خبر ضابط موساد: مغنية عبقري وقدراته القيادية وفهمه الممتاز للتقنيات حوّلته لأخطر عدو

الساعة 05:28 ص|18 أكتوبر 2010

ضابط موساد: مغنية عبقري وقدراته القيادية وفهمه الممتاز للتقنيات حوّلته لأخطر عدو

فلسطين اليوم- وكالات

 في وقت آخر، مكان آخر او امة اخرى، كان عماد مغنية ليحقق نجاحا كرجل اعمال، بحسب اقوال الضابط دافيد باركاي. خلال عام 1980 واوائل عام 1990 كان باركاي قائدا للقاعدة الكبيرة في شمال اسرائيل التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (امان).

باركاي كان مسؤولا عن ملف عماد مغنية، ضمن امور اخرى، وقد قدم هذا التقييم للمسؤولين عنه، وقام الصحافي رونين بيرغمان، من صحيفة 'يديعوت احرونوت' بنشره مؤخرا في كتابه المثير للجدل في اسرائيل وهو تحت عنوان: الحرب السرية على ايران، يقول ضابط المخابرات الاسرائيلي: عماد مغنية، هو واحد من اكثر العقول خلقا وعبقرية بين من صادفتهم في حياتي. يتمتع بادراك عميق، وفهم ممتاز للتقنيات وقدرات قيادية، لسوء الحظ، فان مزيجا من الظروف الجغرافية السياسية والشخصية، قادته ليوجّه مواهبه الرائعة الى طريق الدم والدمار صانعة منه هذا العدو الخطير.

يروي الكتاب قصة صعود عماد مغنية في حزب الله بفضل قدرته على استعمال القنبلة الذكية، اي الانتحاريين، في حرب ايران المفتوحة على اسرائيل والولايات المتحدة، بدءا بلبنان، مرورا بفلسطين وصولا الى العراق، بعد وقفة قصيرة ولكن تراجيدية في الكويت. ويتطرق الكاتب الى من هو عماد مغنية بحسب وثائق المخابرات الاسرائيلية؟ وما هي الاعمال المنسوبة اليه في بدايات صعوده، وكيف انتقل من حارس شخصي لصلاح خلف في حركة فتح الى حارس شخصي للسيد حسين فضل الله في حزب الله فالى ابرز قيادي في الجناح العسكري لحزب الله.

وبحسب بيرغمان، قام العديد من عملاء المخابرات في كثير من البلدان بدرس الشخصية المعروفة باسم الثعلب الايراني.

باركاي وموظفوه وخلفاؤهم كرسوا ساعات لا تحصى لمغنية في معركة دهاء ماكرة، وقاسية. لسنوات، بقي الاسرائيليون كما الامريكيون غير قادرين على وضع حد لانشطة الثعلب المبتكرة والدموية، كان مفجرا مراوغا. فالتقارير التي طالما توافرت لوكالات المخابرات الغربية عن مكان وجوده كانت تتضارب.

في لبنان، اعترف احد مصادر المخابرات البريطانية وبخجل في عام 2001 انه على الرغم من الاهتمام الكبير الذي توليه المملكة المتحدة للسيد مغنية، لم تكن لديهم فكرة عن مكان وجوده او ما قد يكون يخطط له. في الولايات المتحدة، جاء في الكتاب، كان عماد مغنية على قائمة المطلوبين لمكتب التحقيقات الفدرالي لواحد وعشرين عاما. في 12 تموز (يوليو) من العام 2006 تمكن عماد مغنية من اشعال شرارة الحرب الاخيرة بين اسرائيل وحزب الله، عندما قاد عملية اختطاف اثنين من الجنود الاسرائيليين. لقد كان محاربا بالوكالة للايرانيين لا يقدر بثمن. وجاء في الكتاب ايضا انّه وفقا لتقييم سري للغاية اعدته الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية في عام 1996، تقوم ايران باستخدام الارهاب ضد اسرائيل بانتقائية وبعقلانية، وذلك نتيجة تقديرها وادراكها للاضرار الدبلوماسية الجسيمة التي قد تتسبب بها لنفسها اذا كشف دورها، وبناء على ذلك، تتبع ايران عادة طريقا غير مباشر. هذه الطريق غير المباشرة بحسب التقرير، كانت تمر عبر عماد مغنية.

