خبر بين اليسار واليمين _ معاريف

الساعة 10:14 ص|11 نوفمبر 2010

بين اليسار واليمين _ معاريف

 

بقلم: اودي منور

في امريكا كما في امريكا. الحياة احيانا مثل فيلم، وكما يوجد لفيلم هوليوودي سيناريو ثابت على التقريب، فان لانتخابات منتصف الولاية الامر نفسه احيانا: اذا كان الرئيس قد انتُخب بأغلبية كبيرة جدا، فانه ينبغي بعد سنتين استعمال الطيار الآلي للموازنات والكوابح. وفي الحالة الأخيرة، اذا كان اوباما يرمز لسبب ما الى "الاشتراكية"، فسيأتي الرد المضاد في صورة حركة "حفل الشاي"، التي تزعم في واقع الأمر انه يمكث في البيت الابيض مرة اخرى ملك انجليزي يُدخل يده الطويلة في جيوب المواطنين.

هذا الحدث شديد التأثير من وجهة نظر الفاعلية السياسية. يتبين هنا مرة اخرى انه اذا أراد المواطنون فانهم يستطيعون. لم توجد عند اوباما فقط مقالة "اجل نستطيع"، بل عند خصومه الأشد معارضة. لكن كل من يعرف التاريخ الامريكي يعلم أن هذا التطرف، وهو جمهوري في الحالة الأخيرة، وديمقراطي في حالات اخرى، هو وصفة مضمونة للهزيمة في الانتخابات التالية. يمكن أن تكون الأنباء الجيدة من جهة اوباما تطرفا آخر في العداء الجمهوري. اذا حدثت حفلات شاي اخرى فانه يستطيع بعد سنتين أن يُبحر في راحة الى ولاية اخرى في البيت الابيض.

"انه الاقتصاد ايها الأبله"، قال كلينتون في زمانه عندما حاول أن يُفسر السياسة الامريكية على قدم واحدة. ستنقضي في اسرائيل سنين اخرى كثيرة كما يبدو حتى يصبح من الممكن قول الشيء نفسه. يلعب الاقتصاد في الحقيقة دورا حاسما لكن ما زال من الجائز أن نقول الحقيقة العارية وهي عندنا "الأمن أيها الأبله". لكن لا يعني هذا انه لا شيء نتعلمه من الامريكيين. لانه في اليوم نفسه الذي مضى فيه الامريكيون للتصويت، مضى جميع الاسرائيليين للعمل. إن الاضراب الذي تم الحديث عنه مدة بضعة ايام متوالية لم يتم. والاتفاق الذي أُحرز بين الهستدروت والخزانة العامة يبدو مثل "تاريخ تعاون معلوم سلفا". كان هؤلاء مستعدين لاعطاء 1.5 في المائة وأراد اولئك 10 في المائة. وعلى نحو عجيب وقعت المصالحة في المنتصف تماما: 6.25 في المائة.

وأشد من ذلك أن وزير الخزانة العامة المحافظ، الذي كان يمكن أن يُستقبل في احترام كبير لدى أناس حفل الشاي اليمينيين، شمل في تصريحه لوسائل الاعلام كلاما حميما على شريكه في الاتفاق عوفر عيني. إن الامتناع عن الاضراب، والمصالحة الرياضية الدقيقة وكلام المدح الذي أطرى به ممثلو الطرفين بعضهم بعضا، يدل في ظاهر الامر على انه لا فرق بين عيني وشتاينيتس. والاستنتاج المطلوب من اليمين واليسار هو زيادة الصراع حدّة. أي أن تنشأ من اليمين حركة "حفل شاي" اسرائيلية تقضي بمرة واحدة والى الأبد على العمل المنظم، وأن تنشأ من اليسار حركة اشتراكية أصيلة تُتم هنا "حربا طبقية".

مجرد ضغط زر ثم هرب. وإن يكن من الممكن والمُراد تبني سيناريو مخالف أدق. اذا أردنا التعلم من التاريخ السياسي الامريكي، فان النهج المستقيم يمر في مكان قريب جدا من المركز. وبالمناسبة، كلما كان المركز أوسع كان هناك مكان أكبر للتنوع في الوسط، والاقتراحات العملية، وخطط العمل، والخطوات المخصوصة – التي هي الامر المهم الذي يربط بين الجمهوريين في المركز وبين الديمقراطيين في المركز أو بين عيني وشتاينيتس.

        قدّم شراغا بروش في المدة الاخيرة مثالا رائعا على صورة التفكير هذه، إذ اقترح فرض ضريبة على مال المضاربة الذي يدخل السوق المالية الاسرائيلية من اجل البحث فقط عن فرص للربح السهل والسريع، في حين يؤثر مباشرة في سعر الدولار وفي الاقتصاد الاسرائيلي كله. من وجهة نظر المتطرفين من الجانبين، اولئك الذين يتمسكون بالمبدأ المجرد البرّاق لـ "الحرب الطبقية"، ومن جهة المحاربين من اجل السوق الحرة، الحديث عن فكرة معوجة. فانه وبحسب ما يرى اليسار المتطرف لا يجوز التعاون مع الرأسمالية، أما بحسب ما يرى اليمين المتطرف فانه لا يجوز التشويش على راحة أي نوع من أنواع المال وفيه مال المضاربة. في مقابلة ذلك، ومن وجهة نظر سياسة المركز، هذه بالضبط هي الأفكار التي ينبغي البحث عنها واقتراحها وتطبيقها.