خبر الزعبي: إسرائيل تفرّغت لعرب الـ 48 بعدما حلّت هاجسها الأمني بالمفاوضات والتنسيق

الساعة 05:36 ص|18 أكتوبر 2010

الزعبي: إسرائيل تفرّغت لعرب الـ 48 بعدما حلّت هاجسها الأمني بالمفاوضات والتنسيق والجدار والحصار

فلسطين اليوم- وكالات

في ضوء الهجمة الاسرائيلية الشرسة والمتواصلة على عرب الـ 48، ومحاولات تقليص حقوقهم السياسية والمدنية وإقصائهم وتقييد نشاط احزابهم وقياداتهم من خلال سلسلة من القوانين ومشاريع القوانين العنصرية، وعلى رأسها اقرار الحكومة تعديل «قانون المواطنة» الذي يشترط اعلان الولاء لـ «دولة اسرائيل يهودية وديموقراطية»، اضافة الى طروح من قبيل تبادل اراض وسكان في اي تسوية سلمية مقبلة، ودعوات الى ترحيلهم (الترانسفير) تحت طائل الهوس الديموغرافي، التقت «الحياة» النائبة العربية في الكنيست حنين الزعبي لتستمع منها الى اسباب هذه الهجمة وسر تسارعها في هذه المرحلة. سألتها عن اوضاع الفلسطينيين في اسرائيل، والتحديات الراهنة امامهم، كما سألتها عن انعكاسات اتفاقات اوسلو وعملية السلام والمفاوضات عليهم، وموقفهم من اي تسوية سلمية مستقبلية.

 

«دولة لكل مواطنيها»

 

عزت الزعبي الهجمة الاسرائيلية ضد عرب الـ 48 الى فشل مشروع تدجينهم، في مقابل تبلوُر مشروعهم الوطني القائم على اساس المطالبة بدولة لكل مواطنيها والمضاد للصهيونية، كما أشارت الى مسار المفاوضات الذي اغلق ملف انشغال اسرائيل بالأراضي المحتلة، فانكفأت على تعزيز هوية الدولة. وأوضحت: «اسرائيل لم تعترف ابداً بهويتنا ولا بحقوقنا الجماعية القومية، وفي افضل الاحوال تعتبرنا جزءاً يجب تدجينه وتشويه هويته وسلب موارده وأرضه». لكنها اشارت الى ان «الجديد هو اكتشاف اسرائيل من خلال هبة القدس والاقصى وموقفنا من حرب لبنان ويهودية الدولة، ان مشروعها لتدجين عرب الداخل فشل، وان لديهم مشروعاً آخر بديلاً هو المشروع القومي الذي لم يهمل الهم اليومي ولم يتنكر للهوية والانتماء والحق التاريخي، بل تحوّل مطلب المساواة من مطلب اندماجي مُؤَسرل الى مطلب له ضوابط ومرجعية وطنية ضمن رفض تعريف اسرائيل دولة يهودية والمطالبة بدولة لكل مواطنيها». وأوضحت ان «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي تنتمي اليه، طرح شعار دولة لكل مواطنيها كجزء من برنامج حزبي ورؤيا سياسية، حتى ان رئيس الاستخبارات الاسرائيلية (شاباك) يوفال ديسكن اعتبر ان «التجمع» خطر استراتيجي على اسرائيل، موضحة ان «الوجود العربي مع رؤية سياسية هو الخطر وليس الوجود العربي فقط». وقالت: «الجديد اننا نحمل مشروعاًَ واضح المعالم يطالب اسرائيل بأن تكون دولة لكل مواطنيها».

 

وكان نتانياهو لخص موقفه من عرب الداخل في خطاب امام مؤتمر هيرتزيليا قبل سبع سنوات عندما كان وزيراً للمال في حكومة آرييل شارون، اذ قال ان مشكلة اسرائيل الديموقراطية هي عربها وليس عرب فلسطين، معتبراً انه في حال اندماجهم ستصل نسبتهم الى 35 في المئة من السكان، ما يجعل اسرائيل دولة ثنائية القومية، اما اذا بقي عددهم بحدود 20 في المئة او اقل وبقيت العلاقة متوترة، فإن ذلك يضر بالنسيج الديموقراطي لاسرائيل، معلناً انه يريد «سلاماً اقتصادياً داخلياً»، بمعنى دعم العرب كأفراد لان اقتصاد اسرائيل في حاجة اليهم، شرط ان يتخلوا عن فكرة الدولة لكل مواطنيها.

