خبر سلام غير طبيعي إما النبذ أو النبذ.. يديعوت

الساعة 02:57 م|24 أكتوبر 2010

بقلم: سمدار بيري

 

ثلاثة صديقات لي من الاردن وصلن في زيارة قصيرة من الدلال الى تل أبيب. الاولى اجتازت معبر الحدود في جسر اللنبي وعلقت في جدال ممزق للاعصاب مع فاحصة أمنية: لماذا جئت على الاطلاق، اين ولدتِ ومن ستلتقين؟ واذهبِ لتروي لمجندة ابنة 19 بان هناك تنزيلات جيدة في المجمع التجاري، وانزال الاقدام في بحر تل ابيب. الثانية هبطت في مطار بن غوريون، ساعة ونصف فقط من الفحص والمكالمات الهاتفية العصبية. الثالثة وصلت مع سفينة السياح الى ميناء اسدود وتابعت بعينين تعبتين حركة الوافدين، بعد نحو ساعتين سمحوا لها هي ايضا بالدخول.

اجتمعن حول طاولة مليئة بصحون المقبلات في ميناء يافا. اليوم قلت مبشرة، هو يوم الذكرى الـ 16 للتوقيع على اتفاقات السلام. فشحبت وجوه الحاضرين. لا أحد، هدأتهم، يحلم بذكر الحدث عندنا، لا يوجد ما يدعو الى الاحتفال.

الحقيقة؟ غريب ونادر ان نجد عندنا سياحا من الطرف الاخر. صديقاتي من الاردن يستجدين ألا أورطهن. بدون أسماء، بدون تفاصيل تشخيصية، حتى لا يمسكوهن، لا سمح الله وهن يقضين اوقاتهن لدى "العدو الصهيوني".

قبل ثلاثين سنة، عندما وقع الاتفاق التاريخي مع مصر اخترع معارضوه تعبير "التطبيع"، للعلاقات التي فرضت عليهم. وبدلا من التظاهر في الشوارع والتورط مع السلطة، حددوا عقابا متشددا لمن يعتزم "المبالغة" او "المسارعة". الاتحادات المهنية أملت قواعد اللعب: من يمسك في "التطبيع" مع اسرائيل، من يزورنا دون سبب ملح ومن يدخل الى بيته اسرائيليين، سيقدم الى المحاكمة الانضباطية في الاتحاد الذي ينتمي اليه. اذا كنت رجل قانون فستتلقى دعوة الى رابطة المحامين؛ اذا كنت صحفيا، فالى رابطة الصحفيين. اذا لم تنجح في اقناعهم واذا اصريت على عدم نشر كتاب اعتذار على "التطبيع" فسيطيرونك من الاتحاد المهني وعالمك سينهار.

وها هي المتاهة: من يعاقب بالابعاد عن الاتحاد، محظور تشغيله في نطاق اختصاصه. العقاب يشطب الراتب. محظور دعوة اسرائيليين الى مؤتمرات مهنية في الدولتين اللتين وقعتا معنا على اتفاق سلام. موصى به جدا الحفاظ على مسافة حتى في الاحداث الدولية، كي لا يوشى بالمرء في الوطن.

ودوما ستوجد الذريعة الحديثة لماذا محظور الاقتراب منا مهنيا. عندما تعلموا كيف يكتفوا بالاتصال المباشر مع القيادة: يهاتفون القصر في القاهرة، يهاتفون (في احيان بعيدة) قصر الملك في الاردن. هنا وهناك مبعوثون مخفيون عن العين. السلام على مسافة لمسة، ولكن التطبيع تحطم الى فتات. فهل أحد ما انتبه، مثلا، الى أنهم اعادوا السفير الاردني قبل نصف سنة ولم يعينوا له بديلا بعد؟ أأحد ما فحص مع السلطات المصرية لماذا اعادوا "البطاقة الصفراء"، الاذن الامني الخاص لكل من يحلم بقفزة الى اسرائيل؟

فركت أمس عيني لرؤية اعلان في صحيفة "القدس العربي" حيث توجد قائمة طويلة من عشرات المدعويين الاسرائيليين الذين سينزلون في الايام القريبة القادمة في المدن الكبرى للمغرب. كبار رجالات الاعمال سيصلون الى المؤتمر الاقتصادي في المغرب، ودعي باحثون الى مؤتمر اكاديمي في اغاريد. وشاعرة اسرائيلية ستلقي شعرا في احتفال للشعراء وغيرها.

حادو الرؤية سيلاحظون بان خلف هذا النشر يوجد فقط نية مبيتة لعرقلة الاحداث. فماذا حصل كي يكون التطبيع فجأة؟ على الفور ستثور الاتحادات المهنية وستفرض الفيتو على كل القائمة. مؤخرا فقط، مغني محلي ظهر في مناسبات عقدتها الطائفة اليهودية في كازبلانكا لم يتلقَ ضربة على رأسه فقط، بل ارسل الى النبذ. ومقاومة "التطبيع" نجحوا في أن يجرفوا وراءهم حتى الملك محمد السادس، الذي بعث باعتذار متلعثم لرئيس الدولة شمعون بيرس: من جهة اردت جدا أن التقيك (في المؤتمر الدولي في نهاية الاسبوع)، من جهة اخرى لا اتمكن من ذلك. والرئيس بقي في الوطن.

حتى متى؟ حتى توقع اسرائيل على اتفاق مع الفلسطينيين، تتبنى خطة السلام العربية، تعد الى خطوط 67، تقسم القدس وتعيد اللاجئين وحتى يعثرون على ذريعة جديدة. لا تطبيع ولن يكون حتى في المستقبل المنظور. القاطرة قد تكون تصفر، ولكن مقطورات القطار العربي فرت الى مطارح بعيدة.