خبر لا رواية، توجد حقيقة تاريخية..هآرتس

الساعة 05:54 م|03 نوفمبر 2010

بقلم: موشيه آرنس

إعتاد المحقق كولومبو، بطل مسلسل التلفاز الاسطوري أن يتوجه الى الناس الذين حقق معهم وأن يقول: "أعطني الحقائق ببساطة". لم يكن كولومبو معنيا بالاصغاء لروايات متناقضة وذاتية كتلك التي ظهرت في فيلم أكيرا كوروساوا "راشومون".

        إن الحقائق هي الضرورية لمعلمي التاريخ عندما يعلمون أبناءنا عن حرب التحرير. قبل عدة سنين أمرت وزارة التربية بتدريس "الرواية الفلسطينية" بموازاة الرواية اليهودية (الاسرائيلية؟). الآن وقد أُلغي القرار – ما زالت تُسمع اصوات تطلب تدريس "الرواية الفلسطينية" ايضا.

        أتوجد روايتان حقا يجب على أبنائنا أن يدرسوهما؟ أليس التاريخ سوى مجرد جماع من الروايات المتناقضة؟.

        إن التفكير "الروائي" في التاريخ نوع من التيار الراهن، يبدو أنه لن يبقى زمنا طويلا. إن الحقائق هي التي نريد أن يدرسها أبناؤنا في دروس التاريخ. قد توجد لأحداث معينة تفسيرات مختلفة ويمكن توسيع الجدل فيها بعد أن تكون الحقائق قد ثبتت بلا شيء من الشك. وعندما لا يمكن تثبيت مسار الأحداث يمكن أن نُفرد مكانا أكبر لعرض روايات مختلفة.

        يبدو أن النموذج الروائي قد ضرب جذورا عميقة على نحو خاص في اسرائيل. هل يقترح شخص ما أن يُدرس في المدارس في الولايات المتحدة "الرواية اليابانية" المتعلقة بالحرب العالمية الثانية، الى جانب "الرواية الامريكية"؟ وهل يُدرسون في روسيا "الرواية الالمانية" المتعلقة بغزو الاتحاد السوفييتي في حزيران 1941؟ يبدو هذا سخيفا. فلماذا هو شرعي في اسرائيل اذا؟.

        توجد بطبيعة الأمر "رواية فلسطينية" لحرب 1948. يُسمونها نكبة. لكن كل من درس هذه الحرب أو شهدها، يعلم أن النكبة هي طائفة من الاكاذيب. لا تستطيع أي حماسة تفسير للحرب – التي قُتل فيها ستة آلاف يهودي، أي 1 في المائة من السكان اليهود، عندما دفعوا عن الدولة هجمات العرب – أن تُغير حقيقة أن جيوش الدول العربية المجاورة، وعصابات عربية محلية وقوات عراقية حاولت القضاء على الدولة اليهودية في حرب بادروا اليها.

        في الاماكن التي انتصر فيها العرب ذُبح السكان اليهود أو طُردوا ودُمرت الممتلكات اليهودية. إن ما حدث للحي اليهودي في البلدة القديمة في القدس ولغوش عصيون في ايار 1948، عندما سقطا في يد الفيلق الاردني، كان سيحدث للمجموعة اليهودية كلها لو انتصر العرب. كل ذلك مُحي في "الرواية الفلسطينية". هل يقترحون علينا أن يُدرس هذا التشويه التاريخي في مدارس اليهود والعرب في دولة اسرائيل؟.

        صحيح أن السكان العرب في فلسطين عانوا جدا زمن الحرب. لكن لا شك في انهم جلبوا هذه الكارثة على انفسهم، إثر القرارات التي اتخذتها القيادة العربية. من الحيوي أن نُدرس في المدارس هذه "الرواية الاسرائيلية" لليهود والعرب ايضا. من المهم كي يسود السلام الحقيقي بين اسرائيل وجاراتها أن يعترف العرب بأن ما يُسمونه "نكبة" هو مأساة جلبوها على انفسهم.

        كما كان من الممكن حقا احراز سلام حقيقي في اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن ترك الالمان "الرواية الالمانية" واعترفوا بالتاريخ الحقيقي للحرب التي بدأتها المانيا – فان التخلي عن "الرواية الفلسطينية" والاعتراف بالمسار الحقيقي للأحداث في 1947 – 1948 هما أساس المصالحة بين اليهود والعرب.