خبر لماذا تحرص « إسرائيل » على وجود السلطة؟.. /خالد بركات

الساعة 05:22 م|18 أكتوبر 2010

لماذا تحرص "إسرائيل" على وجود السلطة؟.. /خالد بركات

تحرص إسرائيل على وجود السلطة الفلسطينية وتعمل على تسليك "أمورها"، وخاصة في الميدان التجاري، وما يطلبه السوق الفلسطيني وحرية الحركة. كما أن دولة الاحتلال تعترف بحق السلطة في الوجود، وتراه مؤاتيا لها، إذ أن قبول أو رفض السلطة الذهاب الى المفاوضات، لا يمنع من تسارع وتيرة التنسيق وتعزيز التعاون الأمني بين الكيان الصهيوني وسلطة رام الله، وتلك الزيارات الميدانية لقيادة جيش الاحتلال في الضفة، تشبه ذاك القائد الذي يتفقد جنوده في الميدان ويربت على كتفهم ويرفع معنوياتهم القتالية ضد "العدو المشترك".

 

وتحرص إسرائيل على وجود كيان فلسطيني هزيل، لا حول له ولا قوة، أو التهديد بالفوضى العارمة. إما أن تقبلوا بهذه السلطة، كما هي، أو سنجتاح جنين ورام الله مرة أخرى ونذهب الى الحصار. لكن هذه الدولة المارقة اللاشرعية، لن تستطيع فعل ما يحلو لها، وتنفيذ تهدياتها، إذا كانت جبهة الفلسطينيين موحدة وتقاوم بإرادة جماعية واحدة. وحتى يتحقق هذا الامر، يجب أن نبحث في دور السلطة المعيق لتحقيق الوحدة السياسية والميدانية، وتعي إسرائيل هذا الدور وتغذيه وتحرص عليه.

 

الشعب الفلسطيني لا يريد سلطة بقدر ما يريد مجتمعا فلسطينيا قادرا على قيادة وتسيير حياته وشؤونه ويختار وينتخب هيئاته الوطنية والشعبية، وهي متعددة، تبدأ بالمجالس المحلية والبلدية والنقابات ولا تنتهي بالجامعات ودور قوى ومؤسسات المجتمع الأهلي والأحزاب السياسية. لذلك يقول البعض في نزق وغضب " قبل السلطة كنا أحسن "، هذا بالضبط ما يقصده الناس، بمقولة " قبل السلطة كانت أحوالنا احسن "، لأننا كنا نحترم المبادرة الشعبية وكان المجتمع يعمل وفق شروط التضامن الأهلي والوطني ويتحمل مسؤولياته. وكانت المشاركة الشعبية هي الأساس، وليس "برنامج الوزارة"!

 

دولة الاحتلال تريد أن تبقى السلطة، بما يكفي لتنفيذ مشاريع الاستيطان، ويجب أن لا تكون سلطة الشعب الفلسطيني بقدر ما تكون سلطة شريحة محددة من الأثرياء الفلسطينيين والتي ارتبطت مصالحهم مع مصالح الاحتلال. وهؤلاء يخوضون تنافسا محموما مع بقايا حركة فتح. إن هذه الشريحة تريد السلطة وتعتقد أنها الأحق بها ذلك أن " العائدين " جاؤوا ونهبوا " الوطن " فيما " نحن " أبناء البلد " خارج القرار!

 

هذا الواقع هو الذي يؤسس اليوم لدور العشائر التقليدية في المجتمع القروي و"المديني" على حد سواء. على حساب دور الحركة الوطنيه المشتظية.

 

بوجود السلطة أزيحت الحركة الوطنية الفلسطينية وأقصيت، لأنها سلطة للبرجوازية الفلسطينية الطفيلية التي تراكم راس مالها تحت الاحتلال ومن أموال الشحدة ومن الفتات، وتعتبر ذلك "مهمة وطنية"، لذلك مثلا  يحمّلنا جميلة" كما يقال بالفلسطيني، السيد رئيس الوزارء في السلطة، كلما شقت سواعد العمال الفلسطينيين الفقراء شارعا أو " زفتت " زقاق امام مدرسة او في قرية معزولة.

 

قد لا تكون إسرائيل حريصة على محمود عباس مثلا، لأنه في نهاية الأمر، فرد واحد، وهناك من "الأفراد" كثر، ومن هو جاهز ليلعب الدور و"يملأ الفراغ".

 

المهم أن تبقى السلطة، جاثمة على رقاب القرار الوطني الفلسطيني، وباسم وجودها المقدس تتصدع قضية الفلسطينيين وتتحول إلى شظايا. لا تخافوا ايها الفلسطينييون، إذا سقطت السلطة، وهي حتما ستيسقط، سيكون ذلك خيرا لكم، وسوف تستعيد الحركة الوطنية مكانتها ودورها الطبيعي ويعود القرار لشعبه.