 

وأضافت الزعبي ان المستوى الآخر لما يجري في اسرائيل ضد العرب هو المفاوضات، موضحة: «لا نستطيع ان نرى ذلك بمعزل عن مسار المفاوضات وما انتجته (اتفاقات) اوسلو»، معتبرة ذلك «الوجة الآخر للعملة التي ادت الى هذه الحكومة الشرسة». وقالت: «اسرائيل عملياً أغلقت ملف الانشغال بالضفة عبر التفاوض والتنسيق الامني (مع السلطة)، وفي غزة عبر الحصار، ولم يعد لها انشغال بالاراضي المحتلة، بل انكفأت على تعزيز هوية الدولة وحدودها. لقد اعتبرت اسرائيل انها تستطيع ان تتفرغ لموضوع هوية الدولة، أي الامن الداخلي، بعد إغلاق ملف الامن الخارجي من خلال الحصار والجدار والتنسيق الامني مع السلطة».

 

ورأت الزعبي ان «قانون المواطنة» الذي يشترط الولاء للدولة اليهودية الديموقراطية، يعني ان «على كل فلسطيني الاعتراف بشرعية اسرائيل، والاعتذار عن النكبة والمشروع الوطني، وسد الفرص الواقعية امام عودة اللاجئين، وتشريع العنصرية ضدنا». ولفتت الى ان المتضرر من قانون المواطنة ليس عرب الـ 48 فقط لأن هذا القانون يقوم عملياً بتجزئة مطالب الشعب الفلسطيني، ويجب ان يكون جزءاً من التحدي العام الفلسطيني.

 

وعزت الضجة التي اثارها هذا القانون الى كونه «القانون الاول الذي يتعامل مع القناعات، فكل القوانين الصهيونية الاخرى تتعامل مع السلوك، مثل منع التحريض او المشاركة في احياء ذكرى النكبة، لكن هذا هو القانون الاول الذي يشتغل بقناعات ايديولوجية، وليس احترام قوانين معينة. البعض في الكنيست لم يستوعبه لانه موجود في دول فاشية، وبالتالي يطرح الوجه الفاشي لاسرائيل ولا يدل على ديموقراطيتها ويهز صورتها امام العالم، كما انه حتى في المفهوم الاسرائيلي فائض عن الحاجة». وتابعت: «هذا اول قانون يريد مني ان احارب نفسي، بينما القوانين السابقة تشرّع للحكومة ان تحاربني». وأشارت الى ان 23 قانوناً تشرّع العنصرية والتمييز أُقرت خلال الاعوام الستين الماضية، موضحة انه خلال عام من وصول بنيامين نتانياهو الى السلطة طُرح 15 مشروع قانون عنصرياً.

 

وكانت تشير في هذا الصدد الى مجموعة قوانين ومشاريع قوانين اسرائيلية، مثل سحب الامتيازات من نواب بسبب مواقفهم السياسية، مثلما حصل مع الزعبي بعد مشاركتها في «اسطول الحرية» الذي كان يحمل مساعدات انسانية الى غزة، وكذلك ملاحقة رئيس التجمع عزمي بشارة بسبب مواقفه، واقتراح مشروع قانون يقضي باعتبار الحركة الاسلامية الشمالية تنظيماً ممنوعاً، وآخر يتيح فصل نائب يؤيد الكفاح المسلح ضد اسرائيل او يشارك في التحريض العنصري او ينفي وجود اسرائيل «دولة يهودية ديموقراطية»، وثالث يتعلق بسحب المواطنة في حال عمل ارهابي او تجسس، ورابع لمنع الحجاب، وخامس لإزالة ذكرى النكبة من برامج التعليم ...

 

استراتيجية المواجهة

 

وتحدثت الزعبي عن مستويات عدة للعمل على مواجهة هذه الهجمة الاسرائيلية، فقالت ان لجنة المتابعة العربية العليا التي تنضوي تحت اطارها الاحزاب العربية في اسرائيل، اقرت اضراباً عاماً في اطار نشاطات ضد العنصرية ومحاربتها، من بينها ارسال مذكرة الى كل من ادارة الرئيس باراك اوباما والجامعة العربية والسلطة الفلسطينية والاتحاد الاوروبي، برفض مطلب الدولة اليهودية وأبعاد هذا الطرح على فرص السلام العادل. كما اشارت الى التوجه الى قوى ديموقراطية اسرائيلية ترفض العنصرية، والعمل على المستوى الدولي من خلال فضح اسرائيل، وايضاً العمل داخل المجتمع المحلي بالتعبئة والحشد وتعزيز الهوية القومية والطاقات النضالية. وأضافت ان ذلك يشمل ايضاً العمل على المستوى الفلسطيني لأن اداء السلطة الرسمي خلال المفاوضات لا يؤثر فقط على السلام العادل في ما يتعلق بالدولة واللاجئين، بل يؤثر ايضاً على واقعنا الداخلي.

