خبر لمصلحة من تصفير قائمة المطلوبين في الضفة الغربية؟ جمال أبو ريدة

الساعة 05:33 ص|10 نوفمبر 2010

لمصلحة من تصفير قائمة المطلوبين في الضفة الغربية؟ جمال أبو ريدة

عمدت دولة الاحتلال (الإسرائيلي) في الفترة الأخيرة وتحديدًا مع اقتراب موعد دوران عجلة المصالحة الوطنية إلى فضح بعض ممارسات أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، ومن ضمن ما عمدت إليه وسائل إعلام دولة الاحتلال إلى تسريبه في الفترة الأخيرة هو "تصفير" قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال في شمال الضفة الغربية، وقبل ذلك سربت وسائل الإعلام ذاتها، بأن ضباط فلسطينيون يحاضرون أمام ضباط وجنود (إسرائيليون)، وكذلك تسليم أجهزة أمن السلطة الجيش (الإسرائيلي) مستودعات أسلحة تابعة لمنظمات المقاومة الفلسطينية.

ورغم تصدر هذه التصريحات عناوين وسائل الإعلام، إلا أن الملاحظ أن وسائل إعلام السلطة قد لاذت بالصمت الرهيب أمام هذه التصريحات الخطيرة، في الوقت الذي يفترض بها أن توضح للشعب الفلسطيني حقيقة هذه التسريبات.

وتعكس هذه التسريبات في حقيقة الأمر، المدى الذي انزلقت إليه أجهزة أمن السلطة في تعاونها مع أجهزة أمن الاحتلال في السنوات الأربع الأخيرة، وظلت حجة هذه الأجهزة في ذلك، هو الخشية من إقدام حركة حماس على حسم عسكري في الضفة الغربية على غرار الحسم العسكري في غزة منتصف العام 2007م.

إن الشئ المؤكد أن نجاح أجهزة أمن السلطة في السنوات الأربع الفائتة في "تصفير" قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال لم يأت من فراغ، بل جاء متوافقًا مع الموقف السياسي لقيادة السلطة، التي تخلت تمامًا عن المقاومة، وتعلقت بالمفاوضات، وكان خيارها أن البديل عن المفاوضات هو المزيد من المفاوضات، وأن الانتفاضة لم تجلب لشعبنا سوى الخراب والدمار...إلخ، من المبررات التي لا زالت تطرحها إلى يومنا هذا، رغم فشل المفاوضات بشقيها المباشرة وغير المباشرة في إقناع حكومة " نتنياهو" فقط بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية.

ولم تكتف السلطة بهذا الموقف، وإنما عملت جاهدة على ملاحقة، واعتقال، وقتل كل من حاول المس بالمستوطنين في الضفة الغربية، وما عجزت عن تحقيقه في هذا الجانب، أوعزت إلى الاحتلال القيام به، ولعل اغتيال دولة الاحتلال للشهيدين نشأت الكرمي، ومأمون النتشة في 8/10/2010م مثالا صارخًا على ما نقول.

وتطرح قضية "تصفير" قائمة المطلوبين العديد من الأسئلة التي نأمل من أركان السلطة الرد عليها، ومن هذه الأسئلة ما يلي:-

1. ما العائد السياسي للسلطة الوطنية من وراء "تصفير" قائمة المطلوبين لأجهزة أمن الاحتلال؟.

2. ما هي البدائل التي يمكن للسلطة اللجوء إليها، بعد فشل مشروع التسوية فشلا ذريعًا، و"تصفير" قائمة المطلوبين؟.

3. كيف يستقيم حال شعب محتل بدون مقاومة؟.

وأعتقد أنه لضمان الاستمرار في "تصفير" قائمة المطلوبين في الضفة الغربية، فإن حركة فتح ستتمسك في حواراتها مع حركة حماس بعدم المس بتركيبة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، حتى ولو كان ثمن ذلك فشل المصالحة مع حركة حماس، وهذا ما بدأ يطفو على السطح مع اقتراب موعد لقاء دمشق في 9/11/2010م، حيث بدأت حركة فتح تؤكد على ضرورة الإبقاء على الوضع الأمني في الضفة الغربية كما هو عليه، بذريعة أن التنسيق الأمني هو أحد الالتزامات الدولية على السلطة الوطنية.

إن المصالحة الوطنية تعني في أبسط معانيها تجاوز الخلافات التي كانت سببًا في الانقسام السياسي منتصف العام 2007م، ونذكر بأن الحكومة الفلسطينية وحركة حماس قد اضطرتا إلى اللجوء إلى الحسم العسكري، بعدما عمدت أجهزة أمن السلطة إلى خلق حالة من الفوضى الأمنية في قطاع غزة، استمرت فترة ما يزيد عن العام ونصف العام، وذلك لإفشال تجربة حركة حماس الأولى في الحكم، وأعتقد أن بقاء أجهزة أمن السلطة على ما هي عليه، يعني العودة إلى سنوات الفوضى الأمنية التي عانى منها قطاع غزة قبل الحسم العسكري.

وعليه فإن إعلان حركة فتح في الأيام الأخيرة، بأن تكون هيكلية الأمن حسب قانون الخدمة رقم 8 للعام 2005م، وأن القائد الأعلى الرئيس محمود عباس هو مرجعية الأمن، وأن الأمن لا يسير إلا بقانون واحد ومرجعية واحدة، وقيادة واحدة...، هو تأكيد بأن الحركة غير جادة، وفي أحسن الأحوال غير قادرة على تحقيق المصالحة الوطنية، التي تقوم على شراكة سياسية حقيقية، تتجاوز أسباب الانقسام السياسي.

إن الشئ المؤكد أن أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، والتي أشرف على تدريبها الجنرال الأمريكي "دايتون" ومن بعده "مولر" لن تقبل بأي حال من الأحوال التنازل عن وظيفتها الأمنية الرئيسة، والتي تحددت بملاحقة، واعتقال، وتصفية المقاومين للاحتلال (الإسرائيلي) ولعل "تصفير" قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال في شمال الضفة الغربية مثال حي على ذلك، وأن إقناع أركان السلطة بخلاف ذلك يحتاج إلى معجزة سياسية.

-باحث في التاريخ الإسلامي- غزة عن (القدس العربي)