خبر محللون: بدائل السلطة الفلسطينية في المفاوضات شبه معدومة

الساعة 06:11 ص|15 أكتوبر 2010

محللون: بدائل السلطة الفلسطينية في المفاوضات شبه معدومة

فلسطين اليوم- وكالات

أجمع محللون سياسيون فلسطينيون على صعوبة تطبيق البدائل التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام قمة سرت أخيراً في ليبيا في حال فشل المفاوضات مع الإسرائيليين، والتي تتركز حول رفع الوصاية الأمريكية عن القضية الفلسطينية وإعادتها إلى مجلس الأمن الدولي.

 

وأكدوا في تصريحات متفرقة لـ"العربية.نت" أن هذه البدائل لا تشكل ضغطاً على إسرائيل، لأنها ستصطدم في النهاية بالفيتو الأمريكي، وأن المفاوضات باتت معركة مفروضة على الفلسطينيين وعليهم خوضها والتعامل معها، رغم أن إسرائيل ليست في وارد عقد تسوية مع الفلسطينيين في ظل وجود ائتلاف حكومي يميني ديني علماني يقود الدولة.

 

واقترح عباس أمام لجنة المتابعة العربية في سرت يوم الجمعة الماضي حزمة بدائل في حال استمرار تعثر المفاوضات، وتتضمن دعوة واشنطن إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، أو اللجوء لمجلس الأمن الدولي، ودرس إمكانية تقعيل المادتين 77 و85 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقتين بفرض الوصاية الدولية على الأراضي الفلسطينية.

 

 

خيارات بلا قيمة سياسية

ويقول البروفيسور عبد الستار قاسم، أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس بالضفة الغربية إن السلطة الفلسطنية ليس لديها خيارات بديلة للتفاوض، وشبهها بـ"الغريق الذي يبحث عن قشة، وإن وجدتها فلا يمكن أن تنقذها". وأضاف أن الخيارات التي طرحها أبو مازن أمام قمة سرت "لا تشكل مناورة ولا ورقة ضغط على إسرائيل ولا الولايات المتحدة، وأن المفاوضات مضيعة للوقت، ولا قيمة لها في ظل استمرار التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل".

 

واقترح قاسم أربعة عوامل تساعد السلطة إن أرادت الخروج من "مأزق المفاوضات" مع إسرائيل وهي: استبدال مصادر تمويلها من أوربا وأمريكا، كي تتحرر من حلف الأخيرتين مع إسرئيل، ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل لأنه رفع عن كاهل الاحتلال عبء إدارة الشؤون المدنية للفلسطينيين، وتغيير قواعد التحالفات الحالية للسلطة كي يشعر الطرف الإسرائيلي بقوة المفاوض الفلسطيني، وتوحيد الصف الفلسطيني.

 

ويؤكد في هذا الصدد على ضرورة أن تخرج السلطة من التحالف العربي الأمريكي الذي وصفه بـ"غير المرئي أوالمعلن رسمياً" مع إسرائيل، وأن تدخل في تحالفات مع دول مثل سوريا وإيران، مشدداً على أهمية تشجيع "مقاومة ليست مخترقة وتقودها حركات جديدة محصنة أمنياً"، حسب تعبيره. وأضاف: "لكي يكون لديك تأثير لا بد أن تصنع لنفسك قوة، لأنه إذا كنت ضعيفاً على طاولة المفاوضات لن تحصل على شيء".

 

ويقول قاسم إن "إسرائيل لن توافق على قيام دولة فلسطينية، وأن القيادات الفلسطينية المتعاقبة قدمت تنازلات عدة منذ 1969 إلى الآن. ففي حين كان يعتبر من ينادي بالاعتراف بإسرائيل شخصاً غير مرغوب فيه، أصبحت الآن المؤشرات على استعداد السلطة الفلسطينية للاعتراف بيهودية الدولة أقرب".

 

وللخروج من الأزمة الفلسطينة الحالية سواء على الصعيد الداخلي أو التعامل مع إسرائيل جدد قاسم التأكيد على مقترح سابق له بتشكيل مجلس إداري من شخصيات مهنية وطنية مستقلة، وتكون مهمته الأولى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتولي الملف السياسي بإجماع وطني.

 

 

ضعف المفاوض الفلسطيني

 

إلى ذلك، ذهب الدكتور إبراهيم أبراش، أستاذ الاجتماع والعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة إلى أبعد من ذلك بالقول "إن المفاوضات معركة مفروضة على الفلسطينيين، ولا بد من تدبر كيفية إدارتها، وخوضها بشكل صحيح".

 

وينتقد أبراش، الذي شغل منصب وزير الثقافة في حكومة سلام فياض لمدة سبعة أشهر قبل أن يستقيل عام 2008؛ الإبقاء على فريق فلسطيني واحد للتفاوض مع إسرئيل منذ التسعينات إلى الآن، قائلاً "لا بد من تغيير الفريق المفاوض وتوسيع لجنة المفاضات وتعزيزها بمستشارين وخبراء من دول عربية، لأن عدم تغيير المفاوض الفلسطيني وعدم دعمه بحالة شعبية يعتبران سببان في ضعفه، فالمفاوض الفلسطيني أصبح صفحة مقروءة لدى الإسرائيليين ولم يعد يشكل حالة قوة".

