لا يخافون تغيير رأيهم من الاقصى الى الاقصى، اناس رأوا النور. أما اذا كان لا، فانهم يخاطرون بشقاق مرير مع الادارة الامريكية. انهم يبيعون بواكيرنا بثمن بخس.