خبر سارقو الدولة .. معاريف

الساعة 02:57 م|24 أكتوبر 2010

بقلم: بن كاسبيت

(المضمون: الدعم للطلاب الاصوليين جاء في واقع الامر لمساعدة رئيس الوزراء على الحفاظ على ائتلافه، وهذه كل القصة - المصدر).

        الصراع حول "قانون جفني"، الذي يفترض أن يتجاوز قرار محكمة العدل العليا ومنح 11 الف طالب دين مخصصات "ضمان الدخل"، هو صراع على روح الدولة. ليس أقل. أجيال من الحكومات التي عقدت "تحالفات تاريخية" مع الاحزاب الاصولية ألحقت بالدولة ضررا هائلا، يكاد يكون لا رجعة عنه. قرار محكمة العدل العليا الذي قضى بان المخصصات المذكورة تمس بمبدأ المساواة، هو الفرصة الاخيرة لتغيير اتجاه السفينة. اذا ما نجح جفني ومؤيدوه هذه المرة ايضا وخلدوا الوضع القائم، فسيكون هذا ضائعا. في مرحلة معينة، الكتلة الحرجة لمشروع الطفيليين الذي يزدهر على ظهر الدولة البائسة التي تسكنه، ستتغلب على الجسد الاساس – وكل شيء سينهار. هذا سيحصل بين ليلة وضحاها ولن يكون ممكنا منعه. نحن قريبون جدا من نقطة اللاعودة هذه.

        إكرام الاصوليين وتعويدهم على الحياة غير الانتاجية ليس من نصيب حكومة نتنياهو وحدها. فقد كان تقريبا في كل الحكومات (باستثناء فترة شينوي وعلى ذلك فكل الثناء لتومي لبيد رحمه الله)، بما في ذلك في حكومة ايهود اولمرت.  الامر الذي لا يعفي من المسؤولية بنيامين نتنياهو. لا توجد هناك كراهية للاصوليين بل العكس. الاصوليون هم جزء هام من المجتمع الاسرائيلي. وهم اكثر انخراطا في الاسرائيلية مما يخيل لنا. وهم عطشى للعلم، وللمعرفة. وهم فضوليون، كفؤون ونشطون. واذا لم يتمكنوا، بكل معنى الكلمة، من الانخراط في المجتمع الاسرائيلي وأخذ دور ناشط في واجباته (والحقوق الى جانبها) فان اسرائيل ستفقد بسرعة مكانها بين الدول المتطورة وستنهار الى حضن العالم الثالث. وهم ملزمون بان يفهموا بانه يمكن عمل هذا دون تغيير نمط الحياة، دون التنازل عن الامر الاساس لديهم.

        الكثير من الهذر تشدق به السيدان نتنياهو ويوفال شتاينتس، وزير ماليته، عن شعارهما "تشجيع الاصوليين على الانضمام الى دائرة العمل في الاقتصاد". فكيف يستوي كل هذا مع القانون المطروح؟ حسب هذا القانون فان 11 الف اصوليا يتعلمون في المدارس الدينية ولديهم ثلاثة اطفال فما فوق، سيحصلون على الف شيكل في الشهر من الدولة. "ضمان دخل" يسمون هذا، ولكن ليس لهذا أي صلة بضمان الدخل، وذلك لان ضمان الدخل لكم ولي، نحن الاشخاص العاديين، لا يعطى الا لاولئك الذين لم يعدوا قادرين على أن يعملوا من أجل نيل رزقهم. العجز، المرضى وما شابه. اما هؤلاء الاصوليين فقادرون، بل وقادرون جدا. فهم شبان في صحة وعافية بل واكفاء. كما أنهم يتمتعون بمخصصات اضافية من المدرسة الدينية، وكذا من مخصصات الاولاد. يدور الحديث في واقع الامر عن تضخم مصطنع لميزانية المدارس الدينية. يدور الحديث، في واقع الامر، عن تشجيع رسمي لا يخجل لجمهور كامل على عدم الخروج الى العمل. فلماذا يخرجون؟ اذا خرجوا، او حتى فقط اذا خرجت الزوجة، فعلى الفور سيفقدون حقهم في المخصص الحكومية السخي هذا، الذي يدفع من جيوبكم ومن جيبي. إذن فهم سيتعلمون ونحن سنعمل (بعد أن نتسرح من الجيش، بالطبع).

