خبر تركيا تحسم خيارها : إسرائيل تهديد رئيسي

الساعة 07:09 ص|30 أكتوبر 2010

تركيا تحسم خيارها : إسرائيل تهديد رئيسي

فلسطين اليوم-وكالات

تطور جديد طرأ أول من أمس على العلاقات التركية -الإسرائيلية، قد يكون أشد خطورة من جريمة «أسطول الحرية» في 31 أيار الماضي وما تلاها من تأزّم؛ فقد أقرّ مجلس الأمن القومي التركي (يجمع القيادتين السياسية والعسكرية برئاسة رئيس الجمهورية)، النسخة الجديدة من «الدستور السري»، أو «الكتاب الأحمر» الذي يُعَدّ الوثيقة الرسمية الأهم في تحديد الاستراتيجيات العريضة التركية الخارجية والداخلية لخمس سنوات مقبلة.

 كثير من العناصر الجديدة أُدخلت إلى النص كما ذكرت صحيفة "الإخبار" اللبنانية، لكن أبرزها على الإطلاق هو تصنيف إسرائيل بأنها «تهديد رئيسي لتركيا». ففي الفصل المخصَّص لـ«التهديدات الخارجية لتركيا وعلاقاتها الخارجية»، وردت العبارة الآتية : «يجدر التركيز على أن انعدام استقرار المنطقة بسبب النشاط الإسرائيلي، وسياساتها (الدولة العبرية) التي قد تسبّب بسباق تسلُّح في المنطقة، هما تهديد لتركيا».

وتوقّفت الصحف التركية طويلاً عند هذه العبارة «التاريخية»، على اعتبار أنها المرة الأولى في سيرة العلاقات التركية - الإسرائيلية منذ 1949 التي تُذكَر فيها إسرائيل كتهديد خارجي بالنسبة إلى تركيا.

وأكثر ما كان لافتاً هو أن هذا التصنيف لم يُربَط بجريمة «أسطول الحرية»، بل بمسألة أخطر من موقعة «مرمرة»، وهي السياسات العبرية التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط، وتشجّع على انطلاق سباق تسلُّح في المنطقة.

ويكتسب هذا التصنيف قيمته المضافة عندما نعلم أنّ النسخة الجديدة من «الكتاب الأحمر السري للغاية»، أزالت سوريا وإيران (بالإضافة إلى اليونان «جزئياً» وبلغاريا وجورجيا وأرمينيا) من لائحة الدول التي تُعَدّ تهديداً خارجياً لتركيا، ولو أنّ عبارة «يجب أن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي» بقيت موجودة في النص (في إشارة إلى إيران)، حتى من دون ذكر الجمهورية الإسلامية بالاسم.

وهذه الجمهورية كانت في نسخة عام 2005 (التي انتهى مفعولها رسمياً أول من أمس) مصنَّفة على أنها «التهديد الأول» لتركيا على خلفية نظام حكمها الإسلامي وقدراتها النووية.

ولا بد هنا من التأكيد أن خروج سوريا وإيران (جزئياً) من دائرة الأخطار، واستبدالهما بإسرائيل، هو تحوُّل استراتيجي من العيار الثقيل، ستكون له تداعيات على مستوى المنطقة.

 فأنقرة، في الوقت الذي لا تزال تصرّ فيه على أنها غير منخرطة بأي حلف في الشرق الأوسط (بين ما يُسمّى حلف الممانعة وحلف المعتدلين العرب)، تخطو خطوة بعيدة عن شعارات «ضرورة التصالح مع إسرائيل» في مقابل نيلها اعتذاراً وتعويضاً منها عن «جريمة الأسطول».

الترجمة العملية تفيد بالآتي : تركيا أتاتورك، التي كانت محسوبة قبل 2002 على المعسكر الغربي الأميركي، انتقلت مع وصول «العدالة والتنمية» إلى منطقة وسطية، محايدة، قبل أن تخطو، مع «الكتاب الأحمر» الجديد مسافة باتجاه المحور الآخر، ذاك الذي بات يعرف بأنها «محور سوري ـــــ إيراني».

وهكذا، بات منطقياً استشراف مزيد من التوتر مع تل أبيب، وتراجع إضافي في التعاون الثنائي بينهما على الصعد الأمنية والاستخبارية والتجارية والتسليحية، في مقابل المزيد من التقارب بين حكومة رجب طيب أردوغان وكل من دمشق وطهران وحلفائهما في فلسطين ولبنان.

وليس واضحاً بعد تأثير هذا التصنيف الجديد على العقيدة القتالية للجيش التركي.

أما السؤال الأبرز، فيبقى معرفة ما سينتج من هذه الاستراتيجية التركية الجديدة على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة التي بقيت ضمن مستوى المعقول رغم كل ما حصل على خط أنقرة - تل أبيب.

ن جهة أخرى، يمكن التوقف عند أبرز ما يعنيه التصنيف الجديد لإسرائيل بالنسبة إلى تركيا على صعيد السياسة الداخلية؛ من المعروف أن النسخة الجديدة لـ«الدستور السري» أعدّتها حكومة أردوغان، تحديداً كتبها الأمين العام لرئاسة الحكومة التركية، إفقان ألا، واعتُمدت حرفياً في اجتماع مجلس الأمن القومي أول من أمس.

 بالتالي، فإنها المرة الأولى التي تكون الحكومة المدنية هي مَن يخطّ «الكتاب الأحمر»، لا العسكر على ما درجت عليه العادة منذ اختُرع هذا «الكتاب» في حقبة الحرب الباردة، تحديداً بعدما أصبحت تركيا عضواً في حلف شماليّ الأطلسي عام 1952.

حينها، كان الهدف من وضع «الدستور السري» تقديم ضمانات للحلف الغربي بأن تركيا لن تكون في يوم من الأيام عضواً في أي تحالف اشتراكي ـــــ سوفياتي.

وفي أبرز ما جاء في النسخة الجديدة، التي يُعاد النظر فيها كل 5 سنوات، حصْر التهديد اليوناني بالأزمة البحرية بين أنقرة وأثينا في حدود الـ12 ميلاً بحرياً التي تريد اليونان توسيعها على حساب الجزر والمياه الإقليمية التركيتين.