خبر لا تجتهد، يا أبو مازن.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:29 ص|29 أكتوبر 2010

بقلم: شلومو تسزنا

(المضمون: في المداولات في القدس يقدرون بان ابو مازن لا يريد أن يتخذ القرارات الصعبة وانه يفضل فرض التسوية على اسرائيل من الخارج. المرحلة القادمة: هجوم دبلوماسي فلسطيني – المصدر).

في مداولات السباعية طرحت على البحث فكرة أن ابو مازن يعتقد بان المفاوضات استنفدت. فالرئيس الفلسطيني ادار حتى الان 28 لقاء مع ايهود اولمرت وكان يمكنه ان يحصل على دولة على اساس حدود 67 وعاصمتها القدس. ابو مازن لم يختطف هذا العرض. لو كان أخذه، لكان عليه ان يتنازل عن عودة اللاجئين ويعلن باسم الشعب الفلسطيني في كل مكان في العالم عن نهاية المطالب الفلسطينية.

القول الذي يكرر نفسه لدى محافل التقدير الاسرائيلية ممن يأتون الى طاولة السباعية هو أن ابو مازن يهرب من القرارات. وبالتأكيد عندما يدور الحديث عن قرارات تضع قيد الشك احدى المسائل الاكثر شحنا في الحوار الفلسطيني الداخلي، والتي هي هل م.ت.ف هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني؟

في الوقت الذي تعتقد فيه أغلبية الاسرة الدولية بان الجواب ايجابي، لا يوجد حول هذا أي اجماع في الشعب الفلسطيني. حماس تتحداه علنا. والمنظمة التي تسيطر في غزة تحظر على السلطة الفلسطينية اتخاذ القرارات المتعلقة بالشتات الفلسطيني وتقضي بان احدا لا يحق له التنازل عن حقوق اللاجئين. والمعنى هو ان ابو مازن لن يرغب في التعهد بنهاية المطالب من اسرائيل. واذا لم يفعل ذلك في نهاية المفاوضات – فان الامريكيين سيرون فيه المذنب بفشل المحادثات.

الحظوة الكبرى لابو مازن تعود الى انه منذ ان كان تحت عرفات اختار طريقا واضحة: لا للعنف ونعم للمفاوضات. في اسرائيل حبذوا على مدى السنين الاعتقاد ان الحديث يدور عن قرار شجاع للمسؤول الفلسطيني واهملوا امكانية أن يكون هذا تكتيكا. حيال رجاله ثبت ابو مازن الشعار "حول الطاولة سننتصر".

في هذه الاثناء تجاه الداخل، خط ابو مازن يثبت نفسه. فمنذ زمن بعيد لا توجد عمليات استراتيجية والخطاب العالمي لا يعنى بكتب التعليم الفلسطينية التي تتجاهل وجود دولة اسرائيل، بل بالاحتلال. وهكذا، كل يوم تتآكل شرعية اسرائيل في العالم. من زاوية نظر ابو مازن هذا بالفعل انتصار.  

معفي من القرارات الصعبة

حسب تقديرات ذاك النقاش في السباعية، اذا كانت النظرية في أن ابو مازن يؤمن بان المفاوضات مع اسرائيل استنفدت هي بالفعل نظرية صحيحة، فان المرحلة التالية ستكون طلبا فلسطينيا لتسوية دولية مفروضة.

هذه الخطوة تعفي ابو مازن من اتخاذ قرارات صعبة مثل التنازل عن حق العودة او الاعتراف بالكتل الاستيطانية، او حتى التنازل عن المبكى. اضافة الى ذلك فان هذه الخطوة تعفي القيادة الفلسطينية من أن يصفهم شعبهم كخونة.

في الوقت الذي قرر فيه مسؤولون رسميون في الولايات المتحدة وفي الاتحاد الاوروبي بوجوب الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 67 وعاصمتها القدس والمستوطنات غير شرعية وغير قانونية، نشأ وضع سخيف، يكون فيه كل ادارة للمفاوضات تضعف ابو مازن وتدفعه الى ان يتنازل في المكان الذي اتفق فيه الوسطاء مع مواقفه.

لابو مازن ايضا توجد معارضة، وهي تظهر في صورة رئيس الوزراء تحته، سلام فياض، الذي يعمل ايضا كوزير المالية في السلطة الفلسطينية.

حسب تقرير وزارة الخارجية، فان فياض لا يؤمن بمسيرة المفاوضات ويؤمن بان هذه اضاعة للوقت. في هذه الاثناء يعنى باقامة مؤسسات الدولة الفلسطينية. اقامة دولة من الاسفل، من الميدان حتى الاعلان في الامم المتحدة (طريقة الـ bottom-up).

غير أن فياض أيضا يعرف بان الاعلان عن دولة فلسطينية، سواء في الجمعية العمومية او حتى في مجلس الامن في الامم المتحدة سيكون في اساسه تصريحا سياسيا وليس له أي مكانة قانونية. مكانة قانونية تكتسب بشكل عام من خلال اتفاق سلام مقبول. غير أن الفلسطينيين يحاولون تجاوز الشرعية القانونية من خلال المحكمة الدولية الجنائية في لاهاي.