        الجفنيون يدعون بان الطلاب العلمانيين يتلقون دعما أيضا، بل ودعما عاليا، وان بالاجمال يدور الحديث عن "مساواة الظروف". هذا ايضا هراء. هاكم المعطيات: مساعدة الدولة للطلاب العاديين تبلغ 450 مليون شيكل في السنة لنحو 300 الف طالب. وهذا يساوي حوالي 1.500 شيكل في السنة للطالب. الدولة تساعد تلاميذ المدارس الدينية بـ 150 مليون شيكل في السنة لنحو 11 الف طالب دين. هذا يساوي  13 الف شيكل في السنة لطالب المدرسة الدينية، والذي هو تسعة اضعاف تقريبا. وفضلا عن ذلك، فان المعطيات التي يقدمها الجفنيون تتجاهل الحقيقة البسيطة في أن الطلاب العاديين في اسرائيل يدفعون رسوم تعليم – حوالي 10 الاف شيكل في السنة. اما الاصوليون فلا يدفعون رسوم تعليم، وذلك لان الدولة تمول وتدعم مؤسساتهم التعليمية (وتشغيل هذه المؤسسات اقل كلفة بكثير: لا حاجة الى المختبرات أو البنى التحتية الخاصة). وهكذا فان دعم الطلاب العاديين يأتي في واقع الامر لمساعدة قليلي الدخل بينهم في تسديد رسوم التعليم.

        الدعم للطلاب الاصوليين جاء في واقع الامر لمساعدة رئيس الوزراء على الحفاظ على ائتلافه، وهذه كل القصة. يمكن لهذا أن يكون مقبولا على العقل، لو لم يتبين لنا انه في سنوات الاهمال والتسيب اتسع هذا الجسد، الذي لا ينتج ولا يساهم في شيء، ونما على ظهرنا.

        نحن قريبون من وضع لم يعد فيه ممكنا البقاء فيه بعد اليوم، ولكنه يواصل الاتساع. فها هي الدولة تقول لهم خذوا المال، هكذا، على حساب الامعات الذين يقومون بالخدمة العسكرية وبالاحتياط ويدفعون رسوم التعليم، شريطة ان يكون لديكم ما لا يقل عن ثلاثة اولاد. إذن ليس فقط مجديا لكم الا تعملوا، بل مجدي لكم جدا ايضا ان تنجبوا الكثير من الاولاد. والاولاد، كما هو معروف، هم فرحة شريطة ان تكون لديك الوسائل لاعالتهم. اذا ما القيت بعبء رزقهم على الدولة، فقريبا جدا ستفلس الدولة.

        ونقطة صغيرة اخرى: ذات المبلغ الذي تحاول الدولة الان توفيره من ميزانيتها بالقانون لتمويل تلاميذ المدارس الدينية، يطلبها الجيش الاسرائيلي كي يوسع خطته لتجنيد الاصوليين. موظفو المالية يرفضون. لماذا؟ هكذا؟ شتاينتس لا يريد للاصوليين أن يتجندوا. مع 150 مليون شيكل يمكن للجيش الاسرائيلي أن يزيد عدد المتجندين الاصوليين الى نحو 3 الاف، ولكن لا يبدو هذا للرفاق في المالية مهما بما فيه الكفاية. بالمناسبة، تظهر الاحصاءات بان نسبة هائلة من الاصوليين يتجندون، يعملون بعد التسريح في المهن الانتاجية. إذن، ماذا في ذلك، يقول رجال شتاينتس، ماذا في ذلك، يقول بنيامين نتنياهو، دعوكم الان من الترهات، اعطوهم 150 مليون شيكل للمدارس الدينية، المهم ان يكون هناك هدوء.

        محظور أن يكون هدوء. محظور. ببساطة محظور السماح لهذا أن يحصل. الفرنسيون يحرقون وطنهم لان رئيسهم تجرأ على أن يطلب منهم الخروج الى التقاعد في سن 62 بدلا من سن 60. نحن نواصل التذمر في الصالون ولا نفعل شيئا، رغم أنهم لا يسرقون لنا فقط الرزق، بل ببساطة يسرقون لنا الدولة.