ولد مغنية في السابع من 7 كانون الاول (ديسمبر) 1962، في قرية طير دبا جنوب لبنان، وهو البكر لثلاثة اشقاء وشقيقة. والداه، امينة ومحمود جواد، كانا قد تزوجا قبل عام من انجابه وكان والده شيعيا ملتزما توفي في عام 1979، وهو واحد من القلائل بين افراد الاسرة، مات موتا طبيعيا. وفقا لملفات المخابرات الاسرائيلية، قضى مغنية معظم طفولته في منطقة بئر العبد، وهي واحدة من الاحياء الشيعية الفقيرة في جنوب بيروت والتي ازدحمت بالفلسطينيين بعد فرارهم من الاردن عقب اتخاذ الملك حسين اجراءات صارمة هناك ضد منظمة التحرير الفلسطينية في ايلول 1970.

في اواخر عام 1970، ترك مغنية من المدرسة الثانوية، وانضم لحركة فتح، حيث خضع لتدريب على حرب العصابات. في وقت لاحق انضم الى قوات الـ 17، وحدة الامن النخبوية في فتح، واصبح مغنية حارسا شخصيا لنائب عرفات، صلاح خلف (المعروف باسم ابو اياد). في عام 1982، عندما كانت منظمة التحرير الفلسطينية على وشك مغادرة بيروت لتونس نتيجة لغزو ارييل شارون للبنان، قرر كثر من اعضاء فتح الشيعة، بمن فيهم عماد وشقيقاه فؤاد وجهاد، البقاء في لبنان. في عام 1983، في ذروة انشغاله بالتخطيط للعمليات الانتحارية ضد اهداف امريكية، وفرنسية واسرائيلية في لبنان، وجد مغنية الوقت الكافي ليتزوج ابنة عمه، سعدة بدر الدين. ولدت ابنتهما فاطمة في 2 اب (اغسطس) 1984، وابنهما مصطفى في 7 كانون الثاني (يناير) 1987. رغم ان مغنية خلال تلك الفترة كان اسلوبه في العيش علمانيا بالكامل، فقد انضم واخوته الى حزب الدعوة الاسلامية. وهي واحدة من اكثر الجماعات الشيعية المتطرفة الصغيرة التي سرعان ما انضمت لاحقا لحزب الله الى جانب غيرها من المجموعات الشيعية.

واخذ عماد يصبح اكثر التزاما ببعض الشعائر والتعاليم الشيعية. ووفقا لبعض التقارير، توقف مغنية عن رؤية نساء غير زوجته، اقلّه في العلن. ولكن حتى بعد ذلك بكثير، وبالرغم من منزلته الرفيعة، لم يكن ليُعتبر شيعيا متديّنا. في محادثة هاتفية سجلتها المخابرات الاسرائيلية في عام 1999، تحدث الشيخ نعيم قاسم عن مغنية قائلا: انه ليس قديسا كبيرا عندما يتعلق الامر بالدين، ولكن انجازاته العسكرية المجيدة تعوّض عليه وتضمن له مكانا في الجنة. خلافا لغيره من قادة حزب الله الشباب، لم يكن مغنية قابضا على نفوذ سياسي ولم يتمتع بسلطة دينية على الشيعة. كان ببساطة رجل المهمات والعقل المدبر لعمليات منظمته الاكثر جرأة.

واضاف بيرغمان في كتابه انّه في عام 1986، عيّن بركاي قائدا لقاعدة الوحدة 504، واصبح المسؤول عن تجنيد اكثرية العملاء في لبنان وسورية. بعد ذلك بفترة وجيزة، تلقى معلومات خاصة متعلقة بتحديد صفات احد الارهابيين خلال عملية مطاردة شارك فيها بالمواجهة العسكرية التي اسفرت عن تمكنه من قتل ذلك الارهابي. يجب ان نتذكر، ان حزب الله كان في 1982 و 1983 حركة تقدّم نفسها على انها نتاج اصيل للايديولوجية، واعضاؤها هم ممن سافروا الى ايران اساسا لدراسة الدين ولم تكن لديهم القدرة التشغيلية على الاطلاق في العديد من المجالات، ومن خلال هذا النقص استطاع الحرس الثوري الايراني الولوج اليهم. عماد مغنية، الذي اكتسب عندئذ قدرا كبيرا من المهارات العملية والدراية الفنية بوصفه احد المتعهدين لتنفيذ اعمال ارهابية، كان الرجل المناسب في المكان المناسب لهم. وبرأي بيرغمان، الذي قام باجراء لقاءات عديدة مع مسؤولين سابقين في اجهزة المخابرات بالدولة العبرية، انّ حرب لبنان الثانية، في صيف العام 2006، كانت محطة النشوء الثاني لحزب الله، كقوة عسكرية اتجهت من الجبهة الحدودية الى الجبهة الداخلية، حيث تمّت عملية السيطرة على لبنان، على حد تعبيره. ويشار الى انّه على الرغم من هذا، فانّ الدولة العبرية لم تُعلن حتى اليوم مسؤوليتها عن اغتيال مغنية في دمشق.