خبر بالصور.. « فلسطين اليوم » تزور منزل الشهيد الشقاقي وتكشف خبايا شخصيته

الساعة 07:58 ص|26 أكتوبر 2010

بالصور.. "فلسطين اليوم" تزور منزل الشهيد الشقاقي وتكشف خبايا شخصيته

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

لم يكن يعرف والده أن الجلسات التي كان يعقدها نجله وأصدقائه في ساحة منزله المتواضع في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، ستهيئه ليكون قائداً فذاً، يحمل بين ثناياه فكراً امتد لسنوات طوال، تستمد منه الأجيال تاريخاً ومنهجاً يسير على خطاه من وهب نفسه للتضحية من أجل وطنه.

المنزل باقُ كما هو شاهدُ على مرحلة هامة من حياة الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي الذي أسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وكان له الدور الأبرز في جعل القضية الفلسطينية مركزاً للحركات الإسلامية.

أما والده فمازال يذكر ذلك الشاب المثابر القارئ الذي دأب على مطالعة الكتب ومحاورة الكبار، عشق السياسة منذ نعومة أظافره، امتد طموحه إلى عمل وفكر غير الموازين في المنطقة بأكملها.

 

يقول والده لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" التي زارت منزل الدكتور الشقاقي في تل السلطان:"كنت دائماً أراه بصحبة أصدقائه يتجمعون في المنزل ولا أعرف ماكان يدور في ذهنه، ولكني كنت متأكداً أنه يسير في الطريق الصحيح، تحمل المسؤولية منذ صغره فكان خلوقاً ذو شخصية فذة جعلت منه قائد سياسي ناجح".

وُلد الشقاقي، في مخيم الشاطئ بمدينة غزة في الرابع من يناير/ كانون ثاني عام 1951، وانتقل إلى مخيم زرنوقة بحي الشابورة بمدينة رفح، ثم استقر وعائلته في تل السلطان برفح،  لتشهد شبابه الذي تميز بعنفوانه ونشاطه السياسي.

 

طفولة نبيهة

وأضاف، أن الشقاقي كان من صغره نبيهاً ويلقي الأسئلة المتكررة على والده، فكان دوماً يسأل عن أسباب رحيلهم عن قريتهم زرنوقة في سن الخامسة، عدا عن تميزه في مراحل دراسته، حتى أنه حصل على شهادة الرياضيات من جامعة بيرزيت، وعمل كمدرس رياضيات في مدرسة أيتام.

وأشار الشقاقي، إلى أن الشهيد كان يرغب في الحصول على شهادة الطب فأعاد دراسة "التوجيهي" مرة أخرى بعد حصوله على وظيفة المعلم، وحصل على معدل يؤهله لدراسة الطب في جامعة الزقازيق.

 

معشوقته الغالية

غرفته الصغيرة كانت مكاناً ليجتمع فيه أصدقاء الشقاقي، حيث مازالت شاهدة على فكره وقراءاته المستنيرة، فكان يجمع أصدقائه المقربين من قادة الحركة، حيث كانوا يشكلوا حلقة من العمل الدؤوب.

أما المكان الذي كان يقضي معظم أوقاته فيها هي مكتبته التي تحمل كتباً ومؤلفات من كل حدب صوب وبعدة لغات، حيث تميز الشهيد بقراءاته المتعددة، وثقافته الواسعة، واطلاعه على الآخرين مما أهله ليكون قائداً واعياً.

 

 

طبيبُ بلا مقابل

وحسب الحاج أبو فتحي، فقد عاد الدكتور فتحي إلى فلسطين ليعمل طبيباً حيث كان يتميز بسرعة الاستجابة لنداءات المرضى المحتاجين، حيث كان يعمل بلا مقابل، ويخرج في الأوقات العصيبة ليعالج المواطنين.

ومازالت هناك إحدى السيدات تذكر عندما استنجدت بالدكتور الشقاقي لعلاج ابنتها فسارع إليها وشقيقه أثناء منع التجوال، في وقت كانت تواصل قوات الاحتلال البحث عنه وخطورة الأوضاع الأمنية حينها.

تحدث والده، عن تأثر الشهيد بفكر الإخوان المسلمين، واعتقاله لدى السلطات المصرية على خلفية تأليف كتاب "الخميني.. الحل الإسلامي والبديل"، وعن مرات الاعتقال لدى سلطات الاحتلال، مستذكراً محاولات الاحتلال للضغط على والده لإقناع الشقاقي بالعودة عن نهجه وفكره السياسي حيث كان جنود الاحتلال يزورون منزل العائلة وعرض مبالغ مالية عليه.

