خبر سلام اوباما..هآرتس

الساعة 12:35 م|04 نوفمبر 2010

بقلم: أري شبيط

لم تكن مفاجآت حقيقية في انتخابات مجلس النواب الامريكي. فاز الجمهوريون بمجلس النواب لكن لا بمجلس الشيوخ، وفي كنتاكي لكن لا في كاليفورنيا، بأكثرية لكن لا بحسم. فما يزال براك اوباما هناك: ضعيفا لكن غير مهزوم، مصابا لكنه غير مضروب، جريحا جرحا متوسطا. اذا كان قد وُجد في القدس من أمل أن ينقذ حفل الشاي حفل "يشع" فقد اخطأ خطأ شديدا. انقضى زمان الانتخابات المتوسطة 2010. واليوم هو اليوم الذي يلي الانتخابات، بعد الأعياد وبعد اللعب السابق.

        وهكذا فان اللعبة الحقيقية تبدأ الآن. واسم اللعبة: فلسطين. ونهاية اللعبة: انشاء دولة فلسطينية قابلة للبقاء في غضون سنة. لماذا؟ لان الرئيس الامريكي المتولي عمله يشايع الفلسطينيين ومعاناتهم ويريد أن يعدل معهم. ولان الرئيس الامريكي يؤمن بأن انشاء فلسطين سيرضي العالم العربي الاسلامي الذي يريد مصالحته. ولان الرئيس الامريكي يعلم، انه مع عدم وجود أنباء جيدة في العراق وايران وافغانستان، فان فلسطين هي احتماله الوحيد لأنباء دولية جيدة. إن فلسطين وحدها هي التي ستُسوغ جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها، وفلسطين وحدها ستمنح اوباما التراث الدولي الذي يأمله، وفلسطين وحدها سترفع معنويات المجموعة الليبرالية التي يتوخاها اوباما.

        لهذا ستصبح فلسطين في 2011 بالنسبة للرئيس ذي التصميم ما كان التأمين الصحي عنده في سنة 2009. إن براك حسين اوباما سينشيء دولة فلسطين بالحسنى أو بالسواى، بالنار أو بالماء، بالحكمة أو بالحماقة.

        إن تصميم الرئيس مبارك بمعنى من المعاني. فمن الخير انه يوجد زعيم عالمي يحاول انقاذ حل الدولتين في الدقيقة التسعين. ومن الخير انه يوجد زعيم عالمي مستعد لبذل موارد عظيمة لتحقيق حل الدولتين. ومن الخير انه يوجد سائس ما يزال عنده ما يكفي من حس العدل كي يدرك أن الوضع الراهن غير محتمل. ومن الخير انه يوجد سائس يوجد فيه قدر كافٍ من السذاجة لاعتقاد انه يستطيع اصلاح العالم.

        لكن تصميم اوباما خطر بمعنى آخر. فالعجلة من الشيطان، كما يقول المثل العربي. والتبسيط وصفة لكارثة. والنوايا الخيّرة غير الثابتة في الواقع قد تفضي الى جهنم. حاول بيل كلينتون أن يفرض سلاما على الشرق الاوسط ففشل. وحاول جورج بوش أن يفرض الديمقراطية على الشرق الاوسط ففشل. اذا حاول اوباما أن يفرض إنهاء النزاع قبل أوانه فسيفشل ايضا. وسيكون فشل امريكي ثالث على التوالي فشلا زائدا عن المقبول.  سيُخل بالاستقرار ويشجع العنف ويخلف وراءه الفوضى والاضطراب.

        المعضلة حادة: إما السلامة السياسية وإما الحكمة السياسية. إما سياسة تطهرية تحاول بناء قصر في السماء وإما سياسة واعية تحاول تغيير الواقع على الارض. في واقع الامر، أكثر المسارات ايجابية مما يحدث في المنطقة هو مسار سلام فياض. أخذ ينشأ في الضفة الغربية مجتمع فلسطيني جديد يبني ويزهر.

        اذا لم يُعط مسار فياض بُعدا سياسيا فسينهدم. وسينهدم ايضا اذا قُرن بمسار أفق سياسي لا يمكن تحقيقه. الحكمة هي أن يُخاط للثورة الفلسطينية الهادئة حُلة سياسية تلائمها. ألا يُحاوَل اغلاق ملف اللاجئين في غضون شهرين، وألا يُحاوَل حل مشكلة القدس في غضون اسبوعين. وألا تُمكَّن الايديولوجيا واللاهوت من أن يُعرضا المعتدلين الفلسطينيين لحواجز ما زالوا غير قادرين على اجتيازها. السبيل الوحيدة هي اتفاق مرحلي، يقلص الاحتلال دون أن يُنهي الصراع ودون أن يُعرّض اسرائيل للخطر.

        ستكون الاسابيع التالية حاسمة. ما يزال عند اوباما، حتى بعد أن خسر مجلس النواب، قوة ليُرغم اسرائيل. وهو قادر على مواجهتها وعزلها وأن يفرض عليها سلاما متوهما. لكن اوباما لا يملك قدرا كافيا من القوة لجعل المتوهم حقيقيا. فهو غير قادر على اسقاط حماس، وعلى الغاء مطلب العودة وعلى جعل فلسطين طالِبة للسلام. لهذا اذا أصر على تقريب النهاية فسيُحدث اضطرابا ضخما. واذا اختار الطريق البراغماتي في مقابلة ذلك فان احتمالات أن يُحدث تغييرا جيدة. إن السلام الجزئي وحده، لا النهائي، سيمنح الفائز بجائزة نوبل السلام الذي يبحث عنه.