خبر ميدان رابين فارغ- هآرتس

الساعة 09:10 ص|21 أكتوبر 2010

ميدان رابين فارغ- هآرتس

بقلم: يسرائيل هرئيل

(المضمون: سبب ابتعاد الجمهور الاسرائيلي عن المشاركة في مسيرات ذكرى رابين القائمون على تنظيمها واختيار مضامينها ممن لا يؤمنون بتراث رابين الحقيقي حقا - المصدر).

يشكو منظمو مسيرة ذكرى اسحق رابين من أن الجمهور يبتعد عن مسيرات ذكراه. انتصر اليمين والديمقراطية على خطر، كما يشكو اولئك الذين أبعدوا الجماهير عن الميدان.

        لم ينتصر اليمين ألبتة. إن عمل اليسار يتم، ولا سيما منذ وقع القتل، على يدي اليمين. إن بنيامين نتنياهو، البغيض الى اليسار، يلتف على رابين من اليسار. فهو مستعد للعودة الى خطوط 1967 – بل أن يتخلى مقابل الكتل الاستيطانية، عن مناطق داخل الخط الاخضر.

        بيد أن هذا الالتفاف ايضا لا يكفي الفلسطينيين ومؤيديهم في اسرائيل، وقد يبتزون نتنياهو ما لم يكونوا ليحصلوا عليه من رابين ومن اليسار الصهيوني التاريخي؛ إن اليسار الذي سيطر عليه من لا يملكون رؤيا وفعلا، والذين تبنوا خطابة اليسار المتطرف الكاذبة، جعلوا معسكر العمل عقيما من الهوية والرسالة اللتين خفقتا فيه وقادوه الى المهانة.

        إن الميدان لن يمتليء لكن لا بسبب عدم اكتراث الجمهور. ما عاد الجمهور يريد أن يستمع (في مسيرة "رسمية" وبنفقة من الدولة والبلدية) الى كلام تحريضي من فنانين وساسة وأدباء و"مفكرين". لقد ضاق ذرعا بتمجيد  اتفاقات اوسلو، التي غُطيت بدماء آلاف اليهود والعرب. وهو يغضب عندما يتهم متحدثون في مسيرات الذكرى اسرائيل بسفك هذه الدماء.

        اذا كان ايمان الجمهور بالسلام قد ضعف فان الذنب في الأساس ذنب أناس اوسلو (الذين يحددون في الواقع مضمون المسيرات)؛ واولئك الذين يتمسكون برابين و"تراثه" للتحلل من مسؤوليتهم الشخصية عن أكبر خطأ في تاريخ الدولة – فهو أكبر وأخطر كثيرا من مؤامرة حرب يوم الغفران.

        صحا الجمهور. فقد شعر بأن المسيرات تُستغل للتحريض والتلاعب الدعائي والسياسي. وهذا، لا الميل الى اليمين (الذي هو غير موجود)، هو سبب النظرة الطبيعية – إن لم نقل اسوأ من ذلك – التي تنشأ في النظر الى أصعب كارثة اجتماعية واخلاقية وسياسية وقعت في الدولة.

        بحسب فهمي، وبمعرفتي لفريق من العاملين، كان الذين أفضوا الى هذه النتيجة عالِمين بأفعالهم منذ البداية. لكن لما كان "تراث رابين" ليس جوهر اهتمامهم، بل تطهير أنفسهم من المسؤولية عن كارثة اوسلو، استمروا على تأجيج الكراهية واتهام الغير. كذلك زعمت أمس زهافا غلئون أن اعمال القتل في اللد هي نتاج القتل في الميدان قبل 15 سنة.

        ليس عندهم أي بشرى و"السلام" على ألسنتهم مسحوق. كذلك الاهتمام بمستقبل الديمقراطية متكلف غير مقنع.

        أما في المواضيع الرئيسة التي تقرر حقا مستقبل الشعب اليهودي في بلده، فانهم لا يتابعون نهج رابين ألبتة. لو كانت التربية على تراث رابين شاملة، وفي اخلاص للحقيقة، والمحطات المهمة في حياته – حركة الشباب وقيمها الطلائعية – الصهيونية، والمدرسة الزراعية "كدوري"، والبلماخ، والجيش، والاستيطان (كان رابين بصفته رجلا عسكريا ووزير دفاع ورئيس حكومة من آباء الاستيطان في غوش قطيف والجولان واجزاء واسعة في يهودا والسامرة) – لأمكن إحداث قاسم مشترك بينه وبين جماهير أصبحت اليوم في أعقاب الإلقام من طرف واحد بـ "تراث" متخيل غريب على اعتقاداته التأسيسية التي يوجد عليها إجماع، ونهج حياته الحقيقي.

        يوجد بين النشطاء – وبين الجمهور العريض بيقين – كثيرون يتألمون حقا للقتل ويؤمنون بأنه لولا وقوعه لساد السلام اليوم. لكن ليس لهؤلاء أي تأثير في صورة التخليد وتقديم "التراث" ومضمون المسيرات. إن فريقا لا يُستهان به من  القادة والفاعلين لهذا العمل ساخرون كما يبرهن فيلم "جيل كامل طلب سلاما"، وانتهازيون باحثون عن الشهرة والصيت.

        لو أراد هؤلاء حقا وصدقا التربية على عدم العنف وعلى التسامح السياسي، لوجب عليهم – وفريق منهم من أصحاب التسويق والنشر المعروفين – أن يعملوا على التقريب بين المعسكرات لا على تعميق الصدوع؛ وعلى تقديم مصالحة تاريخية حقة بين اليهود واليهود لا بين اليهود والفلسطينيين فقط.

        لأنه من غير مصالحة بين الأخوة لن تكون مصالحة ايضا مع الأعداء. لكنهم اختاروا على عمدٍ، تعميق الصدوع. ومن يبذر الكراهية يحصد عاصفة.