في الاسبوع الماضي عقد في لاهاي نقاش في مسألة الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كدولة، بمبادرة وزير العدل الفلسطيني علي خشان. اذا ما اتخذت المحكمة الجنائية في لاهاي قرارا يسمح بتعريف السلطة الفلسطينية كدولة، فان الامر سيمنح شرعية قانونية رسمية ودولية للفلسطينيين، ويقرر واقعا جديدا. المداولات في لاهاي لم تنتهي، ولكن القرار في هذا الشأن يمكن ان يتخذ في غضون عدة اسابيع.

ماذا فهم ابو مازن

في ذات الوقت، يضع الفلسطينيون مصاعب في وجه العودة الى المفاوضات في ظل طلب التجميد، الطلب الذي لم يطرح ولا على أي رئيس وزراء آخر. في القدس يسألون لماذا على مدى 17 سنة من المفاوضات في اثناء ولايات عدة رؤساء امريكيين، كانت محادثات – وبالذات الان، عندما يكون في البيت الابيض براك اوباما، ربما الزعيم الامريكي مع شروط البدء الافضل من ناحية الفلسطينيين، لا تجرى محادثات؟

في مداولات السباعية تطرح امكانيتان: واحدة هي أن هذه صدفة، خطأ في سلسلة الحكم في واشنطن وحكومة وسط يمين في اسرائيل لا تريد أن تنفذ سياسة يسار.

الامكانية الثانية اكثر ملاءمة مع الاعتقاد بان ابو مازن لا يريد اتخاذ قرارات وانه معني بان يتحقق الاتفاق من خلال اكراه دولي.

على ماذا يستند اعتقاد ابو مازن؟ هل اوباما، قادة الدول في اوروبا وفي العالم العربي، قالوا له شيئا ذا مغزى: "عد للمفاوضات مع نتنياهو واذا لم ينجح هذا، فسندعمك في المؤسسات الدولية"؟

مسؤول كبير في مكتب رئيس الوزراء قدر هذا الاسبوع بانه "يحتمل ان تكون هذه الجملة قيلت من شخصيات في الاسرة الدولية كخطوة تكتيكية، ولكن في نهاية المطاف فان هذه خطوة تقوض المسيرة، فلماذا يدخل الفلسطينيون في مفاوضات اذا كانوا يقولون لهم انهم في خطوة احادية الجانب سيحصلون في النهاية على ما يريدون"؟

مقابلة اجريت مع ابو مازن بعد لقائه الاول مع اوباما تثير الاشتباه بان الامور قيلت وربما ابو مازن فهم بان لديه في يده وعدا رئاسيا.

الرئيس الفلسطيني قال لجاكسون ديل، المحلل الامريكي الكبير (بالمناسبة ليس اقل من توماس فريدمان، الذي بسبب الانتقاد للحكومة أصبح عزيز وسائل الاعلام في البلاد) ان الوضع الامني والاقتصادي في يهودا والسامرة ممتاز وان لديه وقت. هو، من جانبه، سينتظر. وعندها، إما ان يتقرر تجميد البناء في المستوطنات، او تسقط حكومة نتنياهو. كان ممكنا الفهم من تلك المقابلة بان ابو مازن لا يحتاج الى اتخاذ قرارات صعبة.

من يمكنه ان ينتظر دون فعل، يسألون الان في القيادة السياسية. ربما أحد ما يعتقد بان لديه شيئا ما في يده يمكنه أن يعتمد عليه، مثل وعد او تلميح رئاسي بان الدولة الفلسطينية ستقوم في اثناء ولايته مهما حصل.

دخلوا الى الزقاق

استئناف المحادثات سيتم في حوالي 10 تشرين الثاني، بعد اسبوع من الانتخابات للكونغرس في الولايات المتحدة وبعد أن ينتهي (في 9 تشرين الثاني) شهر التمديد لايجاد حل قررته الجامعة العربية.

في الجانبين يوجد تفاؤل بالنسبة لاستئناف المفاوضات. ويبدو لكل المشاركين بانه لن يكون للفلسطينيين مفر غير قبول صيغة الحل الوسط الاسرائيلية في عدم العودة الى تجميد البناء في المستوطنات بل القول ان البناء سيتم بكبح للجماح، حسب مقاييس محددة (قيل 1.200 وحدة سكن في السنة، وهذا اقل مما بناه اولمرت في اثناء المفاوضات).

حتى لو اعلن عن تجميد لثلاثة اشهر لارضاء الامريكيين، سيكون واضحا لهم ايضا بان بناء مئات وحدات السكن التي اقرت او تلك التي توجد قيد البناء – ستستمر. رغم ان الموضوع لم يصل الى حسم المجلس الوزاري، يوضح ايلي يشاي وافيغدور ليبرمان منذ الان بانهما لن ينسحبا من الائتلاف اذا ما كان مثل هذا التجميد او غيره لشهرين – ثلاثة اشهر اخرى.

