خبر د. محمد مورو يكتب : بدائل وهميَّة لسلام وهمي

الساعة 05:30 م|17 أكتوبر 2010

بدائل وهميَّة لسلام وهمي ..د. محمد مورو

 

رغم الكراهية والاحتقار اللذَيْن يكنُّهما كل عربي ومسلم -بل كل إنسان محترم في العالم- للمدعو أفيجدور ليبرمان وزير الخارجيَّة الإسرائيلي فإن كلامه من فوق منبَر الأمم المتحدة يجب وضعه في الاعتبار وليس لأن الرجل حكيم -بل هو أحمق- ينبغي الاستماع إلى كلامه, بل لأنه صفيق جدًّا لدرجة أنه يعلن حقيقة ما يفكِّر فيه الإسرائيليون بدون خجل أو خوف من العواقب، قال ليبرمان: "أنصح العالم بألا يتوقع سلامًا فلسطينيًّا إسرائيليًّا على امتداد العقود المقبلة".

 

إذن فالسلام مجرد وهم وسراب, ولا يريد أن يصدق بعض ساستنا العرب أن السلام كان ولا يزال وسيظل وهمًا, لأنه بداهةً لا سلام بين ذئب وحملان، ولا سلام مع كيان قام على العدوان ولا يستطيع أن يعيش إلا بالعدوان.

 

لقد مرَّت علينا جميع ألوان الطيف الصهيوني, من حكومات لحزب العمل وحكومات لليكود وحكومات لكاديما وحكومات دائمًا ائتلافية، دون تحقيق هذا السلام المزعوم.

 

ومرَّت أيضًا علينا رئاسات أمريكيَّة, وديمقراطيَّة وجمهوريَّة دون أن تفعل أي حكومة أمريكيَّة المطلوب منها لأسباب استراتيجيَّة وحضاريَّة لن تتغير في المستقبل القريب, بل لعلَّ حكومة أوباما التي عجزتْ حتى الآن عن الضغط على إسرائيل هي منتهى المراد في هذا الصدَد, ومن المتوقع ميل الأمريكان إلى اليمين قليلًا أو كثيرًا, إذن فإن فشل إدارة أوباما في الضغط على إسرائيل لتحقيق أي سلام من أي نوع يعني أن هذا الفشل مرشَّح لأن يكون القاعدة في العقود المقبلة، ولا بدَّ أن نأخذ في اعتبارنا هنا أن إدارة أوباما, وأمريكا كدولة في الوقت الراهن أحوج ما تكون إلى تحقيق سلام بين العرب وإسرائيل, لأن عدم تحقيق السلام هذا يعرِّض جنود أمريكا في العراق وفي أفغانستان إلى مخاطر جَمَّة باعتراف وزارة الدفاع الأمريكيَّة ذاتها, وأوباما شخصيًّا أحوج ما يكون لإثبات قدرته على فعْل أي شيء مختلف عن الإدارة السابقة, ومع ذلك فالمحصلة حتى الآن سلبيَّة.

 

لا بدَّ أن ندركَ أيضًا أن السلام الذي لم يتحقَّقْ لم يكن ليقوم على خيارات مريحة للعرب والفلسطينيين, لأن أوباما أكَّد على ما وَعَد به بوش وقطعه على نفسه بأن إسرائيل دولة لليهود, وترجمة ذلك مباشرةً هي طرد عرب 1948, وهم 1.5 مليون, فهل تساوي دولة فلسطينيَّة شبه وهميَّة حتى على حدود 1967 طرد 1.5 مليون عربي فلسطيني من داخل فلسطين 1948؟! وحتى إذا نجح أوباما في إقناع نتنياهو لتجميد الاستيطان مدة أخرى طويلة أو قصيرة, فهل ينجح في منْع إسرائيل مثلًا من إخضاع عرب 1948 لما يسمى بقسم الولاء لدولة إسرائيل الذي يعلنه الإسرائيليون كمقابل للعودة لطاولة المفاوضات؟!!

 

هل يتجرَّع الساسة العرب مخدرًا قويًّا أم أنهم فقدوا عقولهم وكرامتهم وعزتهم؟! المسألة واضحة لا لبسَ فيها ولا غموض، أولها ضياع للحقوق وآخرها إهدار للكرامة, ناهيك عن الضباب الذي يحيط بقضية اللاجئين والحدود والقدس والمستوطنات التي أقيمت فعلًا وغيرها.

 

لقد تنفَّسنا الصعداء عندما أعلن محمود عباس قطع المفاوضات، وحسنًا لو فعلها وتخلى عن السلطة, إن أمريكا وأوباما هو من يحتاج إلى استمرار المفاوضات, ونتنياهو والليكود هو من يحتاج إلى المفاوضات أيضًا, أما الفلسطينيون فقد خسروا بالتفاوض أشياء كثيرة أولها الوقت والشوشَرَة على المقاومة والجري وراء السراب، ومع ذلك فإن قمة سرت دعت إلى إعطاء مهلة شهر لعل وعسى!! ولا ندري ما الذي يمكن أن يحدث بعد شهر أو عام, حتى لو أوقف نتنياهو الاستيطان مؤقتًا, فهل سيتمُّ حل مسألة اللاجئين والحدود والقدس وعدم خيانة عرب 1948 بالاعتراف بيهوديَّة إسرائيل؟! أم أن تلك صخور ستتحطم عليها أي مفاوضات؟! ومن ثم تقود للانسحاب أو تنسحب عندما تنتهي مدة وقف الاستيطان ويعود نتنياهو لإطلاق عمليَّة الاستيطان.

 

ثم ما هي البدائل المطروحَة في أكثر الحالات تفاؤلًا بقدرة العرب على فعل شيء, أليس هو الذهاب إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بالاعتراف بدولة للفلسطينين؟ فهل لن تستخدم أمريكا حق الفيتو؟ وهل يمكن تصوُّر قيام دولة فلسطينيَّة على جزء غير قابل للحياة من أراضي الضفة وغزة بدون رضا الإسرائيليين الذين يتواجدون بالجيش والسلاح والحصار جاهزين لإفشال وخنق تلك الدولة؟!

 

إنها بدائل وهميَّة, وكذا البديل الوهمي جدًّا, حول إعلان دولة فلسطينيَّة من طرفٍ واحد, والحصول على الرضا الأمريكي على ذلك, لو كان لأمريكا أن ترضى عن ذلك لكان من باب أولى أن تضغط على إسرائيل للوصول إلى حلّ.

 

والحقيقة أنه لا بديل هناك, سوى دعْم المقاومة وإعلان إفلاس التفاوض نهائيًّا ومبدئيًّا, وأن السلام ليس خيارًا وحيدًا, بل إنه مع حالة إسرائيل وأمريكا ليس خيارًا أصلًا, بل هو وهمٌ, نعم دعم المقاومة أو حتى إنشائها إنشاءًا إن كان لا يعجبكم خط المقاومة الحاليَة, وحشْد كل الطاقات الشعبيَّة وشبه الشعبيَّة, وإذا أمكن الرسميَّة من أجل تلك المقاومة.