خبر ماذا ستطلبين من محمد ايضا.. هآرتس

الساعة 12:13 م|12 نوفمبر 2010

بقلم: يوسي سريد

(المضمون: برغم أن بعض المواطنين العرب داخل اسرائيل يخدمون الخدمة الوطنية لا يرون السبل ممهدة أمامهم للاندماج في عمل داخل المؤسسات الاسرائيلية - المصدر).

يقولون عن الاولاد المضروبين انهم قد يصبحون آباءا ضارِبين. وماذا يحدث للأقليات المطارَدَة؟ هل ستصبح مُطارِدَة؟.

إن اليهود الذين كان مطارَدين اجيالا بنوا دولة آخر الامر. أهي متجهة منذ الولادة الى التحكم بالأقليات فيها؟ المعطيات تفضحها: يوجد في مورثات الدولة اليهودية عنصر عنصرية، وقد أخذ ينمو مع نضوجها.

لنُسميه محمد. فانهم هنا يُسمون الجميع "محمد"، حتى محمود درويش. أعرف الفتى منذ وُلد، وأبوه صديقي. وأحب جميع أبناء العائلة لا بصفتي مُحبا معروفا للعرب بل بفضلهم تماما: فهم أناس كما أُحب – مُشاركون مهتمون – يسألون أنفسهم ماذا يستطيعون أن يفعلوا من اجل الدولة.

يسألون ويُجيبون: قرر محمد هذا الذي استطاع في اثناء ذلك أن يُنهي بنجاح 12 سنة دراسة، أن يُجند نفسه للخدمة الوطنية. ليس هذا قرارا سهلا لشاب عربي. وليس سرا أن أكثر مواطني اسرائيل العرب يعارضون ويعارض ممثلوهم في الكنيست ايضا. لا تظنوا لحظة أن الطريق الى التجنيد ممهدة لا عقبات فيها. من اجل تسويتها يُحتاج الى غير قليل من الحماية، لانه ليس محمد هو الذي يُسهم للدولة بل الدولة هي التي تتفضل تفضلا كبيرا بقبول إسهامه.

لست أعلم إن كان أراد أن يكون شرطيا عندما كان ولدا، لكن هذا ما حدث قبل خمس سنين. تطوع محمد، ولبس بزة زرقاء مدة سنتين، لم ينزعها عنه عندما زار البيت والقرية. كانت شرطة جلالة رسميتها راضية جدا عنه، وعندما سُرح من الخدمة، زودته في طريقه بشهادات تقدير وامتياز. ماذا ستطلبين من محمد ايضا أيتها المُدمنة.

اعتقد في سذاجة انه يستطيع الآن أن يُجند شرطيا رسميا. عرف من وسائل الاعلام أن وزارة الامن الداخلي تنوي أن تضم الى الشرطة نحوا من ألف مواطن عربي. الاعلان في جهة والواقع في جهة اخرى، وبقي في الخارج. إمضِ، إمضِ يا محمد إبحث عن رفاقك في مكان آخر.

وبحث. نشرت الكنيست اعلانا طلبت فيه مرشحين للحراسة؛ هذه فكرة. لكن تبيّن أن أمن الكنيست وحراستها خارج مجال العرب، فحَسْبُها اعضاء الكنيست هؤلاء الذين أصبحوا كثيرين في الآن الأخير.

اذا لم تكن الكنيست فربما المحكمة العليا، فهي تعلن من آن لآخر حاجتها الى قوة بشرية. خيبة أمل تتلو خيبة أمل تطارد محمد: تبيّن مرة اخرى أن العرب يدخلون المحكمة العليا بشرط أنهم متقاضون، ولا مدخل لهم من باب الحُراس. كان ثمة من صرف انتباه الرئيسة والرئيس الى هذه المظلمة – لا تقولوا انكم لم تعلموا – لكن ما أسهل تعليق الذنب على الآخرين. إن الشرطي بالمجان محمد هو خطر أمني كالشرطي بالأجرة في دولة "شباك".

لم تردع تجربته المرة أخاه الصغير؛ ولنُسميه محمد ايضا. فقد قرر محمد الثاني برغم كل شيء أن يسير على أثر محمد الاول، الذي يُفضي به الآن الى نفس المكان بالضبط، الى المهانة والبؤس. أقول لكليهما – باركوهما – إلعنوهم في قلبيكما وسامِحا في تفضلهم. لكنهما، أي المحمدين، ما زالا في سذاجتهما يقولان: سيكون الامر على ما يرام في نهاية الامر.

وحتى يصبح الامر على ما يرام، يجب على شخص أن يرى نفسه وكأنه محمد – أي مواطن اسرائيلي يُصر على الاقتراب وترفضه دولته. إن اخلاصه لا يُحسن لمواطنته؛ يجب على كل شخص أن يعارض الخدمة الوطنية كما هي الآن – مَهينة مُهينَة – بسبب إنكار الجميل فيها وبسبب الشعور بالخيانة بعدها.

وفي هذه الفرصة سندعو الدروز والبدو ونسألهم – هل تحسن حظهم مع عودتهم الى بيوتهم بعد خدمة عسكرية كاملة؛ وكم من رفاقهم لم يعودوا.