مهما يكن من امر، قال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء، فان نتنياهو يطلب بان تستأنف المحادثات مع الوعد بالبحث على مدى سنة والا تتوقف مرة اخرى بعد شهرين – ثلاثة اشهر، بعد أن تختفي البادرات الطيبة. نتنياهو، يقولون في القدس، يقود سياسة سير حذر نحو اتفاق، اذا ما كان الطرف الاخر جديا ومستعدا للاعتراف بالمصالح الاسرائيلية في الاعتراف والامن.

الوزير بوغي يعلون، عضو السباعية، يعتقد بان كل نقاش في موضوع البناء في المستوطنات زائد ويمس بمصالح الاسرائيليين. "كل نقاش عن التجميد هو موضوع هامشي. هو نقاش في زقاق لاسفي دخلنا اليه بسبب طرح الادارة الامريكية للموضوع. يجب العودة الى المبادىء التي تمسك بها رئيس الوزراء: مفاوضات مباشرة يمكن أن يتم اساس التقدم فيها من الاسفل الى الاعلى. نقاش في مواضيع اللباب للتسوية الدائمة وأولا وقبل كل شيء الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي، الالتزام الفلسطيني بنهاية المطالب وتلبية احتياجاتنا الامنية".

وهاجم يعلون هذا الاسبوع ايهود باراك، الذي اختلف مع نتنياهو وادعى بانه غير صحيح الاصرار على الطلب من الفلسطينيين الاعتراف بدولة يهودية. وهو يوضح بان "لا يدور الحديث فقط عن باراك. بشكل عام وزراء العمل على مدى الاشهر الاخيرة يمتلئون بالتصريحات التي بقدر كبير تلقي المسؤولية عن فشل المسيرة السياسية علينا. هذا ليس الوضع. كامب ديفيد كان بمسؤولية باراك ومن لم يستجب لطلب الدخول في مفاوضات منذئذ كان الطرف الفلسطيني. في انابوليس ايضا رفض ابو مازن الوصول الى قرارات حاسمة صعبة.

"عندما يقول  وزراء العمل ان عينا أن نسير نحو مسيرة سياسية شجاعة – وكأننا لم نجرب – فهذا ينقل الكرة الى ملعبنا: وكأنه مع هذا الائتلاف صعب الوصول الى تسوية وكأنه مع هذا الائتلاف لا سلام وكأنه لم يحصل أي شيء في اثناء الـ 17 سنة الاخيرة، او في اثناء الـ 120 سنة الاخيرة. وكأنه لم يكن هناك رفض عربي.

"وزراء العمل يلحقون ضررا شديدا لانهم يقولون انه لا مسؤولية على الطرف الفلسطيني.

"كل شيء ينبع من الاحتياجات السياسية لكل وزراء العمل، بهدف الكفاح في سبيل عدة اصوات اخرى. ولكن هل من اجل هذا يجب الاضرار بمصالحنا القومية جميعنا؟".

وزير الخارجية افيغدور ليبرمان هو الاخر يعتقد بان النقاش في التجميد غير صحيح. هذا الاسبوع استدعى ليبرمان المراسلين السياسيين الى حديث لديه، وبالاساس كي ينير لهم "ما هو التافه وما هو الاساس"، على حد تعبيره. "معرفة العوائق"، كان عنوان محاضرته.

"حتى لو كان بيلين رئيس الوزراء وسريد وزير الدفاع"، قال ليبرمان، "لا أرى انهما سيصلان الى اتفاق. ابو مازن لا يريد ولا يمكنه ان يصل الى تسوية". وكرر ليبرمان نظرية اللاشريك التي اطلقها في محافل اخرى. "يجب الاستعداد لاعلان من طرف واحد من جانب الفلسطينيين عن دولة مستقلة والاعتراف في الامم المتحدة".

نفي لفني

مؤخرا التقى نتنياهو برئيسة المعارضة، تسيبي لفني، ووضعها في الصورة كالمعتاد. في النقاشات تجري ايضا محادثات في مواضيع اخرى.

في هذه اللحظة لفني غير معنية في الدخول الى حكومة نتنياهو، ربما بسبب توزيع الحقائق، ربما لاجل خلق بديل، ربما لان هكذا قرر لها مستشاروها. اذا جلس رئيس الوزراء في محادثات لسنة مع الفلسطينيين، فان لفني ستزاح الى الزاوية، ولن يكون لها، من ناحية جماهيرية ما يدعوها الى دعمه.

في خطابها في بداية الدورة الشتوية للكنيست طرحت تسيبي لفني سلسلة من المواقف السياسية التي يتفق معها فيها اعضاء في الحكومة الحالية. احدهم هو الوزير دان مريدور. بعد أن نزلت لفني عن المنصة قال مريدور ان لفني تخطىء اساسا في شيء واحد: لاسباب سياسية بالطبع، تعلق على نتنياهو المصاعب في مسيرة المفاوضات. وقال مريدور: "ليس صحيحا عرض الامور على هذا النحو. وليس فقط لحقيقة انها هي نفسها ادارت مفاوضات ولم تنجح – وعندها لم يكن هذا حقا متعلقا بنتنياهو".