خبر حركة نضال- هآرتس

الساعة 10:56 ص|19 أكتوبر 2010

حركة نضال- هآرتس

بقلم: اسحق ليئور

لم تتغير مساحة الارض التي يجري فوقها الصراع الكبير على الاراضي بين دولة اسرائيل ورعاياها الفلسطينيين، من حيث سعتها ولا من حيث مواردها الطبيعية. لكنه عاش فيها قبل مئة سنة مليون من البشر أكثرهم من الفلسطينيين، ويعيش اليوم في المساحة نفسها بالضبط 11 مليون من البشر، نحو النصف منهم فلسطينيون بلا حقوق أو يفقدون حقوقهم، في كل ما يتعلق ايضا بملكية الارض والماء.

الارض مزدحمة. وقطاع مائها مجنون ولا سيما "المشروع القطري" لنباتات تمتص الماء في شمالي النقب، وبخلاف تام لكل منطق اقتصادي أو بيئي. سمّنت سياسة البناء مدة سنين الشهوة البرجوازية التافهة الى "بيت لاصق بالارض". لا يشتمل خراب البلاد على يدي اريئيل شارون على مشروع "الاستيطان" فقط ولا على حرب لبنان الاولى فقط، ولا على إشعال الانتفاضة الثانية فقط ولا على "السور الواقي" فقط، ولا على منطق أحادية الجانب فقط، بل على البناء المشاع في مطلع التسعينيات، عندما أُبيح بمبادرة منه، إذ كان وزير البناء، الالتفاف على لجان التخطيط والبناء الاقليمية.

هنا، في سياق حرب الاراضي، تبرز مأساة الاسرائيليين في كامل حماقتها. فقد أصبح هؤلاء منذ سنين طويلة جنودا في صراع ليس لهم. لا يستمتع كثيرون منهم بالسلعة الكبيرة ويعيشون بدل ذلك في بلد أسعار عقاراتها تُخضعهم ويشغلون دورا سلبيا لا فيما يتعلق باقتصاد السكن فقط. يحيا الاسرائيليون في بلد بيئته في تدهور ويشتمل ذلك على نوعية ماء الشرب.

من جهة ثانية، يشارك اولئك الاسرائيليون حقا في الجسم والنفس، في هذا الصراع وكأنه قد نشب على وجودهم المادي. وهنا يأتي دور ضباط التجنيد القوميين: ايلي يشاي أو افيغدور ليبرمان أو بنيامين نتنياهو.

عندما يحتشد أناس اليسار المتطرف في نقطتين أو ثلاث في البلاد، للمعارضة ولمشايعة نضال الفلسطينيين لسلبهم قطعة ارضهم الأخيرة، فمن المؤكد أنهم يبذلون الكثير من الشجاعة والمثالية. ومع كل ذلك يُخيل احيانا انهم أكثر من الآخرين، قد تخلوا عن البحث عن قاسم مشترك واسع فيه للفلسطينيين ولكثير جدا من اليهود ايضا مصلحة مشتركة حقيقية. يوجد الآن مكان واحد على الأقل يمكن بدء فعل هذا فيه والنجاح ألا وهو حريش.

في هذا المكان الجميل، الذي أنشيء خطأ من اجل "تهويد" المنطقة، "لمنع الانتشار العربي"، قرب محمية طبيعية جميلة، وفي مكانها في الحقيقة، خُطط لمدينة لـ 150 ألف انسان. هذه المدينة ستُلبي – من جهة السلطة وبنجاح – ما لم تنجح بلدات جماهيرية صغيرة فيه وهو دفع البلدات العربية الكبيرة الى الهوامش أكثر. الجليل مليء بنقاط كهذه (من اجل السفر بينها ودخول مدن مختنقة مثل سخنين أو الناصرة، من اجل فهم الجوهر العنصري لـ "التهويد"، الذي بدأ قبل أن يهاجر ليبرمان الى هنا).

يوجد أمل في النضال المشترك بين جيران حريش العرب وسكانها اليهود – الذين بنوا في البداية على إبعاد أم القطف ووادي عارة عامة. لا لأن الحديث عن مشروع مدينة حريدية يسهُل تجنيد معارضة لها (يجب على اليسار الاسرائيلي أن يفطم نفسه عن كراهية الحريديين ايضا، وألا يتم الربط بمساعدتها بين المستوطنين ومن يُسمون "مصوتي شاس").

هنا في حريش، تستطيع منظمات العمال من اجل حماية البيئة والتعايش أن تتحول في نهاية الامر من جمعيات انترنت الى حركة سياسية يهودية – عربية. هنا يستطيع اليسار أن يُجند اسرائيليين كثيرين لمواجهة سياسة ليبرمان لا باسم "ارض اسرائيل القديمة الخيّرة"، ولا عن حميمية اجتماعية، تلذذ اليسار الصهيوني المتبخر واليسار المتطرف دائما بها (بخلاف اليمين)، بل بمساعدة مشروع مشترك، وفِكر سياسي جديد في تخطيط مدني وتحطيم حقائق مثل "التهويد". لا يوجد أي واجب لانهاء كل مظاهرة وكل نزهة وكل حلقة دراسية بنشيد "الأمل".