خبر إضراب عاملي الأونروا يدخل يومه الثامن عشر على التوالي

الساعة 10:52 ص|31 أكتوبر 2010

 

إضراب عاملي الأونروا يدخل يومه الثامن عشر على التوالي 

فلسطين اليوم _ طوباس

تجلس الحاجة السبعينية أم منير مع جاراتها من النسوة أمام دكانها الصغير في مخيم الفارعة، وأكوام النفايات منتشرة هنا وهناك من حولها على عتبات منازل المخيم، يداعبها هواء الخريف يمنة تارة، ويسرة تارة أخرى، وأحفادها يلهون في الشارع أمام ناظريها برفقة الكرة.

هذا اليوم هو الثامن عشر على التوالي الذي يدخل فيه إضراب اتحاد الموظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية 'الأونروا'، الذي يضم ثلاثة قطاعات هي التعليمي، والعمال، والخدمات التي من ضمنها الصحة، بعد أن قرر الاتحاد خوض إضراب مفتوح في كافة مرافق وكالة الغوث الدولية.

أم منير وحالها كحال بقية النسوة في المخيم تشتكي وتتذمر من النفايات المتراكمة بكثرة حول بيتها ودكانها وفي كل أزقة وشوارع المخيم منذ أكثر من أسبوع، تقول أم منير ويدها تلوح لتبعد عن وجهها ذبابة لا تمل من ملاحقتها:'عمال الزبالة الهم أسبوع ما أجوا وشالوا الزبالة من باب الدار ولا من أي منطقة بالمخيم، لصارت بالأكوام، وجابت الهسهس والذبان، وبكرة بتكثر الأمراض من ورا الوسخ الي منتشر في كل مكان'. فأينما يتجه نظرك داخل المخيم يقع على النفايات المكدسة في أكوام يخرج منها الدود.

المخيمات.. تشهد تكدسا في النفايات امام المنازل

فبات وضع المخيمات يحذر من تفاقم مشكلة النفايات المتراكمة ومن الأمراض التي من الممكن ان تسببها نتيجة الرائحة الكريهة المنتشرة في المخيم، والحشرات مثل البعوض، إضافة إلى الجرذان التي أصبحت منتشرة بكثرة منذ أيام داخل أزقة المخيم، والذي يؤثر سلبا على الوضع الصحي والبيئي.

ورأت إحدى ربات البيوت في المخيم أفضل وسيلة للتخلص من النفايات هو جمعها وحرقها، رغم الذي تسببه من انتشار للدخان بين منازل المخيم المتراصة على بعضها.

واستبدل بعض أطفال المخيم قسرا، مقاعد الدراسة بالتجول في الشوارع وبين البيوت بحثا عن منزل ينظفون أمامه الأوساخ المتراكمة، ويزيلون النفايات المكدسة، مقابل مبلغ زهيد من المال يتقاضونه من ربات البيوت لقاء عملهم، فالرائحة الكريهة التي تخرج من أكياس الزبالة لا تطاق، اضافة إلى انتشار البعوض، فقد وجدت بعض النسوة هذا التصرف حل لأزمة النفايات المتراكمة التي تسبب الكثير من الأمراض غير المنظر غير الحضاري في المخيم.

قال احد العاملين في نظافة المخيم:' لقد اضربنا تضامنا مع المعلمين منذ اليوم الأول لكن هذه الأيام عدنا للعمل بسبب تراكم النفايات في المخيم، وانتشار الرائحة الكريهة، وخروج الدود من أكياس النفايات، فمهما عطلنا سوف يبقى العمل متراكما علينا'.

نتيجة الإضراب بقي 65 ألف طالب وطالبة محرومين من التعليم

فنتيجة لهذا الإضراب بقي ما يقارب 65 الف طالب وطالبة من المخيمات، والملتحقين في مدارس وكالة الغوث الدولية، محرومون من تلقي تعليمهم الاساسي، ولذلك أصبح الأهالي يشعرون بالقلق الشديد إزاء مستقبل أولادهم المدرسي.

يقول ابو محمد من مخيم الفارعة لوكالة 'وفا' والذي لديه ثلاثة اولاد يدرسون في المدارس الاساسية للوكالة إن 'هذا الإضراب يسبب الأضرار الكثيرة على القطاع التعليمي في المخيمات جميعها'، ويشير ابو محمد إلى أن الخاسر الأكبر من ورائه هو الطلبة.

