خبر رحلات الخال- هآرتس

الساعة 11:31 ص|25 أكتوبر 2010

رحلات الخال- هآرتس

بقلم: عميرة هاس

في الطائرة، لدى العودة من اسطنبول، فاجأني احد المعارف سألني: "وهل لديك جواز سفر ثاني؟" السؤال، كما هو معقول الافتراض، يسأل بالنسبة لتخوفنا المشترك من تدهور يصعب تخيله.

قبل عدة أيام من ذلك روت لي احدى معارفي وهي يهودية تركية، بان مدريد تعرض على اليهود مثلها، من أنسال مطرودي اسبانيا، التقدم بطلب المواطنة. انتِ أيضا يمكنكِ، قالت لي ذلك: سافري الى سيرييفو (حيث ولدت امي)، وكل ما عليكِ فعله هو أن تجلبي من الطائفة اليهودية إقرار في أن عائلتكِ بالفعل طردت بعد 1492. هناك يهود أتراك بدأوا بهذا الاجراء، كما قالت. وهم يخشون من الجمع بين القومية التركية المتعاظمة، التي تتخفى احيانا خلف الدينية ويدعمها الاحساس بالحصرية الدينية.

في رام الله، يوم عودتي، عرض الكاتب والمحامي رجا شحادة كتابه الجديد بالانجليزية: "رحلاتي مع خالي العثماني". خال بعيد، من جهة امه، نجيب نصار، من سكان حيفا – فر من الشرطة العثمانية. عقوبة الموت حامت فوق رأسه، لانه رفض التجند الى الجيش في الحرب العالمية الاولى. البلاد التي تجول فيها لم تعرف حدود اليوم، وبالتأكيد ليس الاسيجة التي تحيط باقفاص عيش الفلسطينيين. اسيجة وحدود ولدت من عقلية الغيتو، كما لاحظ شحادة. وهو يسافر – عمليا وبالكلام – في أعقاب خاله: من أطراف آسيا الصغرى، على طول جبال لبنان، الجليل، غور الاردن، جانبي النهر الذي كان يمكن لخاله أن يجتازه على الحصان – دون جواز سفر وتواقيع ومناطق لاطلاق النار والتدريب المغلقة. في الكتاب يحاول ان يحيي ليس فقط مشاهد وأسماء شطبتها خرائط اسرائيل بل وايضا الموقف الانساني والعلاقات الاجتماعية التي تحطمت.

"الكثير من نقاط الشبه قائمة بين تركيا واسرائيل"، قال شحادة بالمناسبة على شرف اطلاق الكتاب. الحداث، اللغة شبه الجديدة التي صممت كي تتوافق مع الدولة الجديدة، العسكرية، القومية المتطرفة. "خذوا طريق 90، مثلا، طريق الغور. لم يجد الاسرائيليون اسما آخر لاعطائه اياه غير "طريق غاندي" على اسم رحبعام زئيفي الذي روج للترحيل. واذا ما فوت اليافطة الاولى التي تبشر باسم الطريق، فانك ستجد يافطة اخرى، وغيرها وغيرها. غريبة هذه التفاهة، لدولة على هذه الشدة من القوة مثل اسرائيل"، قال. "كانت لدي اراء مسبقة عن الامبراطورية العثمانية"، اعترف قائلا: "ولكن في ظل عملي على وضع الكتاب تعلم بأن المشاكل بدأت بعد الحرب العالمية الاولى. قبل ذلك، كل المنطقة كانت واحدة. "وهكذا يجدر بالوضع أن يعود ليكون". اطلاق الكتاب بادر اليه "محل بيع الكتب التعليمية"، في شارع صلاح الدين في شرقي القدس. الحدث نفسه حل ضيفا في "بيت لقاء الاصدقاء"، مركز حركة الكويكرز التي بدأت نشاطها في مجال التعليم والصحة في هذه المنطقة، احد الاقاليم العثمانية في 1869. الفلسطينيون، ولا سيما كبار السن بينهم – والمواطنون الاجانب ملأوا المبنى الحجري بجانب ميدان المنارة. ولكن الفلسطينيين الذين بين الجمهور لا يمكنهم أن يسافروا مسافة 12كم، الى القدس، كي يشاركوا بعد يومين من ذلك في اطلاق كتاب آخر بادر اليه محل بيع الكتب. بالنسبة لمعظم الفلسطينيين، القدس بعيدة – قريبة مثل القمر. الاسيجة، بيروقراطية التصاريح والحركة الحرة فقط لليهود فهل سبق أن قلنا ذلك؟

أصحاب المحل، ستة اخوة لعائلة منى المقدسية، يحاولون شطب أسيجة صغرى وتشجيع ثقافة القراءة والنقاش في جمهورهم. اطلاق الكتاب الثاني في الاسبوع الماضي جرى بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي. المؤسسة المضيفة كانت "المدرسة الفرنسية التوراتية والاثرية" التي أقيمت في المدينة في 1890. وهذه المرة عرض كتاب هو في أساسه مجموعة محاضرات علنية القاها على نحو 30 سنة السفير الفلسطيني الاسطوري عفيف صافية (رئيس ممثلية م.ت.ف في لندن، في واشنطن وفي موسكو الى أن أدى تصريح له بشأن الحاجة للمصالحة مع حماس الى وقف ولايته في العاصمة الروسية).

الكتاب، "المسيرة السلمية، من الاختراق الى الانهيار" – يسمح بالتجول على طول المسار السياسي الذي قطعته م.ت.ف، من عرض حل الدولة ثنائية القومية حتى النقطة التي يقول فيها صافية، من مواليد القدس الغربية: "فضلا عن شكوكي بالنسبة لاحتمالية هذا الاقتراح (دولة ثنائية القومية)، أتساءل اذا كان هذا هو الامر المرغوب فيه. فجمهور يهودي – اسرائيلي متزمت أكثر فأكثر ليس الشريك الذي نتطلع الى تطويره كمواطنين زملاء. الفارق بين المجتمعين يجعل صيغة الدولة الواحدة آلية لتخليد سيطرة مجموعة سكانية واحدة على الاخرى".

مقدمته، مثل المحاضرات نفسها، امتلأت بالاقوال بالغة المعنى وآسرة القلب: "مسيرة اوسلو وضعت النرويج على الخريطة وليس فلسطين". أو: فيصل الحسيني، في موقفه من تكتيك الكفاح المسلح سبق أن قال: "اذا كنت تريد أن تتنافس مع مايك تايسون، لا تدعوه الى حلبة الملاكمة بل الى طاولة الشطرنج". وبمناسبة لوحة الشطرنج، فان هناك اقتراحان لدي، كما روى، أُخذ بهما في المجلس الثوري لفتح. الاول – المبادرة الى مؤتمر علمي دولي يبحث في النماذج التاريخية لنقل العواصم: من لاهاي الى برلين، من ريو الى البرازيل، من اسطنبول الى أنقرة وذلك كاستعداد لنقل العاصمة الفلسطينية من رام الله الى القدس الشرقية. مؤتمر آخر، في القدس الشرقية، سيكون للشتات الفلسطيني – المقدسي.

هل فتح يمكنها أن تلعب الشطرنج؟ بمعنى ان تتغير وان تكف عن أن تكون ما ينبغي أن تكون؟ صافية: "على الرأي العام أن يكون أكثر الحاحا. وأنا أشجع الفلسطينيين على أن يكون اكثر انتقادية. دوما قلت: لنا نحن الفلسطينيين لا توجد القيادة التي نحن جديرون بها والمعارضة التي نحن نحتاج اليها".