خبر قيادات « إسرائيلية » تكشف عن أقصى ما يمكن أن تقدمه لـ« عباس »

الساعة 05:15 ص|24 أكتوبر 2010

قيادات "إسرائيلية" تكشف عن أقصى ما يمكن أن تقدمه لـ"عباس"

فلسطين اليوم-وكالات

كشفت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى امس لصحيفة المستقبل اللبنانية عن تقديم رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو عرضاً جديداً بشأن موضوع الاستيطان، الذي يقف عقبة في طريق استئناف المفاوضات التي انطلقت مطلع ايلول (سبتمبر) الماضي في واشنطن وتوقفت في نهايته، بسبب اصرار الحكومة الاسرائيلية على استئناف البناء الاستيطاني بعد انتهاء فترة التجميد الجزئي والمؤقت.

وقالت المصادر الفلسطينية ان رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات عرض على اللجنة السياسية العليا التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، المؤلفة من بعض اعضاء لجنتها التنفيذية والامناء العامين للفصائل وعدد من اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، ان الجانب الاميركي ابلغ السلطة الفلسطينية باقتراح اسرائيلي جديد، ظاهره تمديد تجميد الاستيطان شهرين، فيما جوهره استمرار الاستيطان، اذ يتضمن الشطر الثاني من هذا العرض بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة شرع في بنائها فور انتهاء فترة التجميد في 26 الشهر الماضي، ما يعني ان لا وقف فعليا للبناء، ذاك ان المدة التي يستغرقها بناء هذه الوحدات اكثر من شهرين، ناهيك عن ان هذا التمديد الزائف، بحسب وصف هذه المصادر، سيكون الاخير بضمانة اميركية، أي عدم مطالبة اسرائيل بأي حال وقف البناء الاستيطاني، مقابل استئناف المفاوضات، واستمرارها بعد مدة الشهرين بالتوازي مع استمرار الاستيطان.

ونقلت هذه المصادر عن عريقات قوله ان ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابلغ الجانب الاميركي رفضه هذا العرض، قائلاً: "لن تتكرر تجربة التجميد الجزئي والمؤقت السابق حيث استثنت اسرائيل القدس من قرار التعليق، كما استثنت ما يسمى البنى التحتية، وكذلك المباني العامة كالمدارس والعيادات والمستوصفات الطبية والنوادي الرياضية والاجتماعية وغيرها الكثير مما يقع تحت هذا المسمى الذي يعزز الاستيطان ويرسخ المستوطنات، ويعمل في نهاية المطاف على جذب واستقطاب المزيد من المستوطنين للسكن في الاراضي الفلسطينية المصادرة والمقامة على اراضيها هذه المستوطنات".

ومع معضلة توقف المفاوضات ازدهرت مؤخراً في الاوساط الفلسطينية سوق الاقتراحات والمخارج سواء كتلك التي طرحها الرئيس عباس في قمة سرت: الطلب من الادارة الاميركية الاعتراف بحدود 67 كحدود للدولة الفلسطينية، او التوجه الى مجلس الامن او الامم المتحدة ومطالبتها بالاعتراف بالدولة العتيدة وعاصمتها القدس، او اعلان فلسطيني احادي عن قيام الدولة، او التوجه الى مجلس الامن لانتزاع قرار بعدم شرعية المستوطنات والبناء الاستيطاني، بما هو مخالفة صريحة لمواثيق وقوانين الشرعية الدولية، او كما قال امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه امس عن امكان اعلان الجانب الفلسطيني التحلل من الاتفاقات الموقعة او كما هدد عريقات باعلان انهاء المرحلة الانتقالية التي انتهت وفق اتفاق اوسلو منذ العام 2000.

وغني عن القول ان كثرة الاقتراحات وعشوائيتها تشير الى عدم جدية أي منها، وانها لم تدرس كفاية، وبالتالي لم يرس المزاد على اقترح محدد يجري تحشيد عناصر انجاحه، وتهيئة الاوضاع الداخلية الفلسطينية (انهاء الانقسام اساساً) وتأمين شبكة امان وغطاء عربي والعمل على الجبهة الدولية دولاً ومؤسسات لتمرير أي اقتراح مما سلف ذكره.

