خبر رُعب أوباما- هآرتس

الساعة 11:16 ص|08 نوفمبر 2010

رُعب أوباما- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: كل المسيرة انقلبت رأسا على عقب وصار نتنياهو يكافح اوباما بدلا من أن يواجه مهمته الاصلية في الوصول هو نفسه الى السلام مع الفلسطينيين. لعل الحل يكمن في أن يرفع اوباما يديه عن المسيرة ويترك المهمة لنتنياهو نفسه - المصدر).

        في منظومة الادوات المتداخلة بين واشنطن والقدس تعمل فقط صيغة فيزيائية واحدة: عندما يتعزز باراك اوباما، يكون بنيامين نتنياهو في ضائقة. وعندما يضعف اوباما – يتفتح نتنياهو. حسب هذه المعادلة الاسرائيلية، فان الصراع هو فقط بين الزعيمين وكأن الحديث يدور عن متصارعين لا يمثلان مجموعتين، فما بالك دولتين.

        هكذا مثلا، نتنياهو لا يمثل الرفض للمسيرة السلمية، بل الموقف الوطني المتين حيال نتنياهو. اوباما لا يدفع السلام الى الامام، بل هو خصم نتنياهو. عندما القى اوباما خطاب "مد اليد للاسلام" في حزيران 2009، هو، وليس الولايات المتحدة اعتبر محب العرب. الاسم الوسط "حسين"، يحمله اوباما وليست الولايات المتحدة، اظهار الاستخفاف بنتنياهو حدده اوباما الرجل الذي هو ايضا رئيس، وليس أمريكا. اوباما الرجل هو العدو، امريكا هي الصديق الاكبر.

        التمييز بين الرئيس الامريكي والامة الامريكية هام على نحو خاص لكل من يخاف من سلوك الفيل الامريكي المحرر. فهل بسبب الفشل في الانتخابات للكونغرس سيبدأ بالعربدة، بالضغط على اسرائيل، باستدعاء نتنياهو ومحمود عباس اليه ليقرر جدولا زمنيا ويهدد بالعقوبات على اسرائيل كي يثبت بان قوته في متنه، أم ربما سيهدأ ويفهم اخيرا ما فهمه اسلافه: اسرائيل مستعدة للتعاون في السياقات، شريطة ان يضمن لها بالا تعطي هذه أي نتائج.

        الوهم هو، انه طالما كان ممكنا تركيز الصراع على اوباما – بعرضه كرئيس تبقت له اجمالا سنتان اخريان على ولايته، عرضه كاوزة عرجاء – سيكون بوسع اسرائيل التخلص من رعبه. واذا حاكمنا حسب جبال الكلمات التي كتبت وانطلقت على الالسن في الايام الاخيرة في محاولة للتخمين كيف سيعمل اوباما، سيكون ممكنا التقدير بيقين بان هذا سيكون الهدف التالي لـ "المسيرة". لا ماذا سيفعل نتنياهو حيال الفلسطينيين وبالتأكيد ليس على ماذا ستوافق اسرائيل أن تتنازل، بل كيف سيدير نتنياهو الصراع ضد خصمه الامريكي. بالضبط مثلما أصبحت المفاوضات التي حظيت بلقب "محادثات مباشرة"، عمليا حوارا عنيدا بين نتنياهو واوباما وليس بينه وبين عباس، هكذا ايضا الصراع التالي سيتركز على مناورات الدفاع عن النفس والتخلص من عناق الرئيس.

        هكذا ينتج ان ولاية نتنياهو تدق حسب وتيرة اوباما، وليس حسب سرعة تقدم اسرائيل نحو الهاوية. عندما يتوقف اوباما، نتنياهو يكبح، ومثلما في كل كبحة مفاجئة تندفع الكتلة الى الامام والدولة تتخذ خطوة كبيرة اخرى نحو اللا شيء. توقف نتنياهو مثله كرصاصة الحكم في السباق: وزير الداخلية يسارع الى اقرار المزيد من وحدات السكن في شرقي القدس، مستوطنون يكملون بسرعة بناء المستوطنات التي تجمد بناؤها واخلاء منازل فلسطينية في شرقي القدس يتقدم وكأنه لا يوجد غد.

        غير أنه الان، بعد أن تعلم الدرس، يعرف نتنياهو ماذا يفعل: فهو يبلغ اوباما قبل تنفيذ الجريمة. وكأن هنا يكمن اللغم. هذه احبولة مشوقة، حكيمة لا مثل لها. بموجبها اذا عرف اوباما مسبقا بان نتنياهو يستخف بطلب تجميد البناء، فبوسعه أن يفعل واحدا من اثنين: إما أن يأمر اسرائيل بالكف والمخاطرة بالصدام مع سور نتنياهو أو أن يصمت ويخاطر بالغضب الفلسطيني. في كل واحدة من هاتين الامكانيتين سيدان اوباما كمن يعمل ضد احد الطرفين وعلى الفور سيضطر الى مصالحة الطرف المتضرر. المذنب معروف مسبقا.

        ولكن يمكنه أيضا أن يرفع يديه وان يسلم بالاسرائيليين والفلسطينيين رقم هاتفه لحالة أن يرغبوا في المستقبل في خدماته. فبعد كل شيء، لم يخسر أو يكسب أي رئيس امريكي بسبب دوره في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني أو بسبب سياسته الخارجية على الاطلاق.

        ولعل هذا هو الحل. انصراف اوباما من الساحة سيجعل دفعة واحدة نتنياهو المسؤول المباشر عن مواصلة المسيرة. وهكذا يصرف الرئيس الامريكي لوحة الاستهداف عن وجهه ويضعها على وجه نتنياهو الذي سيبقى فجأة دون شماعة يعلق عليها الذنب. نتنياهو سيكون عندها المسؤول الوحيد عن فشل المسيرة. في تفكير ثانٍ، هذا ما كانه على مدى كل الطريق – اما اوباما فلم يكن سوى الذريعة. إذ ان نتنياهو وليس اوباما هو الذي يجب أن يقود اسرائيل نحو السلام. نتنياهو سيضطر في حينه الى أن يختار بين صيغة بليغة من المعاذير لفشلنا وبين الخيار الاخر: الحديث مع الفلسطينيين وكأنه لا يوجد اوباما والحديث مع اوباما وكأنه لا يوجد فلسطينيون.