خبر الكاتب المصري:« المصالحة الحقيقية لن تتحقق بدون مضمون سياسي »

الساعة 07:07 ص|02 نوفمبر 2010

الكاتب المصري:"المصالحة الحقيقية لن تتحقق بدون مضمون سياسي"

فلسطين اليوم- غزة

رأى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري اليوم الثلاثاء، أن المصالحة الفلسطينية الحقيقية لن تتحقق بدون مضمون سياسي، وأن الخلاف على البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، سيكون عقدة ونقطة ضعف قاتلة يهدد هذا الملف.

وأوضح المصري في مقال له، أن أسئلة عديدة حول ملف الحوار الوطني تكشف مدى تعقيد ملف المصالحة الوطنية، مابين عقدة المكان وموعده، ومصير الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة، وإمكانية تطبيق الورقة المصرية وغيرها من الأسئلة المتكررة.

وبين، أن أية مصالحة يجب أن تقوم وتبنى في مواجهة التحديات والمخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، خصوصاً في هذه المرحلة التي تمارس فيها الحكومة الإسرائيلية الحالية أوسع وأشرس حملة لتهجير وتهويد وأسرلة القدس وبقية الأراضي المحتلة وتشدد الخناق على شعبنا في أراضي 1948، وتواصل الحصار على قطاع غزة مع تكثيف الاستعدادات والتهديدات بشن عدوان عسكري جديد.

واستعرض المصري، الخلاف حول الرأي الذي يرى ضرورة أن يتضمن البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، عبارة تؤكد الالتزام بالاتفاقات والالتزامات التي عقدتها المنظمة مع إسرائيل، وبين من رأى الاكتفاء بما جاء في وثيقة الوفاق الوطني وبرنامج حكومة الوحدة الوطنية، ليؤكد أن أميركا حسمت الأمر بإصرارها على ضرورة التزام أية حكومة فلسطينية بشروط اللجنة الرباعية الدولية وإلا ستواجه بالحصار والمقاطعة.

وأضاف المصري، أنه بدلاً من الإصرار على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتضمين برنامجها السياسي ما يجعلها مقبولة دوليا بدون الالتزام بشروط اللجنة الرباعية الظالمة عبر الاكتفاء بالالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، تم التراجع إلى الوراء واستبدال فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية في المرحلة الانتقالية بتشكيل لجنة فصائلية مشتركة تتولى التنسيق بين حكومتي الضفة الغربية وقطاع غزة لحين إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستحسم الأمر وتوضح من هو الطرف الذي سيحوز على الأغلبية وبمقدوره أن يشكل الحكومة استناداً إلى برنامجه.

ووصف المصري، اللجنة الفصائلية المشتركة بأنها وصفة للتعايش مع الانقسام وإدارته، لأن الانتخابات لن تكون، مستدركاً:"هذا اذا جرت انتخابات حرة ونزيهة لأن من سيشرف عليها حكومتان واحدة في الضفة والأخرى في غزة، فإذا جاءت النتائج غير مناسبة للحكومتين أو أي منهما فلن يتم الاعتراف بها".

وأضاف المصري، أن الإدارة الأمريكية على الرغم من التراجع عن فكرة تشكيل حكومة الوحدة واستبدالها باللجنة الفصائلية المشتركة إلا أنها رفضت الورقة المصرية لأنها اعتبرتها تعطي نوعا من الشرعية لحركة حماس عبر الاعتراف بالأمر الواقع والتعايش معه، كما أعربت إدارة أوباما مرة أخرى بعد الحوار الأخير بين "فتح" و"حماس" عن تمسكها بضرورة الالتزام بشروط اللجنة الرباعية قبل تشكيل حكومة وحدة وطنية وقبل الاتفاق على دور ومهمات اللجنة الأمنية رفضت، بشكل خاص، مسألة مشاركة حركة حماس بقيادة الأجهزة الأمنية إذا لم تلتزم بشروط الرباعية.

واعتبر، أن الرفض الأميركي للورقة المصرية جعل مصر التي صاغتها على ضوء الحوارات الفلسطينية، و"فتح" التي وقعتها، غير واثقتين أنها صيغة مناسبة لإنهاء الانقسام، لذلك فان عدم توقيع حركة حماس أزاح العبء وألقى المسؤولية عليها، وجنب الدخول في الاختبار العسير فيما لو وقعت "حماس" عليها.

وأردف قائلاً:"لو وقعت "حماس" على الورقة المصرية، سيظهر على الملأ أنها صيغة لإدارة الانقسام، وتشكل نوعاً من الاعتراف بعدم قدرة طرف على إقصاء الطرف الآخر، ليس إلا أو أنها صيغة غير ممكنة التطبيق خصوصا فيما يتعلق ببند إجراء الانتخابات وإعادة تشكيل منظمة التحرير.

تأسيسا على ما تقدم، أوضح الكاتب والمحلل السياسي المصري، أنه إذا لم يتم سد الثغرات القائمة بالورقة المصرية خصوصاً بإضافة المضمون السياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، سيدخل في دهاليز التفسيرات المختلفة لتطبيقها والمحاصصة والملاحظات التي لا تنتهي عليها.

