خبر الحذاء.. و«يهودية إسرائيل».. و«كارثة المفاوضات» ..علي الطعيمات

الساعة 09:11 ص|16 أكتوبر 2010

الحذاء.. و«يهودية إسرائيل».. و«كارثة المفاوضات» ..علي الطعيمات

مجموعة من ناشطي اليمين الإسرائيلي في تل أبيب أقدموا على رشق ملصق للرئيس الأميركي باراك أوباما بالأحذية والبيض استنكاراً لما يسمى بـ «الضغوط» التي يمارسها من أجل تجميد جزئي جديد لمدة «شهرين» للتوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية المحتلة، مقابل حزمة من الإغراءات الاستراتيجية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي وأبرزها تعزيز التفوق العسكري النوعي على مجموع الدول العربية، ومنع وصول «الدولة الفلسطينية» و«الاستيطان اليهودي» إلى مجلس الأمن الدولي الذي يعتبر خياراً فلسطينياً وعربياً «بديلاً» عن «كارثة المفاوضات» وكأنه وبقراراته الكثيرة التي يتقدمها 242 و338 وقبلهما القرار الأممي 194 الخاص بحق العودة للاجئين الفلسطينيين قد أفاد أو أعاد حقاً من الحقوق العربية والفلسطينية.

 

مفارقة غريبة.. الإسرائيليون الذين يتلقون كل أنواع الحماية لاحتلالهم، ولجرائمهم وعلى رأسها السطو على الأراضي الفلسطينية، وزرعها بالمستوطنات والمستوطنين، وتحويلها إلى مادة للمساومة على الحقوق الفلسطينية، ومدخلا للحصول على «جائزة» لعدوان يونيو 1967، ومكافأة على جرائم القتل والاغتيالات والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من ستة عقود ومصادرة الأراضي وتهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك إلى جانب حصار قطاع غزة الذي يشكل جريمة إنسانية وقانونية بحق أكثر من مليون ونصف المليون نسمة.

 

يقذفون ملصقاً لصورة ساكن البيت الأبيض بارك أوباما وأمام سفارة الولايات المتحدة الأميركية في تل أبيب بالأحذية والبيض.

 

أما العرب الذين لا يتعرضون للضغوط الأميركية فحسب بل وإلى «املاءات مهينة ومذلة، بمن فيهم سلطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية حسب اتفاقات كامب ديفيد التي فتحت «المزاد»، والتي اعترفت بـ «إسرائيل» مقابل اعتراف بمنظمة «التحرير» التي كيفت «ميثاقها» على المقاس الإسرائيلي وناقضت الرواية التاريخية الفلسطينية وأعلنت للعالم الأجنبي، وللأجيال العربية بأن فلسطين المحتلة عام 1948 لم تكن فلسطين، وإنما هي «إسرائيل»، فإنهم يبذلون كل الطاقات ويشحذون الهمم ويتسابقون في سبيل إرضاء البيت الأبيض الذي لا يرضى إلا إذا رضيت دولة الاحتلال الإسرائيلي.

 

وهذه الأخيرة لن ترضى إلا إذا استسلم العرب والفلسطينيون جميعاً لمشيئتها ولإرادتها ولأطماعها لإقامة مشروعها الصهيوني الاستيطاني الاحتلالي الاستعماري، الذي لم يقف عند حدود الاعتراف بـ «إسرائيل»، بل وتتطاول الاعترافات والاشتراطات وتتمدد ولن يكون آخرها «يهودية إسرائيل»، وهو الشرط الذي «قبلته» السلطة ولكن بطريقة التفافية أعلن عنها ياسر عبد ربه وهو ما اعتبره فلسطينيو 1948 بأنه شرعنة للتمييز العنصري ضدهم وينتهك حرمة ذاكرة الضحية الفلسطينية، يبيع حقوق الفلسطينيين في الداخل ويعرضهم للترحيل في إطار ما يسمى «التبادل الجغرافي والسكاني»، ويتنازل عن حقوق اللاجئين في الشتات.

 

فالمشهد الإسرائيلي الذي تعبر عنه هذه المجموعة الإسرائيلية لا يهم أن تكون «يمينية» أم غير ذلك فالمجتمع الإسرائيلي أثبت في كثير من الاستطلاعات بأنه مجتمع معاد للغير بامتياز إلى حد أن حاخامين إسرائيليين افتيا مؤخراً بقتل كل شخص يدين بغير اليهودية ويشكل خطراً على اليهود خاصة الأطفال والرضع، إلى جانب الصمت الأميركي لهذه الإهانة البالغة التي وجهت إلى أوباما في تل أبيب وأمام سفارتهم، في ذات الوقت الذي اصطفت فيه هذه الإدارة إلى الجانب الإسرائيلي في مسألة «يهودية إسرائيل» والتي تعني بالمقام الأساس «شطب» أو «حسم» مسألة اللاجئين وتنكراً للقرار الأممي 194، غير عابئة بالنتائج والانعكاسات الخطيرة على «العملية السلمية» التي تحتكرها.

 

تساؤل لا يخلو من البراءة.. لو أن عرباً ارتكبوا هذه الفعلة كيف سيكون التصرف الأميركي أولاً تجاه الدولة العربية وما هو الثمن الذي كان عليها أن تدفعه طوعاً أو تزلفاً أو إكراهاً.. وما هو مصير «المجموعة».. أو الشخص الذي تلتقطه الكاميرا..

 

صحيفة الوطن القطرية