خبر بري: لن استسلم للفتنة.. و« إسرائيل » ترى فيها فرصة العمر

الساعة 05:56 م|17 أكتوبر 2010

بري: لن استسلم للفتنة.. و"إسرائيل" ترى فيها فرصة العمر

فلسطين اليوم-وكالات

الزيارة الى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في هذه الظروف الدقيقة التي يعيشها لبنان خصوصاً والعالم العربي عموماً هي مفيدة جداً للوقوف على حقيقة ما يُحاك من فتن ولاجراء تحليل واقعي للاوضاع من جوانبها كافة وعدم التوقف عند الامور السطحية التي يتداولها البعض في الاعلام.

 

نادراً ما يتكلم رئيس البرلمان اللبناني لكن كلامه في هذه اللحظة اللبنانية والاقليمية وبالتزامن مع زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى الرياض هو كلام توجيهي بامتياز يضع الاصبع على الجرح، ويضيء على خفايا الامور ويتخذ منها الموقف الجريء والمناسب، وهذا ليس غريباً على بري المحامي والمقاوم والذي يبرع في تطويع المحاماة للدفاع عن المقاومة والقضايا الوطنية.

 

لا يخفى على الرئيس بري في جلسته مع صحيفة "القدس العربي" ما يُثار حول الفتنة في لبنان، لكن زعيم "أمل" لا يفقد الأمل ولا يبدو متشائماً كثيراً من الوضع كما يراه البعض من خارج لبنان.

 

وأبلغ رد من رئيس المجلس على هذه الاجواء هو قوله "لن أستسلم للفتنة". ويعلّق بري على الاجواء الساخنة التي تعيشها الساحة اللبنانية حالياً فيقول "يمكن أن تلاحظ هواء خماسينياً في لبنان اليوم لكن هذه الرياح ليس مصدرها لبنان بل هي تأتي مرات من الصحراء ومرات أخرى من فلسطين، إنما الاساس والسبب في مثل هذه الرياح الساخنة هو عدم توحّدنا وعدم اتخاذنا موقفاً واحداً"، ويضيف ساخراً "حتى تكون عربياً يجب أن تكون هناك تفرقة".

 

ويلاحظ الرئيس بري "ان الوضع الآن مذهبي أكثر مما هو طائفي، وأن التشظي العراقي بدأ يأخذ منحاه، وهذا شيء مستغرب". ويقول "إذا أخذنا ايران، فهي عندما كانت ميّالة لاسرائيل كانت في نظر البعض حامية للخليج وكانت لها صداقات مع سياسيين لبنانيين ومع عائلات شيعية لبنانية كثيرة، ويومها لم يكن يتكلم أحد بسني وشيعي. عندما تحوّلت سفارة اسرائيل الى سفارة فلسطين، وأعتقد أن الشيعة يقربون السنّة في فلسطين أكثر من اسرائيل، صار التركيز على ايران Focus ليس من العالم العربي بل من الغرب. وجاءت قصة اليمن والبحرين والحديث عن الهلال الشيعي، وهنا قلت للرئيس حسني مبارك إن الهلال الشيعي يكون ضمن القمر السنّي".

 

"إذاً القصة سياسية بإمتياز" في نظر رئيس البرلمان "ويُستعمَل التمذهب لهذا الموضوع الذي برزت تجلياته في العراق". ويتوقف الرئيس بري عند بعض الظواهر التي تحاول اثارة الفتن وينتقد من سمّاه "هذا الآدمي الكويتي بالمعنى العكسي طبعاً" في اشارة منه الى رجل الدين الشيعي ياسر الحبيب الذي ذهب الى لندن وأطلق تصريحات بحق زوجة الرسول عليه السلام السيدة عائشة. واضاف "شيخ الازهر قال: على علمي ليس هناك قرآنان عند المسلمين بل قرآن واحد. إذاً ولا سطر في قرآن هنا ليس في قرآن هناك، أو سكنة يُختلَف عليها، حتى بالتفاسير لا تجد فارقاً. هذا كقصة قس امريكي الذي لا يمثل أكثر من 50 شخصاً وأراد إحداث فتنة مسيحية اسلامية، وهذه كلها عدة اسرائيلية" يؤكد بري.