ويضيف وعلامات الغضب والقهر تبدوان على وجهه:' كل هاد الاضراب ميشان 200 شيقل خصمتهن الوكالة من رواتب لمعلمين منذ سبع شهور، والخسران الأول والأخير من الإضراب هو أولادنا إلى بكرة بطلعوا مش فاهمين اشي من الكتب، حتى لو عوضوهم بالمدرسة بدل أيام الاضراب'.

ويتابع ابو محمد: بعد انتهاء الإضراب سيسرع الأساتذة بإعطاء المواد لطلابهم، وبطلعوا أولادنا مش مؤسسين في تعليمهم'.

وام ايهم (35 عاما) تعاني من المشاكل التي يسببها لها طفلها أيهم في الصف الرابع، نتيجة عدم ذهابه إلى المدرسة، فهو يبقى طول النهار يلعب في شوارع المخيم، ويفتعل المشاكل بين اولاد جيله من الجيران.

تقول ام ايهم:' بسبب الإضراب أصبح الأولاد في الشارع وخاصة أنه لا يوجد ملاعب يذهبون إليها لقضاء وقتهم في اللعب، واصبح كل واحد فيهم يتحركش بالآخر وأنا مش خالصة من مشاكله، فايهم خرب علاقاتي مع الجيران'.

وطالبت وكالة الغوث بالإسراع في حل مشكلة الإضراب، الذي شل قطاع التعليم والصحة والخدمات وغيرها، وتعويض المعلمين والعاملين، ومن اجل عودة الطلبة إلى مدارسهم، وعدم ضياع الفصل الدراسي عليهم.

وعلى عكس جميع الأطفال الذين التقتهم 'وفا' داخل المخيم، عبر ايهم (12 عاما)، عن اشتياقه لمدرسته، وأصدقائه فيها، متمنيا حل الإضراب بأسرع وقت ممكن لرجوعه إلى مقاعد الدراسة.

بينما عبرت ام صديقه احمد عن خوفها من تسرب الأطفال من المدارس، وتعويدهم على الجلوس في البيوت، والإضرابات.

وضع صحي سيء

وتعيش المخيمات أيضا، وضعا صحيا سيئا في ظل إضراب العاملين في الخدمات الصحية، التي أغلقت أبوابها أمام المرضى الذين يراجعون في العيادات والمراكز الصحية التابعة لوكالة الغوث الدولية، والتي شملت المصابين منهم بامراض مزمنة مثل السكري والضغط والقلب، وغيرها من الأمراض فاصبح المريض يضطر للحصول على الدواء بشرائه من احدى الصيدليات.

يقول ابو جمال (80 عاما) من مخيم الفارعة، إنه يحتاج إلى خمسة أصناف من الدواء، وبسبب إغلاق المركز الصحي في المخيم يضطر إلى شرائها من الصيدلية باثمان مرتفعة جدا، ولا يقوى على دفعها.

بينما المريضة ام علي (78 عاما)، من محافظة طوباس والتي تحمل كرت لاجيء فقد اضطرت امس، العودة إلى بلدتها خالية اليدين بعد مجيئها إلى مخيم الفارعة لتلقي العلاج اللازم لها، وشراء الأدوية من مركز صحة المخيم، حيث تعاني من مرض السكري والضغط.

سمبل: 'الانروا' المسؤول الأول عن إضراب العاملين

من جانبه، حمل الناطق الرسمي باسم مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية عماد أبو سمبل في بيان صدر عنه، تداعيات الأمور المترتبة على اللاجئين في مخيمات الضفة الغربية جراء الإضراب الذي شرعت به نقابة العاملين في الوكالة منذ 14 يوم.

وأشار سمبل إلى أن صراعات وكالة الغوث الدولية مع نقابة العاملين فيها تنعكس سلبا على حياة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية خاصة في قطاعي التعليم والصحة إضافة إلى أعمال النظافة.

بدوره، قال عضو اتحاد الموظفين في وكالة الغوث وعضو اللجنة الاعلامية في الاتحاد ناصر ابو كشك إن الإعلان عن الإضراب جاء بعد ان وصلت المفاوضات بين ادارة الوكالة والموظفين إلى طريق مسدود من خلال تنصل الوكالة لوثيقة التفاهم التي ابرمت مع المفوض العام واتحاد الموظفين، وقامت بخصم أيام الإضراب السابق على الموظفين رغم تدخل العديد من الجهات.