 

التحديات كبيرة

 

واعتبرت الزعبي ان التحدي كبير امام عرب الـ 48 ليس فقط بسبب قوة الهجمة الصهيونية اخيراً، «بل لاننا نتحدث عن مجتمع نصفه يعيش تحت خط الفقر، ولأن اسرائيل تستهدفنا على المستوى الفردي ايضاً وفق سياسة رسمية معتمدة ومقصودة. نحن نتكلم عن شعب نسبته في اسرائيل 18 في المئة، لكن نسبته في العمل الحكومي لا تتجاوز 8 في المئة، وفي العمل الخاص 1 في المئة، وفي الجامعات 8 في المئة»، مشيرة الى «سياسة إفقار ومصادرة اراض مقصودة». وتحدثت عن العنف المستشري بين العرب، فقالت ان 50 في المئة من جرائم القتل تحدث في الوسط العربي، وان نسبة العرب في السجون 35 في المئة، مشيرة الى ان الشرطة لا تجمع السلاح غير المرخص وتتهاون في معاقبة المجرمين، وغالباً ما تغلق الملفات وتقيد الجرائم ضد مجهول. ولفتت الى ظاهرة جديدة هي استهداف اسرائيل لحياة المواطنين من عرب الـ 48، مشيرة الى ان الشرطة الاسرائيلية قتلت 50 فلسطينياً في السنوات العشر الماضية، بينهم 13 هم ضحايا هبة القدس، في حين انه قبل عام الفين لم يقتل اي مواطن عربي. وأضافت الى هذه التحديات «انهزامية المفاوض الفسلطيني امام اسرائيل»، و «رداءة الوضع العربي العام، وإخراجنا من اوسلو ومن الشأن الفلسطيني واعتبارنا شأناً اسرائيلياً داخلياً»، مضيفة: «نحن موضوعياً وذاتياً نعتبر انفسنا جزءاً من العالم العربي ولا نقبل التعامل معنا كشأن اسرائيلي داخلي».

 

عملية السلام

 

وفي موضوع المفاوضات، قالت الزعبي: «من موقعي اقول ان اسرائيل لا تشعر بأنها في حاجة الى السلام لأنها حلت هاجسها الأمني بطريقة أخرى من طريق الجدار (الفاصل في الضفة) والحصار (الذي فرضته على غزة) والتنسيق الامني مع السلطة الفلسطينية». لكنها تضيف ان اسرائيل «بحاجة الى المفاوضات لأنها تحميها من الضغوط والعزلة الخارجية». وأكدت ان حزبها «التجمع» رفض اتفاقات اوسلو منذ البداية وعارض «خريطة الطريق» والانسحاب الاحادي من غزة وانابوليس، كما يرى ان المفاوضات ضربت القضية الفلسطينية وقضت على منجزات سياسية لنضال دام عشرات السنوات. وخلصت الى ان مصلحة الفلسطينيين تتطلب العودة الى المرجعية الوطنية الحقيقية الشعبية واعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، مشددة على رفض المفاوضات «كآلية تستبدل النضال» بل اعتبارها «وسيلة لحصد ثمار النضال» وجزءاً من المشروع الوطني. وضربت مثلاً الاستيطان، وقالت: «في المفاوضات بدل ان يكون توسيع الاستيطان عثرة امام السلام، بات الحديث عن توسيع المستوطنات عثرة امام المفاوضات».

 

وتطرقت الى اعتقاد يسود في اوساط اسرائيلية واسعة بأن عرب الـ 48 الذين كانوا في ما مضى يعتبرون «جسراً للسلام»، باتوا اكثر تشدداً من السلطة الفلسطينية تجاه عملية السلام تحسباً لأن يكون اي اتفاق سلام على حسابهم، فقالت: «من يقول هذا الكلام يقسّم الشعب الفلسطيني ويشرذمه، ولا يعتبر ان القضية الفلسطينية واحدة». وأضافت: «لسنا خارج أفق السلام، والمتضرر هو من كان خارج الشيء. علاقتي مع السلام هي ان يحقق لي العدل والحقوق، فأنا جزء من الصراع الذي اعتبر انه بدأ رسمياً عام 1948، بدأ كقضية لاجئين وليس كاحتلال. مثلاً، اذا كانت عملية السلام لا تحقق حقوق اللاجئين، فهي غير عادلة للفلسطينيين جميعاً». وأضافت: «نرفض تبادل السكان لانه يشرعن المستوطنات ويبقيها ويطالب بتبادل اراضٍ. المستوطنات غير شرعية، ومجرد ان توجد معادلة تبادل، تصبح المستوطنات شرعية وتبدأ اسرائيل بمقايضتها. كما أرفض مبدأ تبادل الأراضي لانني لا اريد ان اتساوق مع اي مخطط إسرائيلي لمشروع تعزيز الدولة. ان معادلة ارض أكثر وعرب أقل هي منطق صهيوني لا استطيع ان اتساوق معه، ويعزز يهودية الدولة، ويضعف عرب الـ 48، وهو مضر لكل الفلسطينيين».