 

هل سيكون لبنان ساحة للفتنة؟ يجيب الزعيم الشيعي "ليس اختيار لبنان لأنه لبنان بل لأنه معتاد على التنوعات، والفسيفساء موجودة، وإذا ألغيت هذا التنوع تبقى جبال لبنان لكن لبنان لا يعود لبنان". لكن بري يؤكد "ان صعوبة الفتنة في لبنان هي بوجود 362 الف زواج مشترك بين الشيعة والسنة". ويقول "كل مسلمي لبنان مليونان أو مليونان ونصف وهذا يعني أن لدينا النصف أقارب، وهذا يعني أن كثيراً من السنّة ينادون لجدّهم يا جدي وهو شيعي ، وكثيراً من الشيعة ينادون يا جدي وهو سني".

 

ويعتبر بري "ان اسرائيل ترى في الفتنة فرصة العمر"، ويسأل "كيف دخل الاسرائيليون الى لبنان في المرة الاولى؟ دخلوا لأننا كنا مفرّقين، ووصلوا من خلال بعض المناطق الى منطقة المتحف ووقفوا على مسافة 500 متر من بيتي في بربور. فمن هنا يجب الحذر كثيراً من أي انقسام".

 

وعن دور المحكمة الدولية في إحداث الفتنة يرى الرئيس بري "انهم يعوّلون على القرار الظني كفتيل للاشتعال"، لكنه يستدرك "طالما أن العلاقة السورية السعودية جيدة طالما أن لبنان بمناعة من هذه الفتنة". ولكنه يضيف "الحل مطلوب ايضاً من اللبنانيين، فأنت تساعدني ولكن لا تحل مكاني. الآن هناك مظلة تمنع الفتنة وإنما الحل يجب أن يكون من لبنان".

 

وذكّر الرئيس بري أنه "في 31 آب قال كانت هناك خلافات بين اللبنانيين وحُلّت، كنا مختلفين على العروبة واتفقنا، كنا مختلفين اذا لبنان عربي الانتماء والهوية واتفقنا، وقلنا إن لبنان وطن نهائي، وأقرّينا العلاقة مع سورية وأن لا للتقسيم ولا للتجزئة ولا للتوطين بعدما كان أناس يفكّرون بالتوطين والتقسيم، وعملنا عقداً اجتماعياً إسمه الطائف. فهذا العقد إذا كان فيه خلل تعالوا لنبحث فيه، تعالوا نطبّق العقد، وأعطي أمثلة عن عدم التطبيق: المجلس الدستوري ساعة نمشّيه وساعة لا نمشّيه، أين المجلس الاقتصادي الاجتماعي؟ أين الهيئة الوطنية العليا لالغاء الطائفية؟ مجلس الشيوخ هل أسسناه؟ وقوانين الانتخاب هل أقرّينا مرة قانوناً انتخابياً بحسب الاصول؟".

 

وعن صحة ما يتردّد عن نزول حزب الله الى الشارع في حال صدور القرار الظني؟ يقول رئيس المجلس "يعتقدون أن القرار الظني عنوان الفتنة لكن كما عبّرت عنه هو الفتيل". ويضيف "أنا مهنتي قبل أن أكون رئيساً للمجلس هي المحاماة، ونعرف أن التحقيقات سرّية ولا أحد يعرف متى يصدر القرار الظني. إنما نحن منذ ارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الله يرحمه، إغتيل عند الساعة الواحدة إلا ثلاث دقائق فلم تقطع الساعة الواحدة إلا وكانت التهمة جاهزة وقالوا إنهم السوريون. ويومها قالوا ايضا إنهم الشيعة لأنهم حلفاء سورية، ولكن سها عن بالهم أن السنّة ورفيق الحريري كانوا ايضاً حلفاء سورية "قدّ الشيعة على 60 مرة".

 

وتابع بري "مرّت السنوات والاتهام لسورية قائم ، وبلّينا يدنا بالسوريين وخرجوا من لبنان وقتل أكثر من 50 عاملاً سورياً الى أن أتانا خبر من "لو فيغارو" و"دير شبيغل" بأن ليست سورية هي المتهمة بل حزب الله. وبينما كان 18 شخصاً من حزب الله قيد الاستماع، حددوا موعد صدور القرار الظني وأبلغوا السيد حسن نصرالله بذلك. فلو كان أحد مكان السيد نصرالله هل يقبل وضع الجريمة بظهره؟".