وأكد ابو كشك على أن العاملين في قطاع التعليم في مدارس الوكالة قد عوضوا جميع أيام الإضراب السابق، إلا أن الوكالة أصرّت على خصم ستة أيام من أيام عملهم.

واشار إلى أن إدارة وكالة الغوث تتبع سياسة ظالمة وغير عادلة، خاصة في قضية الخصم رغم الاتفاق الذي ينص على عكس ذلك، مشيرا إلى أن عدد العاملين في الوكالة نحو 4500 موظف لاجيء.

واعتبر عدم تلبية احتياجات العاملين في الوكالة انتقاص من حق اللاجئ، محملا اياها المسؤولية الكاملة عما يحصل في ظل عدم تلبية الإحتياجات المشروعة للعاملين والموظفين، وضربها عرض الحائط كافة المطالب المشروعة، قائلا إن 'الوكالة تسعى لتقليص الخدمات شيئاً فشيئاً، خاصة بعد تعيين باربرا شنستون مديرة للعمليات فيها'.

يشار إلى أن اتحاد الموظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية 'الأونروا'، خاض عدة إضرابات في الأعوام الماضية بوجود ذات الإدارة، وتم تعويض أيام الإضراب، ولكن وكالة الغوث ترفض حاليا تعويض العاملين.

شنسون: رواتب عاملي 'الأونروا' أعلى من رواتب نظرائهم الحكومية

من جانبها، قالت مديرة العمليات في 'الأونروا' بربرة شنسون خلال زيارتها لـ'وفا'، 'لا يوجد عمل لن يكون هناك مال للعاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهذا مبدأ عالمي يتبع في الإضرابات التي تنفذ في مختلف المؤسسات'.

وأضافت: لا يوجد اتفاقية بين اتحاد العاملين في 'الأونروا' وبين الإدارة والحديث عن اتفاقية مجرد ادعاء من الاتحاد، وما هو موجود هو مجرد مسودات ونقاشات جرت بين الاتحاد والإدارة في السابق، ولم تصل إلى مرحلة الاتفاقية، وعلى الاتحاد أن يظهر هذه الاتفافيات التي يتحدث عنها.

وأشارت شنسون إلى أنه يتوجب على الموظفين العودة إلى عملهم فورا، وأن يقوموا بما هو مطلوب منهم من أجل مساعدة المرضى وتعليم الطلبة الذين لم يعودوا يصلون إلى مدارسهم، ومساعدة العمال الذين يعملون وفق برنامج التشغيل الطارئ للعاطلين عن العمل الذين لن يحصلوا على رواتبهم هذا الشهر؛ بسبب الإضراب الذي ينصرف لهم شهرا مبلغ يقدر ب 3.2 مليون دولار أميركي.

ولفتت الانتباه إلى أن رواتب العاملين في 'الأونروا' هي أعلى بنسبة 7% مقارنة برواتب العاملين في الحكومة الفلسطينية، وأنه جرى زيادرة رواتب العاملين في الوكالة مطلع العام الجاري بنسبة 3%، وتخطط 'الأونروا' من أجل زيادة أخرى بقيمة 3% في حال توفر الميزانيات الخاصة برواتب العاملين، قائلة 'نحن نتفهم ما يطالب به العاملون ولكن الإمكانيات محدودة'.

وأضافت أن 'الإضراب يؤثر بشكل كبير على اللاجئين الفلسطينيين الذي يعتمدون بشكل كبير على خدمات 'الأونروا'، خصوصا المرضى منهم والذين بحاجة إلى علاج منتظم، لذلك لن ندفع للموظفين المتوقفين عن العمل'.

وقالت: إن الأونروا تحصل على مساعدات من الدول المانحة لخدمة اللاجئين وتقديم خدمات لهم وهي تعاني من ضائقة مالية حاليا والدول المانحة أيضا تعاني من ضائقات مالية، وهي تنفق 140 مليون دولار في الضفة الغربية سنويا ويجب أن تصرف هذه الخدمات في تقديم خدمات للاجئين وليس معاشات للموظفين المضربين.

واعتبرت شنسون أن الحل يكمن في 'عودة العاملين إلى أعمالهم وبعد ذلك التفاوض من أجل تحقيق المطالب التي يريدونها خدمة لشعبهم الفلسطيني'