 

ويشير أبراش إلى أن نتنياهو يذهب للمفاوضات متسلحاً بقوى المعارضة التي يستخدمها بقوة على طاولة المفاوضات، في حين أن المفاوض الفلسطيني غير قادر على استخدام ورقة المعارضة الفلسطينية، مما يصعب" مناوراته التفاوضية.

 

ويقول إن بدائل السلطة المطروحة حالياً في حال استمرار تعثر المفاوضات مع إسرائيل "صعبة وليست في متناول اليد، وتحتاج إلى معارك ومواجهات دبلوماسية لا تقل عن معارك المنظمة خلال 18 سنة من المفاوضات". ويصف التوجه إلى مجلس الأمن مثلاً للاعتراف بدولة فلسطينية دون ضمان عدم استخدام الدول الدائمة العضوية حق النقض الفيتو بأنه "مضيعة للوقت ومغامرة خطيرة"، مستبعداً في الوقت نفسه إقدام السلطة الفلسطينية على خطوة مثل هذه.

 

ويؤكد أبراش أن غياب استراتيجية للعمل الوطني الفلسطيني الموحد والتمسك العربي بالسلام باعتباره خياراً استراتيجياً يضعفان أي خيارات أخرى لدى المفاوض الفلسطيني، مما سيُبقى خيار المقاومة مثلاً محاصراً، إلا إذا حدث انقلاب في الموقف العربي.

 

ويوضح أن أهمية التلويح بالذهاب إلى مجلس الأمن "تكمن في تحرير عملية التسوبة من الوصاية الأمريكية، وأن الرئيس أبو مازن يريد توجيه رسالة للإدارة الأمريكية أن وصاياتها على القضية الفلسطينية لم تعد مقبولة، ولابد من إعادتها إلى بعدها الدولي"، متسائلا: "هل تسمح واشنطن أن يخرج الملف من يدها ليتم تداوله في الأمم المتحدة؟".

 

 

نتنياهو و"الحكم الذاتي الموسع"

من جانبه، يقول صالح النعامي، الصحفي والباحث المختص بالشؤون الإسرائيلية، "إن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي هو تحالف متطرف يتكون من اليمين العلماني واليمين الديني، ولديه رؤية سياسية واضحة تتضمن ما يشبه الخطوط الحمر التي تأطر عمله، مثل الإبقاء على المستوطنات الإسرائيلية، وأن القدس خارج إطار أي مفاوضات، ولا حديث عن حق العودة، وأن السيادة الفلسطينية الفعلية على الأرض لا بد أن تكون مقيدة".

 

ويضيف أن أقصى ما يطرحه ائتلاف نتنياهو الحالي هو "حكماً ذاتياً موسعاً أو مطوراً"، بمعنى أن يعطى الفلسطينيون حق إدارة شؤونهم اليومية المدنية في كيان غير متصل جغرافياً، ليس له الحق في عقد الأحلاف ولا السيطرة على الحدود، خصوصاً بين الأردن والضفة الغربية، مستدركاً: "حتى اقتراح الحكم الذاتي الموسع لا توجد مؤشرات فعلية على الأرض لتنفيذه"، حسب تعبيره.

 

ويشير النعامي إلى أن رسالة الضمانات التي سلمتها الإدرة الأمريكية أخيراً إلى إسرائيل تتعهد فيها للأخيرة بالاحتفاظ بغور الأردن تحت سيطرتها، وهو ما يشكل نحو 20% من مساحة أراضي الضفة الغربية، كما تتضمن تطميناً لإسرائيل بتعطيل ذهاب الفلسطينيين إلى مجلس الأمن من أجل الاعتراف بالدولة.

 

وفي ما يتعلق بطرح نتنياهو الأخير المتعلق بتجميد الاستيطان لمدة شهرين بشرط أن يعترف الفلسطينيون بـ"يهودية الدولة الإسرائيلية"، يقول النعامي إن هذا الاقتراح يقضي على حق اللاجئين في العودة للأراضي المحتلة عام 48، ويضمن الحفاظ على التفوق الديمغرافي لصالح إسرائيل، ومنح إسرائيل ضوءاً أخضر لفعل ما تريد بفلسطينيي 48.

 

ويضيف "أن هناك شبه إجماع في أوساط النخب الإعلامية الإسرائيلية على أن ما ينشده نتنياهو فقط هو كسب الوقت"، وحسب النعامي فإن كثيرا من كتاب الأعمدة الإسرائليين في "هآرتس" و"معاريف" و"يديعوت أحرونوت" يؤكدون على أن طرح نتنياهو فكرة يهودية الدولة ما هي إلا لوضع مزيد من العصي في دواليب العملية السياسية، حتى يتم تحميل الفلسطينيين مسؤولية فشل المفاوضات.

 

وحول ما أشيع عن استقالة عباس في حال تواصل تعثر المفاوضات يقول إن الإعلام الإسرائيلي لم يتعاط بشكل جدي معها، لأن هذا السيناريو "يرعب الإسرائيليين" في هذا الوقت تحديداً، "لعدم وجود شخصية فلسطينية مؤهلة يمكن أن تحل مكان أبو ما زن، ولأن تصرفاً مثل هذا يضع إسرائيل في مواجهة تبعات الاحتلال المباشر".

 

وختم النعامي بالقول "إن أغلب الظن هو أن نتنياهو سيُبقى على كسب مزيد من الوقت حتى الانتخابات النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 القادم، فهو ليس لديه استعداد حقيقي لعملية تسوية مع الفلسطينيين".