خبر أصبح جنوب افريقيا هنا- هآرتس

الساعة 11:22 ص|31 أكتوبر 2010

أصبح جنوب افريقيا هنا- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: تتحول اسرائيل بقوانينها العنصرية التي توافق عليها الأكثرية الى ما يشبه نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا - المصدر).

كيف استطاع الجمهور في اسرائيل أن يُدير ظهره لعدة عشرات من العنصريين ويدعهم يدخلون وحدهم عرين الأسود في أم الفحم؟ لماذا لم تنضم جماهير بيت اسرائيل الى السائرين في المسيرة؟ هل يُمثل مخائيل بن أري، وباروخ مارزل وايتمار بن غبير أنفسهم فقط أم هوامش اليمين المتطرف؟ إن آلاف المواطنين الاسرائيليين هزوا رؤوسهم موافقين على الاستماع لتفسيرات زعران اليمين لسبب المسيرة. وإن مئات آلاف الاسرائيليين راضون عن قانون المواطنة، وسُعداء لاقتراح القانون الذي يسمح – عندما يُتخذ وسيُتخذ – بتمييز العرب الذين يريدون شراء بيت في بلدة يهودية، ويرى أكثر الجمهور حنين الزعبي خائنة. أين كان كل اولئك في مسيرة الفاشية؟ ألا يلذ لهم أن يظهروا فجأة مع من يُمثل حكم النازية باخلاص؟.

كان يجب أن يظهر في مسيرة كهذه وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، وعضوا الكنيست انستاسيا ميخائيلي ودافيد روتام، ورؤساء "يشع"، والموالون للحاخام عوفاديا يوسيف، ورؤساء المجالس المحلية اليهودية في الجليل والغور مع آلاف من سكانهما، والى جانبهم أصحاب بيوت في تل ابيب ورعنانا يرفضون ايجار العرب الشقق. هذه مسيرة كان يجب أن تحمل شعار "مسيرة الفخر (الوطني)". لكنه جاء 1300 متظاهر فقط مع رجال الشرطة الذين حرسوهم.

لكن من المؤكد انهم ليسوا وحدهم. فهم ببساطة ما عادوا مُحتاجين الى مظاهرات تبجح. لأن الفصل العنصري الاسرائيلي يخرج من الشارع، ويُستل من النطاق الخاص، ويلبس صورة رسمية قانونية. تحول من فصل عنصري تطوعي، يغطي قُبحه بتفسيرات عن "الفروق الثقافية" وعن "الاهمال التاريخي" الذي يحتاج الى قليل من الميزانية فقط، والى أنبوبي مجاري كي يكون كل شيء على ما يرام – تحول الى فصل عنصري موجّه، مكشوف مُلزِم لم يعد يحتاج الى أي تفسير. في جنوب افريقيا في الخمسينيات خاف البيض حتى من المهاجرين البيض، كي لا يأتوا معهم بأفكار ليبرالية يصمون بها "التراث" المحلي. لكنهم خافوا من السود في الأساس. وفي غضون زمن قصير تبنى الانغلاق الابيض طائفة من القوانين كانت ترمي الى حماية طهارتها. ففي 1949 اتُخذ القانون الذي يمنع الزواج المختلط؛ وفي 1950 و1957 اتُخذت القوانين الاخلاقية التي جعلت العلاقات الجنسية بين العنصرين جناية تبلغ العقوبة عليها سبع سنوات سجن. وفي 1950 اتُخذ ايضا قانون تسجيل السكان الذي حصل كل مواطن بموجبه على تصنيف عنصري. وفي 1953 اتُخذ قانون التربية الذي قرر أن يتلقى السود تربية مختلفة، أقل قدرا من تربية البيض وفي 1950 أُجيز قانون "مناطق المجموعات"، الذي حدد سكن كل مجموعة عِرقية، وهو قانون أفضى الى اقتلاع 3.5 مليون أسود من بيوتهم خلال عشرين سنة.

يُقدم هذا التفصيل هنا خدمة لعنصريي الكنيست، في حال لم يعرفوا أي القوانين يقترحون لاكمال خطتهم. وهذه ايضا خدمة للجمهور الذي لم يحضر المسيرة في أم الفحم، كي يعلم ماذا يجب عليه أن يطلب بعد.

بتأخر كبير يُنقل قانون "مناطق المجموعات" من جنوب افريقيا الى سِفر القوانين الاسرائيلي. فلم يعد العربي يستطيع أن يشتري ارضا، أو أن يبني بيتا أو حتى أن يستأجر شقة، في بلدات يسكن فيها حتى خمسة بيوت أب لا تريده. بحسب فحص منظمة "عدالة" سيحمي القانون 68.3 في المائة من جملة البلدات في اسرائيل من الوصم. أما سائر البلدات، ولا سيما المدن الكبيرة، فستضطر الى الاستمرار في خلال ذلك على ترتيب أمورها مع الفصل العنصري التطوعي. لكن زمانها سيحين ايضا كما وجدت جنوب افريقيا حلا مناسبا لمدنها. يمكن مثلا منح لجان البيوت صلاحية أن تحدد من يحق له شراء أو استئجار شقة في بيت مشترك. فان ما هو جيد لبلدة جماهيرية صغيرة، يناسب من باب أولى مبنى سكنيا أصغر. وسيُتخذ بطبيعة الامر ايضا قانون لتشجيع النميمة.

وهكذا، في حين تبحث حكومة اسرائيل عن اعتراف فلسطيني بهويتها اليهودية، تبني داخلها هوية الدولة المزدوجة. انها حكم ذاتي محمي لأكثرية يهودية وحكم ذاتي سجين لأقلية عربية. وفي سرعة تحدد اسرائيل حدود الحكم الذاتي العربي وتمنح الأقلية العربية بواسطة قوانين الفصل العنصري مكانة قانونية لجيب ناقص الحقوق، واقليم ثقافي عِرقي يستطيع بفعل إبعاده عن المجموع أن يطلب ايضا اعترافا دوليا بمكانته الخاصة.