خبر ليس زعيما- معاريف

الساعة 10:02 ص|07 نوفمبر 2010

ليس زعيما- معاريف

بقلم: ياعيل باز- ميلميد

(المضمون: نتنياهو - هذا الرجل، الذي واضح كالشمس بانه كان يمكنه أن يكون الزعيم الصحيح في الزمن الصحيح، يحبذ ترك مصالحنا الاكثر حيوية لمصيرها كي لا يغضب افيغدور ليبرمان وايلي يشاي - المصدر).

        لا ريب أن بنيامين نتنياهو مصنوع من المادة التي تكون منها الزعماء. لديه هذا، رغم أنه ينجح في اخفاء هذه الميزة بتميز زائد. كلما نظرنا الى وسطية المستنقع السياسي نجد واضحا أن نتنياهو يمكنه أن يكون نركيس، لو أنه أراد فقط (نركيس هو عاشق ذاته في الاسطورة اليونانية). لو أنه فقط اتخذ بينه وبين نفسه قرارا واحدا هاما – ان يقود. ان يكون زعيما. أن يعطي هذه البلاد والجمهور الذي يعيش فيها ما يستحقونه.

        صحيح حتى الان لم يتخذ هذا القرار. كما أنه لم يتخذ القرار بان يكون الزعيم الذي نحن جديرين به. على طريقته قرر الا يقرر. محوط بنحو مائة مستشار، بعضهم سخفاء (اذا أخذنا بالحسبان بان أحد الاشخاص المقربين اليه كان روني مانا). آخرون عاديون، ينصت انصاتا شديدا لزوجته، سارة، التي تدير جزءا هاما من تعبئة الوظائف في ادارة نتنياهو، يتحرك كيفما اتفق من مكان الى مكان، من مشكلة حادة واحدة الى اخرى، ولا يفعل شيئا.

        وها هي مرت أكثر من سنة ونصف منذ انتُخب، ويُخيل له انه ينجح في الحفاظ على كل ما هو موجود، رغم انه يعرف جيدا انه في الوضع المتفجر لدولة اسرائيل، فان الوقوف في المكان هو سير سريع الى الوراء. نتنياهو يعرف جيدا كيف يقرأ خريطة الواقع. ذات مرة، عندما كان لديه حلم، عرف كيف يحلل المخاطر الوجودية لاسرائيل، قبل كثير من وقوعها. عندما لم يكن يتحدث أحد عن خطر النووي الايراني، كان طرحه على السطح. ومنذ ذلك الحين انتُخب مرتين: في 1996 كان رئيس وزراء موضع خلاف، ولايته انتهت على نحو مبكر اكثر من المتوقع وجلبت معها مصيبة صغيرة لليكود.

        الفشل اللاذع اياه لا يزال يلذع لحمه. يشله. وهو يتصرف كشخص خائف، ما بعد الصدمة، كل صوت صغير من اليمين يدفعه الى أن يغلق بابا آخر كي يتمكن من الاختباء. شخص كهذا، بالذات بسبب كفاءاته الكثيرة، هو مصيبة لدولة اسرائيل في الايام التي يتقرر فيها مصيرها بقدر كبير. ليس نحن من نقول ذلك. رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية المعتزل، اللواء عاموس يدلين طرح ذلك على السطح. هو الذي قال أن المواجهة العسكرية التالية ستكون شديدة وكثيرة الاصابات وستضم ما لا يقل عن جبهتين، ان لم يكن ثلاث. هو الذي تحدث بخطورة غير مسبوقة عن التهديد النووي من جانب ايران.

        نتنياهو يعرف جيدا ماذا يعني الا يكون لسلاح الجو حرية عمل جوية عقب التسلح بصواريخ متطورة لدى سوريا وحزب الله. وهو يعرف جيدا ماذا سيكون الثمن الباهظ الذي ستدفعه اسرائيل – ثمن المصابين والقتلى الكثيرين. وهو الاول الذي يعرف بانه مع الفظائع التي يعدها لنا ألد اعدائنا يمكن لاسرائيل أن تتصدى فقط من خلال مساعدة مكثفة من جانب الولايات المتحدة التي يقف على رأسها الرئيس اوباما. ليس هناك في هذه اللحظة أي مؤشر على انه لن يكون هناك في ختام السنتين لولايته الاولى أيضا.

        قدرة التحليل لدى نتنياهو جيدة بما فيه الكفاية كي يفهم بان الان باتت هذه قصة بقائه الشخصي حيال بقاء اسرائيل. يحتمل أن يبقى في السنتين والنصف حتى نهاية ولايته، ولكننا كلنا سندفع على ذلك في المستقبل ثمنا يعرض بقاءنا نحن للخطر. وهو يفهم جيدا بان المفتاح الاول للتغيير الكبير يكمن في نجاح المحادثات مع الفلسطينيين. ورغم ذلك فانه يفضل، كاختيار شخصي، ان يصالح اليمين وافيغدور ليبرمان وأن يخلق وضعا من التجميد التام للمحادثات، بسبب عدة اسابيع من تجميد البناء.

        هذا الرجل، الذي واضح كالشمس بانه كان يمكنه أن يكون الزعيم الصحيح في الزمن الصحيح، يحبذ ترك مصالحنا الاكثر حيوية لمصيرها كي لا يغضب افيغدور ليبرمان وايلي يشاي. ذاك الـ ايلي يشاي الذي يمثل جمهور ناخبين لن يدفع أي ثمن شخصي في الحرب القادمة التي "ستكون شديدة وكثيرة الاصابات". وهم سيواصلون الجلوس في خيام التوراة والتمتع بالحماية التي يمنحها لهم العلمانيون ومعتمرو القبعات المحبوكة، ممن أغلب الظن سيسفكون دماءهم كي يواصل هؤلاء الجلوس بأمان في مدارسهم. وعندما سيحصل هذا، وجبهتان أو ثلاث جبهات فظيعة تهدد دولة اسرائيل سيكون بوسعنا أن نشير الى نتنياهو كمن كان يمكنه على الاقل ان يحاول منع ذلك. ولكن هذا لن يجدينا نفعا.