خبر خطر: فصل القرارات الحاسمة..هآرتس

الساعة 01:11 م|05 نوفمبر 2010

بقلم: جدعون ليفي

بعد لحظة من انتهاء موسم الانتخابات لمجلس النواب في الولايات المتحدة، وقبل لحظة من بدء موسم الانتخابات للرئاسة هناك، فُتحت نافذة فرص ضئيلة لموسم القرارات الحاسمة. قد يكون هذا موسما خطرا لا مثيل له. والامر الموضوع في جدول العمل كالعادة هو الهجوم على المنشآت الذرية في ايران و"المسيرة السلمية".

        لن ينتج شيء عن هذه الاخيرة بيد أن بنيامين نتنياهو يريد أن يحسم الامر هذه المرة ايضا من اجل التغيير، وأن "يدخل التاريخ" وأن يُنسي داني دنون وتسيبي حوتبلي هذا الصداع كله لدولتين وتجميد المستوطنات. وكذلك يريد اهود باراك. لهذا يتجه الشهران القادمان الى الشغب، الى شغب كبير مهدد. إن طريق نتنياهو وباراك السهلة نسبيا في حسم القرارات والإنساء قد تكون طريق القصف الجوي. اجل، قد ينجح هذا مرة اخرى كما في العراق وفي تلك الدولة الخفيّة، لكن هذا النجاح ايضا سيكون متوهما؛ وسيكون الفشل كارثة، وتوجد سيناريوهات رعب كثيرة عن اليوم التالي.

        ايران خطرة، وايران اذا قُصفت ستكون أخطر. ونظام الحكم في ايران مستقر؛ وسيكون النظام بعد القصف أشد استقرارا. من شاء تعزيزه فهو مدعو للقصف. ومن شاء أن يُوحد الشعب الايراني أكثر وراء قيادته فهو مدعو للتهديد والهجوم. ومن شاء أن يحث ايران أكثر على أن تُحرز لنفسها قنبلة فهو مدعو الى التخويف. يعلم أدنى آيات الله شأنا الحقيقة وهي أنه لو كان لافغانستان والعراق قنبلة لما تجرأت الولايات المتحدة على غزوهما ولنجا نظاماهما. ويعلم أدنى آيات الله شأنا ايضا أن تهديد اسرائيل المحتلة أفضل وسيلة لحفظ نظام الحكم. وفي اسرائيل، يعلم أدنى الخبراء شأنا أن قصف ايران سيؤخر بضع سنين فقط تطوير القنبلة. ومن كان يريد أن يبرهن على أن اسرائيل تعرف القصف – أن تقصف مرة اخرى – فهو مدعو لدخول هذه المغامرة الشوهاء.

        في مقابلة ذلك، من شاء أن يُضعف ايران وأن يعزلها وأن يُحيِّد ولو شيئا قليلا من خطرها، فهو مدعو الى العمل على نحو مختلف. ثمّ سبيل واحدة فقط لتقطيع التهديد على أكثر من سنتين أو ثلاث وهي صنع السلام. من المغضب مبلغ بساطة هذا، ومما يثير السُخط كم يبدو مقطوعا عن الواقع. يمكن أن نتخيل سيناريو "مقطوعا عن الواقع" كهذا: أن تستجيب اسرائيل توسل سوريا للسلام، وأن تتحداها وتوقع على اتفاق معها. وهكذا نُبعد عن ايران حليفة من حليفاتها الاستراتيجية هي سوريا. وتعود الى اسرائيل حليفة استراتيجية اخرى هي تركيا – والسلام على اسرائيل.

        يمكن أن نستمر على التخيل نحو اماكن أكثر هوجا مثل أن تُنهي اسرائيل الاحتلال وتتوصل الى سلام مع الفلسطينيين. وهكذا نُبعد عن ايران أفضل تعلّة عندها لمهاجمة اسرائيل؛ لانه ماذا سيقول محمود احمدي نجاد اذا أحرز الفلسطينيون تسوية مع اسرائيل؟ ومن سيُصغي له بعد ذلك، بعد أن تصبح نابلس وغزة والخليل ونصف القدس ذوات سيادة، وتعلن الجامعة العربية السلام؟ وكم من الدعم يستطيع أن يحتاز اذا بقي من غير كل تعِّلات العداء هذه، واقفا وحده تقريبا في مواجهة شرق اوسط جديد، ويظل حزب الله والجهاد الاسلامي وربما حماس فقط الى جانبه؟ ستصبح ايران آنذاك مثلما كانت عليه ليبيا ذات مرة، معزولة بائسة، وقد تصبح بعد ذلك ما أصبحت عليه ليبيا اليوم، مقبولة منتمية. أيبدو هذا تبسيطيا؟ ربما، لكن الخيارات "المعقدة" و"الواقعية" أشد انقطاعا عن الواقع وأشد خطرا.

        إن أشد ما يصيب اسرائيل في السنين الاخيرة فقدان العقلانية. فلم تعد اسرائيل منذ زمن تعلم ما هو الخير لها، وأشد اضرار بمصالحها هو من صنع يديها، فقد أطلقت النار على نفسها مرة بعد اخرى.

        موسم القرارات الحاسمة على الأبواب؛ وسيكون متخذو القرارات الحاسمة اثنين في الاساس: نتنياهو وبراك اوباما. لم نتوقع من الاول شيئا وخاب أملنا في الثاني. ومع ذلك كله، ما زالا لم يُنهيا عملهما. فرئيس الولايات المتحدة قادر على وقف قصف اسرائيلي وعلى أن يضغط عليها لاختيار الطريق الثاني. اوباما مدين بهذا لاسرائيل ولأمن العالم. ويُقال في فضل نتنياهو انه لم يُخرج اسرائيل قط الى حرب، وهذا انجاز نادر لرئيس حكومة اسرائيلي. يحسن أن يحافظ عليه على الأقل.

        يوجد في تاريخ اسرائيل القليل جدا من السنين التي لم تبدأ بتصريحات قوية بكونها "سنة الحسم". وقد أصبحت على نحو عام سنة إضاعة الفرصة. إن موسم القرار الحاسم الذي بدأ هذا الاسبوع قد لا يصبح لا هذا ولا ذاك بل قد يصبح موسم الكارثة.