 

وسئل الرئيس بري ماذا ستفعلون إذا صدر القرار الظني؟ أجاب "هذا السؤال يطرحه علينا السفراء وهو أحد اسباب التوتير؟ فكيف يعلم السفراء بالقرار الظني؟ يعني أن المحكمة مسيّسة".

 

ويتطرّق الحديث مع الرئيس بري الى زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى لبنان، ولدى سؤاله عن تعليقه على كلام الخصوم من أن نجاد زار دويلة حزب الله فيرد موضحاً "هذا الكلام لم يصدر عن الخصوم"، مستشهداً بموقف الدكتور سمير جعجع في قصر بعبدا عندما وصف زيارة الرئيس الايراني بأنها "لائقة وبروتوكولية من رئيس دولة الى رئيس دولة".

 

ولفت بري الى "ان الرئيس نجاد منذ تسلمّه مسؤولياته لم يبدّل مواقفه طيلة 6 سنوات.هو ترابي، وقناعاته لم يغيّر شيئاً منها". واستغرب الهجمة الامريكية الاوروبية على زيارة نجاد الى لبنان واعتبارها استفزازية. واضاف "قلت للرئيس نجاد في المطار زيارتك مهمة جداً لنا كأصدقاء، ولكنها اصبحت اكثر اهمية بفضل اعدائنا. وأنا اسأل هل تريدون أن تكون أمريكا أكرم منا في لقاء نجاد؟، ويضيف "يجيبني سفراء ولكن نجاد لم يزر امريكا بل زار نيويورك.قلت بلى زار جامعة كولومبيا وألقى خطاباً تناول المحرقة واستغلالها لتبرير الاساءة للشعب الفلسطيني. وقال لي أحد السفراء ولكن امريكا ليست على حدود اسرائيل، فقلت له معك حق أمريكا في قلب اسرائيل والعكس قائم ".

 

ويلفت الرئيس بري الى أن جميع الفئات اللبنانية شاركت في استقبال الرئيس الايراني، وقال "عندما كان الرئيس نجاد هنا في لبنان أقام له رئيس الجمهورية غداءً تكريمياً كذلك فعل رئيس الحكومة ، وأنا أقمت له عشاء. وقد شارك الجميع وسمير جعجع كان حاضراً في القصر وجورج عدوان كان هنا في عين التينة، وشانت جنجنيان كان في المطار". وشدّد الرئيس بري على احترام الرئيس الايراني لجدول المحادثات، وهو كان على استعداد للموافقة على تسليح الجيش اللبناني ولكن هذا الموضوع لم يُناقش معه. وأنا شكرته في العشاء على الاستعداد غير المشروط لتسليح الجيش وقلت إننا لا نقبل استعدادات للتسليح مشروطة".

 

ويتذكّر الرئيس بري اهمية الحوار وضرورة التقاء اللبنانيين ويقول "في حوار عام 2006 وجّهت دعوات الى 14 شخصية سياسية لبنانية بينهم أناس ليست بينهم أي علاقة ولم يروا بعضهم من قبل إلا على شاشات التلفزيون. واستطعنا التوصل الى اتفاق بسرعة على المحكمة وعلى العلاقة مع سورية وتنظيم السلاح الفلسطيني وغيرها". ليخلص الى "أن ليس في لبنان أعداء بل خصوم". ولدى سؤاله هل يصح هذا الامر على الدكتور سمير جعجع أجاب وهو يرفع إصبعه "جعجع خصم وليس أبداً عدواً. إسألني عن أناس شيعة أقول إنهم خصومي. الشيعي مثل الماروني مثل غيرهما قد يكونون خصوماً أو اصدقاء، وأنا لا أميّز نائباً من حركة أمل عن نائب مسيحي أو غير مسيحي". وعن وضع الرئيس فؤاد السنيورة بالنسبة اليه وهل هو صديق أم خصم أجاب "إطلع منها".

 

اما بالنسبة الى موضوع الحقوق المدنية الفلسطينية فقد "اقرّينا جزءاً من الحقوق الاجتماعية والانسانية - يقول بري - ولم نتمكن من اقرار حق التملك للفلسطينيين بسبب بعض الاعتراضات".