وحذّرت مصادر في الحكومة الإسرائيلية من أن لجوء السلطة الى أي من الخيارات السايقة، وتحديدا ما يتصل باعلان الدولة سواء كان عن طريق مجلس الامن او احادي، قد يدفع تل أبيب الى خيارات أحادية مقابلة، عبر إعادة إحياء خطة "الانطواء" التي طرحها رئيس الوزراء الاسبق ارييل شارون.

واكدت مصادر فلسطينية مسؤولة ورفيعة المستوى ان قيادات امنية اسرائيلية بالغة الاهمية ومقررة في الخيارات الاستراتيجية الاسرائيلية ابلغت قيادات فلسطينية بان اقصى ما تستطيع تقديمه اسرائيل لعملية السلام هو دولة مؤقتة الحدود، وانه اسرائيل لن تنسحب بأي حال من الاحوال الى خطوط الرابع من حزيران ولن تتخلى عما اسمته مسؤولياتها الامنية في الضفة من خلال السيطرة على طول الحدود مع الاردن، أي منطقة الاغوار التي تشكل نحو 40 في المئة من مساحة الضفة الغربية، وكذا مرتفعات الضفة الغربية التي تشكل مواقع استراتيجية بالاتجاهين شرقاً نحو الحدود مع الاردن، وغرباً لانها تسيطر على مدن العمق الاسرائيلي، ناهيك عن امن المستوطنات التي ستبقى او على اقل تقدير الكتل الاستيطانية الثلاث (ارئيل غرباً، ومعالية ادوميم شرقاً، وغوش عاتصيون جنوباً) اما القدس فهي خارج أي بحث او نقاش.

واشارت هذه المصادر الى ان القيادات الامنية الاسرائيلية ابلغت القيادات الفلسطينية المعنية بان عدم قبول الفلسطينيين هذا العرض، وبالتالي توقف المفاوضات وانتهاء عملية السلام، سيعني ان اسرائيل ستقوم بتنفيذه على الارض من جانب واحد.

وتأكيداً على ما قالته المصادر الفلسطينية، نقل موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر حكومية اسرائيلية قولها إن الطبقة السياسية الحاكمة في تل ابيب وفي دوائرها الضيقة من صناع القرار بدأت تبحث عما تسميه الحاجة الإسرائيلية إلى بلورة خطة أحادية الجانب، تهدف الى إعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وأوضحت المصادر أنه "يُحتمل أن يظهر بصورة نهائية أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس غير معني بالمفاوضات"، مشيرةً الى أنه "رفض عروضاً جدية من جانب رئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت"، وبالتالي "ما من سبب يدعو الى الاعتقاد بأنه سوف يقبل العروض المطروحة على الطاولة حالياً"، لأنها أقل بكثير من عروض اولمرت، الأمر الذي يدفع اسرائيل الى الاستعداد لنوع آخر من العمل.

ولفتت المصادر المصادر الاسرائيلية نفسها الى أن ما يجري الحديث عنه لا يعني بالضرورة "حلاً تاماً"، بل يؤشر الى اتجاه جديد من جانب إسرائيل، وخصوصاً أنه "من غير الممكن الاستمرار في بذل هذا القدر من الجهود في الواقع القائم".

وأوضح موقع "يديعوت احرونوت" أن هذا الكلام يعني أنّ خطة رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ارييل شارون، "خطة الانطواء"، التي نفذ شقها الاول في قطاع غزة صيف عام 2005، يمكن أن تعود الى الحياة. والخطة تشمل انسحاباً إسرائيلياً أحادياً من أجزاء واسعة من الضفة الغربية والانطواء داخل الكتل الاستيطانية.

وأضاف الموقع إنّ من يتحدث "داخل الدوائر الرسمية الإسرائيلية" عن خطة الانطواء يشير الى عدم وجود رغبة لدى السلطة الفلسطينية في إجراء مفاوضات، وبالتالي بلورة خطة منظمة تشمل إخلاء مستوطنات في الضفة الغربية مع إبقاء انتشار قوات الجيش في تلك المناطق، لضمان عدم سيطرة حركة "حماس" على المناطق التي يجري إخلاؤها.