خبر اسحق الانسان: اشتياق لانسان مستقيم وجدي.. اسرائيل اليوم

الساعة 08:52 ص|20 أكتوبر 2010

بقلم: عوزي برعام

(المضمون: تمكن رابين من ان يرى المظاهرة الكبرى، العيون التي نظرت اليه كزعيم يحاول احداث تحول وان يرفع اسرائيل الى طريق السلام الممكن والصعب. ولكن الاغتيال الفظيع قطع الامل في التسوية، والذي يتلبث في المجيء حتى يومنا هذا - المصدر).

معظم التناول اليوم لاسحق رابين رحمه الله هو كاسطورة او كما يمثل فكرة. كثيرون يرفعون فكرة رابين الى المجد بينما آخرون يحاولون التقليل من قوة الاسطورة التي نشأت. عن رابين كتبت كتب ومقالات عديدة. التجربة الفظيعة لاغتياله كانت تجمد الدماء، ولكني افضل النظر الى رابين وذكراه كانسان، لحم ودم. رأيته في اوضاع صعبة وقضيت معه سنوات عديدة.

في العام 1974 لم اتبوأ منصبا رسميا في الحزب، ولم أصبح بعد نائبا في الكنيست، ولكني انهيت مهام منصبي في رئاسة الحرس الفتي في حزب العمل. كنت بين اولئك الذين اقترحوا على اسحق التنافس على رئاسة الوزراء مع استقالة غولدا مئير في أعقاب حرب يوم الغفران. رابين تردد، ولم يسارع الى الرد. ولكن عندما تعاظمت اصوات التأييد، اخذ المهمة على عاتقه. كنت أحد ممثليه في جلسة مركز حزب العمل، عندما تغلب على شمعون بيرس واصبح رئيس وزراء اسرائيل حتى التحول في العام 1977.

على مدى سنوات طويلة تجادلت قيادة حزب العمل حول طريقها السياسي. كثيرون، مثلي، لم يؤيدوا المفهوم السياسي الذي عرضه رابين الى أن اصبح رئيس وزراء اسرائيل في 1992. عندما اصبحت وزيرا في حكومته، رأيت رابين يؤدي مهامه على افضل حال. فقد رأى العموم، ولكنه توقف عند التفاصيل. كان النقيض التام للنهج الاسرائيلي على نمط "اعتمد علي! سيكون الامر على ما يرام". وطالب الوزراء بالتنفيذ، التصميم والكفاءة. وحاكمهم حسب هذه المعايير وليس حسب مواقفهم في الماضي. كان موضوعيا جدا. وعند المساء كان بوسعي أن اجري معه حديثا عاديا، ولكنه كان نادرا. كان يطالب بعمل سريع، وكان مستعدا لان يقدم كل مساعدة حين تكون حاجة لها.

بعد الجريمة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي ساد توتر شديد في البلاد. دول في العالم بدأت تلمح بانها تعتزم حظر الزيارة الى اسرائيل. بعد يومين من عملية القتل أُنبئنا بان الولايات المتحدة توصي مواطنيها عدم السفر الى اسرائيل، والسياح الذين يتواجدون في البلاد – بالعودة الى بلادهم. اتصلت باسحق، الذي كان مشغولا في مداولات امنية في أعقاب الحدث الفظيع. رابين تلقى الرسالة، وبدأ بالعمل. بعد نحو ساعتين أبلغني: نجحت جزئيا. فهم يلغون المقاطعة، ولكنهم يأمرون السياح الا يستخدموا المركبات العامة.

لقاؤنا الاخير كان يوم الخميس، قبل الاغتيال. اسحق دعي لافتتاح المؤتمر العالمي لاتحادات الفنادق. حقيقة أن المؤتمر عقد في اسرائيل كانت انجازا نادرا. رابين جاء من زيارة في موقع المدرعات في اللطرون. وكان منفعلا من استقبال جنود المدرعات، رغم الانتقاد الذي وجه اليه في أعقاب اتفاقات اوسلو. ولكنه واصل جديته في كل موضوع. قبل أن يصعد الى المنصة للحديث دعاني لان يفحص على ماذا أستند عندما أتوقع بان يأتي الى اسرائيل اكثر من 2.5 مليون سائح في 1996. وفقط بعد أن أجبته ارتاح. لم يكن مستعدا لان يطلق ارقاما في الهواء بل اراد ان يفحص احتمالية تحققها. تودعنا بمصافحة عادية. لم يكن في الجو قلق زائد. المهرجان، بعد يومين، "فرض" على اسحق. لم يؤمن بنجاحه. "إذ من السهل التظاهر ضد، وصعب التظاهر مع"، قال.

وقد تمكن من ان يرى المظاهرة الكبرى، العيون التي نظرت اليه كزعيم يحاول احداث تحول وان يرفع اسرائيل الى طريق السلام الممكن والصعب. ولكن الاغتيال الفظيع قطع الامل في التسوية، والذي يتلبث في المجيء حتى يومنا هذا.