خبر أوباما والمفاوضات والعرب والمسلمون .. د. ناجي صادق شراب

الساعة 05:22 م|31 أكتوبر 2010

أوباما والمفاوضات والعرب والمسلمون  .. د. ناجي صادق شراب

هل من علاقة بين المفاوضات، والعلاقة بين الإدارة الأمريكية وقضايا العرب والمسلمين؟ وهل نحن أمام نموذج جديد من العلاقة؟ وهل أمام نموذج رئاسي أمريكي جديد بالنسبة للعرب والمسلمين، وعليهم أن يحرصوا على عدم إضاعة هذه الفرصة التي قد لا تتكرر ثانية؟ العلاقة بين المفاوضات والرئيس الأمريكي أوباما والعرب والمسلمين علاقة وثيقة، وقبل توضيح أبعاد هذه العلاقة وأهميتها، وما هو دور العرب والمسلمين، أشير إلى عبارة قالها نتنياهو واصفاً الولايات المتحدة بالدولة التي يمكن تحريكها بسهولة في الاتجاه الصحيح. ويقصد بالاتجاه الصحيح هو مصالح "إسرائيل". وهذا بلا شك ليس في صالح القضايا العربية والإسلامية.

 

هذا أولاً، لكن في الوقت ذاته هناك تصريحات أخرى لبترايوس قائد القوات الأمريكية في أفغانستان يقول فيها عن عدم تحقيق تقدم في حل الصراع العربي "الإسرائيلي" يخلق بيئة عدائية للولايات المتحدة. ويضيف أن هذا الصراع يؤثر بصورة شاملة في الأمن والاستقرار في المنطقة، ويحدّ من قدرة الولايات على بناء شراكة مع دول المنطقة وشعوبها.

 

وهنا تبرز الملاحظات المهمة، أولها أن هناك مصلحة مباشرة لكافة الدول العربية والإسلامية لحل الصراع العربي "الإسرائيلي" وبالطرق السلمية، ومن هنا تظهر أهمية المفاوضات والدفع في اتجاه مساعدة الولايات المتحدة على القيام بدور أكثر توازناً، ويخدم مصالحها قبل أن يخدم مصالح غيرها. وثاني هذه الملاحظات أنه ليس من مصلحة الدول العربية والإسلامية أن تتحول الولايات المتحدة التي تربطها بدول المنطقة مصالح كبيرة ومتشابكة إلى دولة تحركها "إسرائيل" خدمة لمصالحها، ولذا على هذه الدول أن توظف مصالح الولايات المتحدة لديها بما يخدم منظومة المصالح المتبادلة بينهما.

 

كل هذه القضايا ترتبط بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالقضية الفلسطينية، وبالصراع العربي "الإسرائيلي" وباستمرارية جر المنطقة إلى خيارات الحروب التي لا تعمل لصالح أية دولة، ولذلك تصبح المساهمة المباشرة في حل القضية الفلسطينية مصلحة قومية للجميع، وعليه لا يمكن النظر إلى هذه المفاوضات والتعامل معها عن بعد وانتظار لنجاحها وفشلها، لأن فشل هذه المفاوضات ستعود نتائجه السلبية والكارثية على كافة أنظمة الحكم في المنطقة بل قد تقود إلى تغييرات كبيرة في الهياكل السياسية القائمة. ومن هذا المنظور يفترض أن تلعب هذه الدول الدور المطوب منها ولا تترك المفاوضين وحدهم، لأن ما قد يصلون إليه من نتائج له علاقة بمستقبل هذه الدول. وهذا يفرض أيضاً دفعاً للعلاقة بين هذه الدول والولايات المتحدة والعمل على عكس ما قال نتنياهو أي تحريكها باتجاه الآخر، كما أن العديد من هذه الدول تربطها علاقات ب"إسرائيل" مباشرة أو غير مباشرة، ولذلك ليس عليها أن تضع رأسها كالنعامة في الأرض، عليها أن توظف ما لديها من علاقات في الضغط على "إسرائيل" لتسوية عادلة وقيام الدولة الفلسطينية، لأن في قيامها مصلحة للجميع.

 

كذلك على الدول العربية والإسلامية أن تلعب دوراً مباشراً في إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتحقيق المصالحة الفلسطينية بما يخدم قيام الدولة الفلسطينية، وبما قد يؤدي إلى مفاوضات ناجحة فلسطينياً، والتأكيد على أن المصالحة تخدم المصالح الفلسطينية، وتخدم المفاوضات إذا كانت ستأتي بالمصالح الفلسطينية، وبقيام الدولة الفلسطينية.

 

أما الرئيس باراك أوباما فقد يكون الرئيس الأمريكي الوحيد الذي أعطى وقتاً كبيراً لهذا الصراع منذ توليه الرئاسة، على الرغم من القضايا والملفات الكثيرة الخارجية والداخلية التي يتعامل معها، كما يتميز أسلوبه بالحوار والشراكة في القرار، وهذا بلا شك مفيد للدول العربية والإسلامية التي كانت تشكو دائماً من تفرد الولايات المتحدة في إدارة قضايا المنطقة. ويتميز أيضاً بإدراكه أكثر من غيره أن الولايات المتحدة لها مصالح استراتيجية في المنطقة، وعليها أن تحافظ عليها من خلال حل الصراع العربي "الإسرائيلي". وهو أكثر إدراكاً وفهماً للعقلية العربية والإسلامية بحكم نشأته الأولى التي ساعدته كثيراً على الاقتراب من قضايا المنطقة.

 

هناك فرصة أمام الدول العربية والإسلامية لأن تعيد التوازن في علاقاتها مع الولايات المتحدة. والمثال الواضح هنا قراره في السماح ببناء مسجد "غراوند زيرو"، هذا القرار اتخذ من منظور المصلحة الأمريكية العليا، واحترام الدستور الأمريكي الذي يؤكد حرية المعتقدات.

 

فالسياسة لا تعرف إلا لغة المصالح، فهل عرف العرب أن يستفيدوا من المصالح التي لديهم، ومن وجود رئيس أمريكي مستعد للتعامل مع القضايا العربية الإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؟

 

أكاديمي وكاتب عربي