خبر زمان الفاشية -هآرتس

الساعة 10:16 ص|09 نوفمبر 2010

بقلم: داني غوتفاين

 (المضمون: كان الاحتلال يعمل مثل نظام تعويض للاسرائيليين المهددين في أمنهم الاجتماعي وأخذت الدعوة الى الفاشية تحل محله في هذه الوظيفة - المصدر).

إن تغلغل الفاشية من اركان الشارع الى أروقة الحكم احدى الطرق التي يواجه بها اليمين الاسرائيلي التغييرات التي تحدث في وظيفة الاحتلال الاجتماعية. إن تعديل قانون المواطنة بحيث يشتمل على تصريح بالولاء لدولة اسرائيل بأنها دولة يهودية وديمقراطية أحد التعبيرات عن ذلك.

تتبيّن نيّة التعديل بالمعارضة التي يُثيرها خاصة عند من يؤيدون تعريف اسرائيل بأنها دولة يهودية وديمقراطية: فدان مريدور يراه تحرشا لا داعي له بالمواطنين العرب، ويُعرّفه اسحق هرتسوغ بأنه إظهار للفاشية. ولما كان كذلك، يزعم المعارضون، فان التعديل موجه الى إرضاء جهات ائتلافية متطرفة. بيد أنه يبدو أن الولاء الذي يريد التعديل ضمانه هو ولاء ناخبي اليمين خاصة ولا سيما اولئك الذين تقوض سياسته الاقتصادية أمنهم الاجتماعي.

        منذ 1977 استخدم اليمين الاحتلال على انه جهاز لتعويض ضحايا سياسة الخصخصة: فقد حلّت حلول السكن والخدمات الاجتماعية السخيّة التي تعرضها المستوطنات محل ترتيبات دولة الرفاهة. إن سياسة الخصخصة في الحقيقة مشروع مشترك بين اليمين واليسار، لكن يميل ضحاياها الى تفضيل اليمين لانه يُسوّى مع استمرار الاحتلال ومع جهاز تعويض المستوطنات، كما يُبغضون اليسار بسبب السلام الليبرالي الجديد الذي يقترحه، وعن خشية أن يجعلهم إنهاء الاحتلال والغاء جهاز التعويض "ضحايا سلام" اجتماعيين.

        لكن تحت ادارة حكومة نتنياهو الثانية أخذ جهاز تعويض الاحتلال يفقد جدواه. فالعامل اليهودي غير المهني مُعرض لمنافسة تشتد من عمال اجانب، في حين أن تجميد البناء يضر بالتعويض الأهم الذي عرضته "ارض المستوطنات".

        تواجه أجزاء من اليمين الجدوى التي أخذت تنقص لجهاز تعويض الاحتلال بتحويل الفاشية من "مستنبتات وحشية" معزولة الى سياسة رسمية. إن تغيير تصريح الولاء، وقرن الجنسية بالولاء، وسلب المواطنة وتأجيج التحريض على العمال الاجانب، الذي يدفع به قُدما وفي تنسيق نتنياهو وافيغدور ليبرمان وايلي يشاي، موجهة الى زيادة "ثمن" الجنسية، كي تكون بديلا عن مزايا الاحتلال التي أخذت تضعف.

        وهكذا يُتِّم نظام الخصخصة مساره: تحويل الخدمات الاجتماعية من حقوق مدنية الى سلع تتحقق بجعل الجنسية نفسها سلعة. وفي خلال ذلك تحل الفاشية محل الاحتلال على أنها جهاز تعويض، والتمسك بالاحتلال الذي يصبح يائسا كلما ضاقت مزاياه يُغذي الفاشية. فالفاشية اذا هي استمرار الاحتلال بوسائل اخرى، ولانها كذلك فانها تنقل منطق الاحتلال الى داخل اسرائيل.

إن استكمال مسار الخصخصة سيزيل الحاجة الى وظيفة الاحتلال على أنه جهاز تعويض ويُمكّن من تغيير المواقف في اليمين الذي وجد تعبيرا عنه في خطاب بار ايلان؛ إزاء ازدياد الفروق الاجتماعية التي ما زال يُحدثها نظام الخصخصة، تصبح الفاشية جهاز تعويض اسرائيليا داخليا يُعمق نظام الخصخصة تحت ظله سيطرته على المجتمع. وهكذا كلما ورثت الفاشية عمل الاحتلال كجهاز تعويض، غيّر الاحتلال وظيفته وأصبح الاستمرار عليه علّة لتعميق الفاشية.

إن مكافحة الفاشية والاحتلال مشروطة بمواجهة الخوف والكراهية اللتين يُثيرهما نظام الخصخصة، وأن يُستبدل به دولة رفاهة تُعيد بناء الأمن الاجتماعي. كان يفترض أن يكون هذا عمل اليسار. بيد ان اليسار الاسرائيلي بخلاف مواعظه المنددة بالاحتلال وحديثه الفصيح عن الديمقراطية، جعلته الخصخصة بتأييده لها شريكا في انشاء الظروف الاجتماعية للاستمرار على الاحتلال وغلغلة الفاشية. ولهذا فان انقلابا اشتراكيا – ديمقراطيا في اليسار شرط لوقف زمان الفاشية.