 

عملية بيت ليد

مسؤولية الشهيد الشقاقي عن عملية بتاريخ 1995/1/22 حيث أسفرت عن مقتل 22 عسكرياً إسرائيليا وسقوط أكثــر مــن 108 جرحـى، كانت سبباً لتهديد الموساد الإسرائيلي للشهيد.

وفي هذا يستذكر والده:" بعد أن سمعت بتهديدات الاحتلال لابني الشهيد هاتفته وقلت له أن الاحتلال يهدد باغتيالك فقال لي وقتها أنه يعرف ما يفعله جيداً ولا يخاف سوى رب العالمين وما يكتبه الله سوف يحدث له".

 

صحيفة القدس

أما شقيقه أبو محمد فمازال يفتقد للشهيد، مستذكراً سيرة أخيه ولكن أبرز ما كان يتميز به حسب أبو محمد هو حنانه على أخوته، خاصةً أن الشهيد دائماً ما كان يقوم بدور الأب والمسؤول عن الأشقاء واحتياجات المنزل، حيث كان والده دائم التنقل بسبب ظروف العمل.

ونفى أبو محمد أن يكون الشهيد الشقاقي ديكتاتورياً كما يردد البعض، ولكنه أكد أنه كان يستمع للجميع، وقادر على محاورة الكثير، ولكنه كان يتميز بمقدرته على إقناع الآخرين نظراً لفكره المستنير.

واستذكر شقيقه، حينما كان الشهيد يرسله لشراء صحيفة القدس وهو في الصف الأول الثانوي، حيث كان حريصاً على قراءة الجريدة يومياً فيجمع مصروفه اليومي لشرائها، حيث كان مهتماً بالقضايا السياسية منذ صغره.

 

قصة الرجل الباكستاني والشقاقي

زوجة أبيه التي كانت بجانب والده أثناء الزيارة استذكرت موقفاً قالت أنها لن تنساه حيث كانت في سوريا العام الماضي لزيارة زوجة الشقاقي وأولاده المقيمين هناك، وأثناء زيارتها وزوجها لضريح الشهيد الدكتور فتحي وجدت مهندساً باكستانياً وعائلته يقرؤون الفاتحة على روحه.

وأردفت تقول:" عندما سألناهم عن سبب زيارتهم لضريح الشهيد قالوا إن الشهيد يمثل العالم الإسلامي بأكمله وكان قائداً فذاً يعمل للجميع، وليس على قدر العمل الفلسطيني وحده".

الشيخ محمد ابن شقيق الدكتور الشقاقي (23 عاماً) مازال يذكر يوم الإعلان عن اغتيال الشهيد، حيث كان وقتها يبلغ من العمر ثماني سنوات، حيث تجمعت الآلاف المؤلفة من جماهير أبناء شعبنا أمام منزل الشقاقي.

 

 

"فتحي الشقاقي" الصغير

يقول محمد:" يومها عرفت أن عمي كان رجلاً محبوباً وقائداً صنع الكثير لوطنه حيث تجمعت جميع أطياف وألوان وفصائل الشعب الفلسطيني، كلها اجتمعت على حبه وحزنت على فراقه، حيث تمكن من جمع شملهم في يوم اغتياله".

فتحي الصغير ابن شقيق الشهيد أبو ابراهيم سمي بهذا الاسم تيمناً بالشهيد حيث وُلد بعد سنتين من استشهاد الدكتور فتحي، يحفظ القرآن الكريم، ولا يتمنى سوى الوصول لما وصل له عمر، معرباً عن فخره الشديد كونه نجل شقيق الدكتور فتحي.

 

بعد تنقلات عديدة لنشر القضية الفلسطينية وبعد أن توعدت حكومة العدو للشقاقي، اغتالت الموساد الصهيوني في مالطا يوم الخميس26/10/1995 وهو في طريق عودته من ليبيا إلى دمشق.

خمسة عشر عاماً مرت على استشهاد الشهيد فتحي الشقاقي مازالت ذكراه باقية في الوجدان، وفكره يمتد عبر أجيال تجرعت منهجه الذي ساهم في إحداث تحول نوعي على صعيد القضية الفلسطينية.