خبر ثأر حقير- يديعوت

الساعة 11:23 ص|25 أكتوبر 2010

ثأر حقير- يديعوت

بقلم: الياكيم هعتسني

ما بدا في البداية كعمل لافراد، وبعد ذلك بات منهاجيا كظاهرة "زعرنة" آخذ في ارتداء طابع مهدد. تدنيس مقبرة عربية، احراق داخل مساجد، احراق داخل مدرسة، احراق حقول، احراق سيارات – "شارة ثمن" يسمي المنفذون هذه الجرائم، وهذا الاسم يثير الحفيظة سواء من ناحية الاخلاق أم من ناحية المنطق.

"الثمن" يجبى، اذا كان ينبغي أن يجبى، ممن يستحق أن يجبى منه. هنا، المنفذون لا يستردون الثمن حتى من عرب معينين على افعال عرب آخرين بل ان اليهود يضرون بالعرب الذين لا يتهمونهم بأي شيء وذلك فقط كي "يردوا الصاع" ليهود آخرين، يهود بالبزات، ضربوهم أو هدموا منازلهم.

مشاغبو "شارة الثمن" لن يستطيبوا هذه الحقيقة، ولكنهم بأفعالهم ينزلون الى أسفل الدرك اسوأ اعدائهم العرب والذين عندهم الثأر اعمى وفي داخل شعبهم ومجتمعهم "كل رقم يكسب"، ويكفي ان يكون الضحية ينتمي الى قبيلة معينة او عشيرة معينة. مسائل العدل والاخلاق كبراءة الضحية غير ذات صلة. وحتى في ظل هذا الدنس يوجد تدرج: في قعر المس باليهود كيهود يقبع النهج الفاسد في "نقل رسالة" للخصوم العرب – من خلال قتل اليهود. والان، من حلم ليجد شبانا يهودا يتبنون هذا النهج الحقير ويتحاسبون مع السلطات عبر المساجد المحترقة؟

عند التنديد والنبذ للدرك الاسفل في جباية "شارات ثمن" من الابرياء، ينبغي الحذر من ان يعلق المرء في المحاججات على نمط م.ت.ف: تنديد زائف والقاء التهمة على الضحية. ابو مازن، مثلا، لا يندد بالارهاب العربي لاعتبارات اخلاقية، لان القتل هو قتل هو قتل، بل لان الارهاب يضر بالقضية القومية العربية. بمعنى أنه غير مجزٍ. خلفه، عرفات، كان يضيف دوما الى كل تنديد منتزع "لكن" كبرى: ولكن يجب فهم الافعال على خلفية الاحتلال، باختصار – "نتفهم".

"شارة الثمن" ليست "مجدية" لاصحابها، بمفهوم أنها تصم المشروع الاستيطاني الذي لا يوجد ما هو اكثر عدلا واخلاقية منه، أكثر من كل تشهيرات اليسار المتطرف. ومع ذلك، فان الصرخة الجماهيرية يجب أن تنطلق خارج كل حساب: محظور التجلد، محظور الاعتياد، محظور الاحتمال للنهج الشرير في المس ببني البشر دون ذنب اقترفوه، أي بني بشر بصفتهم هذه.

كما أنه محظور تبرير "شارة الثمن" بشكل غير مباشر على خلفية قمع المستوطنين على ايدي الحكم العسكري الذي تحرر منه عرب المناطق بعد اوسلو وهو مطبق الان، وبتصلب، ضد اليهود اساسا. جدير الكفاح ضد هذا التشويه، ولكن ليس بالمنطق الاعوج لشارة الثمن. مناكفة وزير الدفاع لليهود لا تبرر "ردا" ضد العرب. اذا فقدنا في طريقنا النزعة الانسانية، فاننا ذات يوم سنسأل أنفسنا: لماذا؟

اضافة الى النبأ عن تدنيس المقبرة في قرية قدوم علم أن أحدا ما خرب سيارة زئيف حفير ("زمبيش"). وبشكل مختلف، لعل هذا الفعل بالذات يلطف بقدر ما حكم "جابي الشارة": إذ أن من يمس بكبير البناة اليوم لبلاد اسرائيل، والذي بصماته على الارض هي صهيونية عصرنا، فانه مشوش العقل أكثر من أن يكون مجرما، يحتاج الى العلاج اكثر مما يحتاج الى العقاب؟

من الصعب التصديق ان يكون ممكنا اقناع ذوي الشأن بذلك، ولكن مع ذلك محظور الصمت عند رؤية الظلم: "لا تكره أخيك في قلبك وقف الى جانب زميلك ولا توقع عليه الخطيئة".