وشدد، على أن القفز عن المضمون السياسي للمصالحة الوطنية، يعني أن الموقف من المفاوضات والمقاومة والاتفاقات والالتزامات وموقع السلطة في النظام السياسي الفلسطيني، وميثاق وبرنامج المنظمة وإعادة تشكيلها والشراكة السياسية والحقوق والحريات والمضمون الاجتماعي للسلطة قد تم تأجيله إلى وقت لاحق، بينما إسرائيل داست بدباباتها وجرافاتها كل الاتفاقات ولم تطبق التزاماتها وتقوم بأوسع حملة لتطبيق مخططاتها التوسعية والعنصرية، وبينما الانتهاكات المنهجية لحقوق وحريات الإنسان الفلسطيني متواصلة في الضفة وغزة.

وأكد المصري، أن الحوار الفلسطيني ينقطع حينا ويتواصل حينا آخر ويتمحور الآن على الجوانب الإجرائية مثل تشكيل اللجان وموعد الانتخابات وصلاحيات الإطار القيادي المؤقت للمنظمة، أي على المحاصصة وتقاسم السلطة والوظائف والمكاسب.

وبين، أن تشكيل اللجان ومهمانها أمور مهمة ولكن بعد الاتفاق على الأهداف وأشكال النضال وقواعد العمل المشترك التي يجب الاتفاق عليها أولاً وقبل أي شيء آخر، عازياً انهيار اتفاق مكة وسقوط حكومة الوحدة الوطنية إلى أن برنامجها كان حمال أوجه، بحيث كان برنامجين في برنامج واحد، وهذا ظهر حين تمسكت حماس بكلمة "احترام" الواردة في البرنامج عند الحديث عن الاتفاقيات مع اسرائيل، بينما تمسكت فتح بكلمة "الالتزام" الواردة أيضاً، وهذا سمح للإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لرفع سلاح الحصار والمقاطعة في وجه حكومة الوحدة الوطنية ما أدى إلى انهيارها بعد ثلاثة أشهر على تشكيلها.

وأضاف، أن المحاصصة ساعدت كثيراً على هذا المصير، لأن "حماس" أرادت أن يكون لها فوراً مدراء عامون ومسئولون بالأجهزة الأمنية وموظفون في السلطة بنسبة موازية لما حصلت عليه "فتح" منذ تأسيس السلطة حتى عام 2006 حين فازت "حماس".

ونوه المصري إلى أن السلطة تشكلت بسبب هذا الأمر بوصفها سلطة "فتح" لأن نسبة كبيرة من الموظفين، وأفراد الأجهزة الأمنية، وغالبية ساحقة من المدراء والمدراء العامين والوكلاء وقادة وكوادر الأجهزة الأمنية تنتمي لحركة فتح.

وقال المصري:"لقد حاولت "حماس" في عام واحد بعد تشكيل حكومتها عام 2006 تعويض السنوات السابقة كلها فسعت إلى توظيف أكبر عدد ممكن من المدراء والمدراء العامين والمسؤولين".

وأضاف، أن هناك مفهوماً خطيراً للديمقراطية يتصور أصحابه أن من يحصل على الأغلبية يحق له أن يتعامل مع السلطة كإقطاعية خاصة به بحيث يعين فيها من يشاء بنسبة تعادل الأغلبية التي حصل عليها، معتبراً أن هذا المبدأ صحيح فقط بالنسبة لتشكيل وتوزيع المناصب الوزارية ولا ينطبق إطلاقا على بقية الوظائف.

وأوضح المصري، أن التعيينات يجب أن تخضع لقانون الخدمة المدنية، ويجب مراجعة وتغيير نظام التعيينات العشوائية الذي رافق السلطة منذ بداية تأسيسها، ونظام التعيينات على أساس الانتماء السياسي الذي ظهر واضحاً بعد الانقسام في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأدى أيضا إلى نظام من الفصل الوظيفي على خلفية سياسية.

وأكد المصري في مقاله، أن إعادة تشكيل وبناء الأجهزة الأمنية بعيداً عن الحزبية وعلى أساس عقيدة وطنية وبشكل مهني يعني أن كل أعضاء الفصائل إذا أرادت الاستمرار أو الانضواء في الأجهزة الأمنية عليها أن تستقيل من فصائلها.

وشدد المصري، على أنه لا يمكن تأجيل الموقف من المفاوضات التي وصلت منذ زمن بعيد إلى طريق مسدود، وأصبح الآن حتى أبرز مؤيديها يتحدثون عن الخيارات البديلة، بل لابد من اتخاذ موقف فلسطيني موحد يحدد أسس ومرجعية المفاوضات التي تضمن أنها ستكون مفاوضات مثمرة والتي لا يمكن المشاركة بالمفاوضات بدون توفيرها، وهي أسس لا تكتفي بوقف الاستيطان وكل الإجراءات الاحتلالية بل تتضمن ضرورة الزام إسرائيل بمرجعية واضحة وملزمة للمفاوضات حتى تكون المفاوضات لتطبيقها وليس التفاوض حولها.

كما أكد على أن تأجيل الاتفاق على المفاوضات والمقاومة والسلطة والاتفاقات والالتزامات والميثاق الوطني وبرنامج منظمة التحرير وضمان الحقوق والحريات والمضمون الاجتماعي والديمقراطي للسلطة يعني أن المصالحة إذا تحققت ستكون شكلية ومؤقتة، ونوعا من المحاصصة وتقاسم السلطة، وتخضع لأهداف تكتيكية، ومثل هذه المصالحة لن تتحقق وإذا تحققت لن تدوم.