خبر عملية « جلعاد شاليط الى الأبد »..هآرتس

الساعة 01:13 م|05 نوفمبر 2010

بقلم: يوسي سريد

يحدث هذا فجأة دائما: ففجأة يحل صمت غامض مُثقل. وننتبه فجأة الى أن نتنياهو لم يعد يعِد كعادته بأنه يفعل كل شيء لانقاذه. ويضطر آسِروه هناك ايضا الى الصمت. ويختفي هو في ظروف غامضة. حدث هذا معنا ذات مرة وسيحدث مرة اخرى.

          والبلاد مليئة بالهمس والاشاعات: الولد مفقود، "ولدنا جميعا". بين فم وأذن تقول التخمينات: هل مرض ومات؟ هل حاول الهرب وأُطلقت النار عليه؟ هل أصيب بنيران قواتنا؟ هل نفدت حياته في قِصَر أسيف؟ وتُجند كل اجهزة الأمن لحل اللغز الفظيع، يجب الاهتداء الى أثره. يُعطي الحاسوب العملية اسمها – "جلعاد الى الأبد". وكأنه قرأ الأفكار والتاريخ المُعاد.

          يُخيل الينا للحظة أن المفتاح في يد لكنه يقع من اليد. تُجدد الجهود، لن يهجعوا بعد أن ناموا، والالمان الذين عرفوا خيبات الأمل، مستعدون للمساعدة برغم كل شيء. "نتنياهو خيّب آمالنا"، يقولون للصحفيين لكننا لن نتخلى عن الامر من اجل العائلة.

          لا يتحدثون الآن عن علامة حياة فقط، بل عن علامات موت ايضا، ويتذكرون رون أراد. بدأت حماس تشير الى أنه يوجد ما يُتحدث فيه، وهي مستعدة للتوضيح ولتسليم تفاصيل – أقُتل أو مات أو اختطف، وأين مكان وجوده.

          ينعقد نادي الوزراء على عجل، ويقرر بالاجماع الاستعداد للصفقة – معلومات وثيقة مقابل عشرات المخربين. يضج الرأي العام ويضغط ولا شيء مثله في تأثره: ألم يقلب العوالم في النهار وفيما يُستأنف سيُضاعف الضجيج في الليل ايضا. واذا لم يكن نجح في اعادته قبل الآن فهو يعلم الفرض الكبير بعد.

          فحص أفاضل الخبراء وحكموا بوجود شيء حقيقي في هذه المعلومات، اذا جمعنا أطرافها فقط – ليُركّب المختبر الصورة كاملة. وفي خلال ذلك – تنشب الازمة: يتهمهم وزير رفيع المستوى بالقتل – دمه في أعناقهم ولن يتم تبرئتهم – يقول في سبت ثقافي في بئر السبع. فيردون ويتهمون حكومة اسرائيل بتفاوض وجِل متهرب – أي بخطوة الى الأمام واثنتين الى الوراء. ويحافظ الالمان على وجه بلا تعبير.

          وهنا يأتي شق طريق. تُلقي حماس قنبلة: فهي تحتجز عندها اشياء له – ملابس وبندقية بل يوميات شخصية – ستأخذها العائلة بشرط ان تدفع الحكومة، وسيكلفنا ذلك ثمنا باهظا.

          يتغير الخطاب الاستخباري بحسب ذلك، يجب وضع اليد على اليوميات. هذا ما ينقصنا بعد، أن تبدأ قطع منها تتسرب الى من وجدوها لاربع سنين ونصف سنة في البئر. وقد تصبح الشخصية الكرتونية لحما ودما. وما هو السؤال هنا أصلا: من الواضح أننا لن نتخلى عن جندي وعندما يكون الحديث عن امكانية جثّة نصبح جميعا دُبّا ثاكلا في حقل.

          يتوجه الالمان الى الموساد الذي يتوجه الى رئيس الحكومة الذي يعطي الضوء الاخضر. وتحت غطاء ثقيل من السرية تُجدد الاتصالات تمهيدا لصفقة التبادل. لكن ليكن واضحا: لن نوافق على أن يخدعونا، قبل ذلك سنتحقق من رقم البندقية التسلسلي وبعد ذلك سنوافق على اطلاق بضع مئات من المخربين.

          في ذلك اليوم المشمس الشتوي، فتح أبناء العائلة الرزمة. ارتجفت الأيدي تأثرا، بلغ ذروته عندما سُحب القميص الملطخ بالدم. "أهذا قميص ابنك"، سُئل الأب، وعرفه. افترسته حيوانات شريرة. وقالت الأم "ليتكم أعدتموه بدل البندقية".

          ستظل اليوميات سرية في هذه الاثناء بحسب توجيه من أعلى. فليس من الخير المس بالروح المعنوية القومية وإضعاف قوة صمود الجمهور.

          يتبيّن لجميع الحاضرين أن العملية لم تنته وانها في ذروتها. ولن يكون مناص: سنضطر الى اطلاق سراح مخربين آخرين، أناس قتلة حتى نحظى برؤيته يعود الى بيته.