خبر «المصالحة».. هي الرد على الغطرسة الإسرائيلية ..علي بدوان

الساعة 07:57 ص|23 أكتوبر 2010

«المصالحة».. هي الرد على الغطرسة الإسرائيلية ..علي بدوان

حركة «فتح» التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله محمود عباس تقول إن «العملية السياسية التفاوضية» بين السلطة ودولة الاحتلال الإسرائيلي دخلت حالة موت سريري بسبب الممارسات التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية المتطرفة وإصرارها على سياسة الاستيطان، وإن موافقة نتانياهو على طرح مناقصات لبناء 238 وحدة استيطانية جديدة في القدس المحتلة هو رد على العرض العربي الذي أعطى الإدارة الأميركية فرصة من أجل أن تبذل جهودها في محاولة منها «لإحياء» المفاوضات.

 

إقرار، يجب أن يكون له ما بعده، وعدم الاكتفاء بالتوصيف للحالة المرضية للحالة المرضية التي تعاني منها المفاوضات التي ما جلبت للفلسطينيين طوال سنواتها الطوال غير المزيد من الخسائر والهوان والضعف وفقدان القدرة على المبادرة، إلى حد الانغماس في مواصلة لعبة «الإضعاف» والانغماس في غرس السكين في قلب الحقيقة، والتعاطي مع كل ما من شأنه إمداد العدو بالقدرة على تحقيق مشروعه الاستيطاني التهويدي في القدس المحتلة والضفة الغربية ومواصلة الحصار الظالم على الشطر الثاني من «الدولة الفلسطينية المستقلة» التي انتظرها الشعب الفلسطيني من «المفاوضات» التي هي في حالة موات سريري، بمعنى أن هذه الدولة أيضاً في حالة موات سريري ما لم يكن هناك حراك حقيقي وفعلي للبدائل القادرة على إقناع الإسرائيليين أن الفلسطينيين ومعهم العرب جميعاً جادون في مسعاهم ولا تعنيهم ضغوط الإدارة الأميركية التي تعطيهم كلاماً «حلواً» وفي المقابل تطلق يد الدولة العبرية المارقة والمعادية للسلام بكل مستوياته في مواصلة الاستيطان والتهويد والقتل والتدمير لمشروع قيام الدولة الفلسطينية على الأرض وليس على الورق.

 

والخطوة الأولى والأهم للرد على التعنت الإسرائيلي ليس الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي أو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وهما الخياران الوحيدان المطروحان باستحياء وارتجاف من «السيد الأميركي» الذي يقف بالمرصاد لكل حراك عربي يمكن أن يأتي بشيء، هي تجرد كافة «القيادات» الفلسطينية في «السلطة» وخارجها من التفرد بالقرار والتحرر من «الأهواء» السياسية والحزبية والشخصية والتحرر من «المصالح الإسرائيلية» وعلى رأسها «التنسيق الأمني» المتناقض تماماً مع المصلحة العليا الفلسطينية لأنه يصب مباشرة في صالح أمن الاحتلال، وأمن الاستيطان وبالضرورة يؤدي إلى إضعاف البدائل الفلسطينية المواجهة للغطرسة الإسرائيلية بكل أبعادها ونتائجها.

 

والخطوة الحتمية الأخرى في الرد الحاسم والمقنع والذي سيحدث زلزالاً في الوسط الإسرائيلي هو ردم الهوة المفتعلة المصطنعة والمحروسة من التحالف الأميركي - الإسرائيلي الاستراتيجي المشترك، والإسراع إلى التلاقي بين الإخوة في جناحي الوطن الفلسطيني (الدولة الفلسطينية الأمل) الضفة الغربية وقطاع غزة، وعدم انتظار «توقيع» ورقة مصرية أو غير مصرية، فالمصالحة الفلسطينية هي مصالحة وطن، وعودة الوعي والاتزان والمنطق والعقلانية وإدراك أن الانقسامات في الصف الفلسطيني كبرت أم صغرت هي خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي ومصدر قوة حقيقية وفعلية للاحتلال، ونزف متواصل للوطن الذي يعاني من قيادات تضع بريق «السلطة» في المقدمة على حساب أي اعتبارات أخرى ومهما كان الثمن وإن كان دم وأرواح المقاومين.

 

فلا خيار آخر أمام الفلسطينيين سوى المصالحة، والمصالحة الحقيقية، بعيداً عن التهويش والتلويح لكسب نقطة وهمية من العدو الإسرائيلي لتعود الأمور سيرتها الأولى.. فلا مفاوضات مثمرة بدون جبهة فلسطينية صلبة وقوية وبيدها كافة الخيارات.. وعلى رأسها المقاومة التي يمكن أن تكون الظهير والرديف والسند للمفاوض الفلسطيني.

 

وهذا لن يتم إلا بترجمة النوايا إلى حقائق على الأرض وتطهير الأنفس من كافة الأهواء إلا أهواء الوطن والدولة التي لا تستجدى أبداً بل تنتزع انتزاعاً.. وهذا لا يتم إلا بالتكاتف وإلقاء ما مضى من اختلافات ومنغصات الكثير منها من صنع العدو الصهيوني وحلفائه.